باتت صناعة الأدوية العشبية من دون ترخيص في دولة الامارات العربية المتحدة تجارة رائجة بين عدد كبير من أصحاب محلات الاعشاب والعطارة ممن يدعون أنهم متخصصون في الطب البديل دون الحصول على مؤهل علمي أو ترخيص بمزاولة تلك المهنة التي أصبحت مدرجة ضمن قوائم التخصّصات الطبيّة في منظمة الصحّة العالميّة، ممّا يعرّض مستخدمي تلك الادوية لمضاعفات طبيّة قد لا تحمد عقباها، خصوصًا بين أصحاب الأمراض المزمنة.

وكانت وزارة الصحة الإماراتية، قد كشفت الأسبوع الماضي عن أحدث واقعة غش دوائي جديدة بطلها صاحب أحد محال بيع الأعشاب في دبي، الذي يدعي أنه متخصص في الطب البديل، ولديه القدرة على إنهاء معاناة مرضي السكري بواسطة عقار طبي يشفي تمامًا من المرض، عبارة عن علبة تحتوي على عدد من الحبوب تباع بمبلغ 500 درهم، ونظرًا لزيادة الطلب على العقار المزيف من داخل الدولة وخارجها، خصوصًا من بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي أملاً في إنهاء معاناتهم مع ذلك المرض، وبعد الكشف علي العقار بسجلات الادوية العشبية بوزارة الصحة ثبت أنه غير مسجل بالوزارة ومن ثم فهو غير مصرح له بالتداول في الأسواق، لعدم حصوله على الترخيص من قبل أي جهة في الدولة .

الاخطر من ذلك ما أسفرت عنه نتائج التحاليل التي أجريت علي ذلك العقار المزيف بمعامل وزارة الصحة والتي اثبتت أن استخدام ذلك العقار يمكن أن يؤدي إلى هبوط حاد في نسبة السكر في الجسم عند عدد كبير من مرضي السكري لكونه يحتوي على مزيج من مواد فعالة مجهولة المصدر ممزوجة بمجموعة من الأعشاب الطبية .

وعن ردّ الفعل الرسمي تجاه تلك الظاهرة التي اصبحت تهدد حياة الكثير من المرضىخصوصًا ممن يعانون من امراض مزمنة، كشف الدكتور أمين الأميري المدير التنفيذي لشؤون الممارسات الطبية والتراخيص بوزارة الصحة الاماراتية في تصريح خاص لـ quot;إيلافquot; عن قيام الوزارة أخيرًا بإغلاق ما يزيد عن 7 شركات متخصّصة في بيع الأعشاب الطبيّة بعدد من إمارات الدولة، بعد ثبوت تجاوزها الأخلاقي في مهنة الطب، نظرًا لقيامها بتصنيع أدوية لا تخضع لأي معايير علمية، تدعي من خلالها علاج أمراض خطرة، غير ان استخدامها تسبب في مضاعفات صحية لعدد من المرضى الذين قاموا باستخدامها ، نظرًا لتصنيع تلك الادوية بشكل بدائي بعد مزجها بمواد كيميائية غير معلومة المصدر، مؤكدًا أنه لا يمكن إعتبار الأدوية العشبية مأمونة لمجرد أنها طبيعية، إذ إن تعاطيها من دون استشارات طبية قد يسبب مشكلات صحية خطرة، حيث تتألف تلك الأدوية العشبية من مكونات متعددة فعالة، تعمل على أجهزة الجسم المختلفة، لذلك لا بد من إستعمالها بالحذر نفسه المتبع أثناء استعمال الأدوية الأخرى، مشيرًا إلى ضرورة التأكد عند استعمال الادوية العشبية أنها مصنعة بوساطة جهات معترف بها وأن تكون حاصلة على ترخيص سواء من داخل الدولةأو خارجها، وعدم الإنسياق خلف بائعي الوهم من تجار الأعشاب الذين يستغلون أمل المرضى في الشفاء، خصوصًا من الامراض المزمنة كالسكري وامراض الكبد مما يدفعهم لشراء تلك الادوية المزيفة التي تباع للاسف بأسعار خيالية دون أن يدري هؤلاء المرضى انهم يشترون الوهم.

وذكر المدير التنفيذي لشؤون الممارسات الطبية والتراخيص بوزارة الصحة الاماراتية أن الوزارة مسجل لديها 450 عقارًا عشبيًّا مستمدًا من مصادر طبيعية من بين أكثر من 8400 عقار ومستحضر طبي متداول في الدولة، موضحًا أنه تم وضع آلية لاعتماد قوائم المستحضرات التي يسمح ببيعها في محلات السوبر ماركت، مع التأكيد على ضرورة تحديثها بشكل دوري كل ثلاثة أشهر.

و أكد الدكتور أمين الأميري أن تداول الأدوية العشبية في الدولة يخضع لإشراف ورقابة علمية من وزارة الصحة، حيث تمكنت الوزارة أخيرًا من إتخاذ العديد من الإجراءات لتنظيم ذلك المجال، كان آخرها تشكيل لجنة عليا بالدولة متخصصة في دراسة الأدوية العشبية مهمتها تنظيم العمل بتلك النوعية من الأدوية، وفقًا لشروط ولوائح محددة، وهم اختصاصيون مؤهلون على دراية كبيرة وخبرة وافية بأنواع هذه الأدوية وأصنافها ومصادرها ومشتقاتها العلمية، الى جانب تشكيل لجنة اخرى بوزارة الصحة مهمتها تقييم شهادات ممارسي الطب العام والأخصائيين في مجال الطب البديل والتكميلي وفقًا للقرار الوزاري رقم 514 لسنة 2010 ، لضمان سلامة الممارسات في هذا المجال والتأكد من مدى صلاحية ممارسي المهنة للقيام بدورهم بشكل علمي ووفق الأسس والقواعد المتعارف عليها، ونعمل حاليًا على بحث سبل الارتقاء بنظام تقييم الفئات المذكورة بحيث تكون متوافقة مع أحدث النظم وتستطيع التعرف على نقاط الضعف والقوة في الأشخاص المتقدمين للحصول على تقييم ومن ثم ترخيص لمزاولة المهنة في الدولة.

وفي سياق متصل شهدت دبي انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتنظيم الأعشاب وممارسة الطب البديل والتكميلي الذي تم تنظيمة من قبل وزارة الصحة الاماراتية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لاول مرة بدولة عربية بمشاركة ممثلين من 23 دولة من مختلف دول العام، لمناقشة المواضيع المتعلقة بطب الأعشاب وممارسة الطب البديل والتكميلي، وتنظيم وتسجيل الأدوية العشبية، ومعايير وشروط ومقاييس موحدة لممارسة هذا النشاط.