أثيرتقضية المخالفات المرورية بشدة خلال هذه الأيام في العاصمة البريطانية لندن وخاصة تلك التي يقترفها الدبلوماسيون الأجانب، والتي فاقت كل التوقعات، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل يتهرب الدبلوماسيون ويفلتون من العقاب بفضل حصاناتهم التي تحميهم من تطبيق القانون عليهم.

تقول بعض الإحصاءات إن المخالفات المرورية غير المدفوعة للدبلوماسيين الأجانب في المملكة المتحدة تصل إلى اكثر من 10 ملايين جنيه إسترليني تتمثل في غرامات وقوف السيارات ورسوم الازدحام في لندن.

و كشفت الحكومة البريطانية أن السفارة الأميركية في لندن مدينة لها بحوالى أربعة ملايين جنيه إسترليني في شكل غرامات مرورية تهرب دبلوماسيوها من دفعها.

و في تقرير أدلى به وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ لبرلمان بلاده بشأن ما أسمته صحيفة ذي غارديان بالجرائم الدبلوماسية، ذكر أن إجمالي الغرامات غير المدفوعة التي تكبدها أفراد البعثة الدبلوماسية الأميركية قاربت 4 ملايين جنيه استرليني و بلغت تحديدا 3 ملايين و821 ألفا و880 جنيها استرلينيا وذلك منذ فرض رسوم على قيادة السيارات في الشوارع الشديدة الازدحام.

واعتبرت الصحيفة أن تهرب السفارة الأميركية من دفع الغرامات يجعل من الولايات المتحدة أكبر مخالف للقوانين البريطانية.

وحقق العاملون في البعثة الدبلوماسية الأميركية التي تسير في شوارع مكتظة في كثير من الأحيان في وسط لندن 35602 مخالفة بسبب عدم قيامهم بدفع رسوم الازدحام المقدرة ب 8 جنيهات استرلينية. وذلك في المنطقة الممتدة من كنسينغتون في لندن في الغرب وحتى جسر برج في الشرق.

والجدير بالذكر أن هناك 25 ألفا من العاملين في البعثات الدبلوماسية الأجنبية وأفراد عائلاتهم في بريطانيا يتمتعون بحصانة دبلوماسية. وقالت الصحيفة إن معظم المخالفات التي ارتكبها الدبلوماسيون الأجانب وأفراد عائلاتهم في السنوات السبع الماضية تراوحت بين سرقة معروضات في المتاجر والقيادة تحت تأثير الكحول والسرقة والاتجار بالبشر.

ووصفت هؤلاء الدبلوماسيين ومعيليهم بالمجموعة التي تنعم بالامتيازات، ذلك لأنهم يفلتون من دفع الغرامات والرسوم بدلا من أن يخضعوا لطائلة القانون البريطاني.

ويأتي تشدد الحكومة البريطانية هذه المرة مع الدبلوماسيين الأجانب الذين خالفوا قوانين المرور و أهملوا دفع رسوم الازدحام ورسوم وقوف سياراتهم في بعض الأماكن، وذلك في ظل الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة التي أهملت رسوم الازدحام ورسوم وقوف السيارات.

و منذ تطبيق تلك المخالفات المرورية في عام 2003، فقد وصل مجموع الغرامات غير المسددة لجميع البعثات الدبلوماسية في لندن إلى 36 مليون جنيه إسترليني.

و تقول السلطات البريطانية إن ما يدفعه قائدو المركبات هي رسوم مقابل الخدمة التي يحصل عليها الجميع في حين ترى الولايات المتحدة أنها ضريبة وان الدبلوماسيين يتمتعون بإعفاء من الضرائب.

ومن جهتها كتبت وزارة الخارجية لجميع البعثات الدبلوماسية الأجنبية في مارس الماضي لطلب أي أموال مستحقة عن وقوف السيارات غير القانونية والمخالفات المرورية البسيطة ، ناهيك عن رسوم الازدحام والغرامات، ولم يدفع من هؤلاء الدبلوماسيين الا عدد قليل. ونتيجة لذلك بلغت المدفوعات اللاحقة 7760 جنيها استرلينيا، و لا يزال هناك ما يقدر ب 526300 جنيه استرليني من الغرامات غير المدفوعة لعام 2009، وقالت وزارة الخارجية ان الحكومة تبحث عن أي وفورات إضافية أو دخل يمكنها من الحفاظ على تخفيض التكاليف، في الوقت الذي تسعى فيه الى خفض العجز في الميزانية المقدر بنحو 150 مليار جنيه ، أو 11 % من الناتج القومي الاجمالي، ما يدفع الحكومة البريطانية الى أن تستثمر جميع الأرباح التي تحصل عليها من رسم الازدحام.

ولكن المشكلة التي تواجهها الحكومة البريطانية هي أن حصانة الدبلوماسيين الأجانب ستمكنهم من الإفلات، ما يعرقل عملية تحصيل تلك الرسوم من الدبلوماسيين.

ويسعى مجلس الأمن إلى إقناع البعثات الدبلوماسية على التقيد بأحكام اتفاقية فيينا ، التي تقول إنه على الرغم من تمتع ممثلي البعثات الأجنبية بالحصانة الدبلوماسية إلا أن عليهم الانصياع لقوانين البلد التي يعيشون فيها.

وأوضح المستشار البريطاني داني تشايلكي ، عضو مجلس الوزراء للبيئة والنقل: quot;أنه ينبغي على جميع سائقي السيارات الذين يخالفون قوانين السير أن يخضعوا للعقوبات نفسها، بغض النظر عن جنسيتهم أو المسمى الوظيفي لهمquot;.

وكشفت لندن أمس الثلاثاء أن أكثر من 40 مليون يورو من الضرائب المستحقة، إضافة إلى اعتداءات وعمليات اتجار بالأفراد وتهديدات بالقتل، علاوة على آلاف الجنح والجرائم ارتكبها 25 الف دبلوماسي يعيشون في بريطانيا وتمكنوا من الافلات من العقاب بفضل حصانتهم.

وفي 2009 صدرت حوالى خمسة آلاف مخالفة بحق موظفين في سفارات وهيئات دولية أي ما يشكل أكثر من 530 ألف جنيه استرليني أي ما يعادل (650 الف يورو). لكن 1.5% فقط من قيمة هذا المبلغ سدد بحسب وزارة الخارجية البريطانية.

أما بشأن ضريبة مكافحة ازدحام السير التي تفرض على كل سيارة تتجول في وسط لندن quot;دفع ثمانية جنيهاتquot;، فان المبالغ المستحقة منذ 2003 بلغت 36 مليون جنيه (44 مليون يورو). وعلى السفارة الأميركيةوحدها أن تسدد أربعة ملايين جنيه.

لكن الأمر لا يتوقف على المخالفات غير المدفوعة إذ إن عاملين في السفارة السعودية اتهموا بالعنف المنزلي والقيادة في حالة سكر وتهريب الافراد واعتداءات جنسية، كما اتهم دبلوماسي مصري بالسرقة وآخر باكستاني بالتهديد بالقتل وكاميروني بالتخلي عن ابنائه وبحريني بالقيادة في حالة سكر من دون بوليصة تأمين.

وفي 2009 أخطرت وزارة الخارجية البريطانية ب17 جريمة او جنحة quot;خطرةquot; تعرض مرتكبها لعقوبة السجن لمدة عام او اكثر بدءا بالقيادة في حالة سكر الى الاعتداء الجنسي. وفي 2008 سجلت 10 حالات quot;خطرةquot; في مقابل 20 في 2007 و15 في 2006 بحسب الوزارة.

وقالت جيني جونز من حزب الخضر quot;من المضحك ان يفلت هذا العدد الكبير من الاشخاص من العقاب على هذا الكم من الجرائمquot;.

وفي عام 2008 ذكرت تقارير بريطانية ان دبلوماسيا سعوديا في لندن حصل على 182 مخالفة وقوف خاطئ بقيمة 15 الف جنيه ( حوالي 83500 ريال سعودي)، مشيرة الى انه quot;رفض دفعهاquot;. واحتل الدبلوماسيون السودانيون المرتبة الأولى في قائمة المخالفين للنظام والرافضين لدفع الغرامات المالية المترتبة على مخالفاتهم في لندن ، حيث حصلوا على ما مجموعه 811 مخالفة سير بقيمة 80 ألف جنيه استرليني.

و أضاف المتحدث أن المخالفات التي يرتكبها الدبلوماسيون متنوعة، منها الوقوف في أماكن ممنوع الوقوف فيها، أو الوقوف في أماكن ينبغي دفع الرسوم مقابل الوقوف فيها، أو الدخول إلى منطقة وسط لندن المحظور على السيارات دخولها من دون دفع رسم الدخول اليومي إلى جانب مخالفات أخرى متنوعة.

وكانت صحيفة quot;ديلي تليغرافquot; قد أوضحت في عام 2008 أن دبلوماسيي السودان ومصر والسعودية هم الأسوأ في مجال المخالفة المرورية في لندن.