حالة ارتباك وقلق في ردود الأفعال حول دعوات للوحدة بين الأقطار الخليجية أطلقها مفكر كويتي، فالبعض سحب تصريحاته المضادة بعنف للفكرة، وآخرين خففوا إندفاعة حماستهم، لكن الأهم أن تصريحات النفيسي كانت الشغل الشاغل في الأوان الأخير، وهو ما دفع quot;إيلافquot; الى اختيار آراء مهمة مضادة ومؤيدة لكنها واضحة، لشخصيات كويتية بارزة.

الكويت: لا تزال المحاضرة الساخنة التي ألقاها قبل نحو أسبوعين المفكر السياسي الكويتي الدكتور عبدالله النفيسي تثير توابع الأسئلة، وردات الفعل في الداخل الكويتي، بعد أن دعا صراحة الى صيغة سياسية وحدوية بين الأقطار الخليجية، تضمن عدم زوالها مستقبلا، وأن تكون العاصمة السياسية هي المدينة المنورة في المملكة العربية السعودية، متوقعا زوال أغلب الكيانات السياسية في الإقليم الخليجي، وبقاء السعودية واليمن وعمان، وبين مؤيد ومعارض لما دعا إليه المفكر الكويتي النفيسي.

فتعليقا على الفكرة يرى النائب الدكتور علي العمير أنه يؤيد أي أفكار تدعو لتوحيد الجهود الخليجية وتنسيقها وإزالة الفوارق والعقبات فيما بينها، وبين الكويت والسعودية بشكل خاص، مؤكداً أن ذلك من شأنه أن يعود على جموع مواطني الخليج بالنفع.

وقال إن الاندماج بات أمرا محسوما تقدم عليه كبريات دول العالم، معربا عن استيائه من تخلف دول مجلس التعاون الخليجي عن هذا الركب منذ سنوات عديدة مضت، حيث العملة المتفرقة والحدود الرسمية.

وتحفظ العمير على فكرة الاندماج التام بين دول الخليج مؤكدا أن عوائق عديدة تحول دون إتمام ذلك أهمها الخصوصية السياسية والاقتصادية لكل دولة والتي لا يمكن تغييرها إلا وفق آليات تحتاج إلى الوقت الطويل، لذا أستبعد فكرة التوحد الكامل، مؤكدا أن على كل دولة الاحتفاظ بخصوصيتها.

الإتحاد العسكري
ومن جانبه، دعا المحلل السياسي الكويتي سامي النصف في حديث لـquot;إيلافquot;: إلى عدم التعجل في هذا الأمر، مؤكدا أن تجارب العرب في تلك القضايا ليست مشجعة على المطلق، ولها العديد من الأشكال السيئة.

وقال: ادعم إقامة نظام فيدرالي يكون من خلاله الاتحاد العسكري هو الأبرز لاستغلال طاقات كل دول الخليج لمواجهة اى من الأخطار التي من الممكن أن ترصد المنطقة. وأضاف أن هناك حتمية لوجود منظومة عسكرية خليجية على أهبة الاستعداد للذود عن الاراضى الخليجية حال تعرضها لاى عدوان.

وتابع النصف أنه لكي تتحقق الوحدة الخليجية في اجمل صورها لابد من التروي والعمل المرحلي المتدرج، وذلك يعزى إلى أن دول الخليج تتميز بتباين تصل درجته إلى 180 في أنظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لذا فحال تطبيق التوحد التام ستتولد إشكالية كبرى فأي النظم ستتبع آنذاك ، في وقت قد لا تنسحب فيه سياسة دولة على مواطني الدولة الأخرى والعكس.

وحذر النصف من عدم الاستفادة من تجارب الأنظمة الفيدرالية في العالم ، مشيرا الى ضرورة البدء من الآن باتخاذ خطوات تمهيدية لفكرة الاندماج ، مثل التوحد في النظم العسكرية والتعليمية والاقتصادية شيئا فشيئا ، ملوحا بتجربة دول شرق أسيا التي تباع للمستثمرين كأنها وحدة واحدة .

مصداقية النفيسي

وفي تعليق على كلام النفيسي نفسه قال أن النصف أن المصادر التي يعتمد عليها النفيسي بشكل عام، فيها شك ولبس كبير، شارحا بأن معلوماته حول زوال الكيانات الخليجية كان قد نشرها في عام 1991 عبر مصدر يدعى أنتوني كوتسمان وهو مفكر عالمي مرموق، سبق وأن التقيته في الكويت، وسألته بشأن ما نقله النفيسي عنه فنفى لي ذلك نفيا قاطعا، بل وتحدى النفيسي بأن يثبت أنه قال يوم هذا الكلام.

وقال النصف أن النفيسي عاود ذكر نفس المعلومة ولكن لإضفاء المصداقية على خطابه اعتمد على مصدر يدعى آرون كاتز، ولدى قيامي كأي إنسان عادي بالبحث عن هذا المصدر في شبكات البحث على الإنترنت، اكتشفت أن هذا الإسم يعود لطبيب مسالك بولية في جامعة كولومبيا، وإسم آخر لممثل مغمور، رغم أن النفيسي قال بأن هذا الإسم يعود لأستاذ في العلوم السياسية.

وحدة لابد منها

من جهته يرى الوزير الكويتي والإعلامي سعد بن طفلة العجمي أن الوحدة بين الأقطار الخليجية بصرف النظر عن أي ندوات أو دعوات تبقى مطلوبة ولابد منها إن اليوم أو مستقبلا، فالوحدة العربية بشكل أساس مطلوبة هي الأخرى، وإذا لم نتمكن منها فليكن لدينا أقله في المنطقة الخليجية وحدة تستطيع مواجهة الأخطار والتعاطي معها.

الإتحاد الخليجي

ومن ناحيته أيد النائب الدكتور وليد الطبطبائي دعوة الدكتور النفيسى لوحدة خليجية، مطالبا بأهمية أن تندمج دول مجلس التعاون في كيان سياسي موحد. وقال: لقد آن الأوان لكي تتمتع دول مجلس التعاون بنظام موحد وعملة واحدة شريطة عدم المساس بالأنظمة الداخلية لكل دولة.

من ناحيته أكد النائب هايف المطيرى أن من يهمه أمن الخليج عليه أن يسعى لمؤازرة تلك الفكرة ، لان أيما دول اختفت من على الخريطة جراء التقسيمات وعدم النظرة الواقعية إلى الأمور ، فكل ينظر لدولته الصغيرة وكأنها عظمى لا تحتاج لاى من يساعدها في كيانها واستقلالها وآمنها واقتصادها.

وقال هايف: الأخطار تحيط بدول الخليج من كل جانب وهناك خوف على مستقبلها حال بقائها على هذا الشكل ، مشيرا إلى ضرورة الاتحاد الخليجي على الأقل على الصعيد الأمني والعسكري لرفع مستواها ومكانتها لدى العالم.

وأضاف انه على الرغم من وجود دول كبيرة مختلفة عن بعضها فى عناصر اللغة والدين والعملة الا أنها استطاعت التغلب على التحديات، وكونت اتحاد فيدرالى شهد له العالم كله بالنجاح. ومجلس التعاون الخليجي بصغر دوله وتقاربها فى الدين واللغة والعادات والتقاليد يفشل حتى الآن فى الوصول إلى اى من أشكال ذلك الاتحاد ، مشيرا الى أن الخليج أولى بذلك الانصهار لكونه يمثل شعبا واحدا.

منظومة اقتصادية

من جهته، رحب النائب حسين الحريتي بفكرة إيجاد فيدرالية خليجية على غرار دول الاتحاد الأوروبي، مطالباً بتفعيل النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي. وأشار إلى أن الوقت قد حان لتفعيل إجراءات الاتحاد الخليجي من خلال إيجاد منظومة اقتصادية تجمع دول المجلس.

إلغاء المراكز الحدودية

ورحب أمين عام حركة العدالة والتنمية رئيس جمعية تنمية الديمقراطية الدكتور ناصر العبدلى بأي فكرة تؤدى إلى التوحد سواء على الصعيد الخليجي أو على صعيد العالم العربي. وقال: نحن نرتبط إلى حد كبير بالمشروع القومي العربي وكان من أهم أمنياتنا وأهدافنا في الفترة السابقة أن يكون بين دول العالم العربي وحدة سواء كانت اندماجية أو دستورية كونفدرالية ، لتوحيد الرؤية المصيرية المشتركة.

لكن طالما الحلم أصبح بعيد المنال فلتكن نواته وحدة دول الخليج التي لديها من المقومات ما يؤهلها لنجاح وحدتها، وليس شرطا أن تكون اندماجية للتنازل كل دولة عن سيادتها و حدودها ونظام حكمها، مشيرا الى نجاح الاتحاد الماليزى واعتباره نموذجا لنا، ففيه عدة ولايات لكل منها سلطان يحكمها وحكومة واحدة ومؤسسات سياسية واحدة وبرلمان واحد.

السيادة الكويتية

وعلى الوجه الأخر رفض النائب علي الراشد فكرة التوحد، مؤكدا أن الكويت دولة مستقلة ومتميزة دائما في عطائها وديمقراطيتها وسياساتها. وقال الراشد: نتمسك باستقلالية وطننا الذي يعتبر نبراسا للديموقراطية والحريات ونحن دولة ذات سيادة ولا نقبل بأن نكون جزءا من دولة كبيرة أو مجرد دويلة.

وسار النائب حسين القلاف على نفس وتيرة الرفض قائلا إن الشعب هو من سيتصدى لأي من يدعو إلى هذه الدعاوى التي يدعمها بعض أصحاب الأجندات الخاصة. وقال النائب عدنان المطوع: الكويت حرة ذات سيادة واستقلال، ونحن رغم علاقتنا الجيدة بكل دول مجلس التعاون إلا أننا لن نستطيع التفريط في شبر واحد من أرضنا، رافضا فكرة الانضمام لأي كيان آخر.

لا للوحدة

وبلهجة شديدة أكد وكيل المرجعيات الدينية في الكويت السيد باقر المهري أن الحديث عن التوحد الخليجي أمر غاية في الخطورة ومخالف للمادة الأولى من الدستور التي تنص على أن الكويت دولة عربية ذات سيادة تامة ولا يجوز النزول عن سيادتها والتخلي عن أي جزء من أراضيها وشعب الكويت جزء من الأمة العربية.