الأحياء الفقيرة - خاص إيلاف |
في الوقت الذي تواجه الأطراف السياسية اليوم في لبنان إنقساماً سياسياً حول قضية اللاجئين الفلسطينيين من قبل المسلمين والمسيحيين حول إعطاء الاجئيين كافة حقوقهم والتي برأيهم تؤدي إلى التوطين، استطلعت إيلاف آراء عدد من الفلسطينيين ناقلة الواقع الصعب الذي يعيشون فيه.
quot;أتينا إلى لبنان مدركين أنها بلد آمنة، لا حروب فيها، فترة قصيرة من الزمن و نعود إلى أرضنا، جئنا سيراً من حدود فلسطين إلى مناطق جنوب لبنان، إلى حين إنشاء مخيمات للفلسطينيين، والذي يحظى بعمل داخل هذه المخيمات، بإمكانه أن يجلب قوت يومه، غير ذلك، إما أن يبقى عاطلاً عن العمل أو أن يعيش شقاء العمل خارجه، براتب يكفيه وحدهquot;. عبرت أم ربيع (72 عاماً)، عن الحالة العامة التي يعيشونها في مخيم برج البراجنة، منذ ترحيلها عن أرضها عام 1948. لا كهرباء في بيتها، تجلس طوال النهار على كرسي أمام باب دارها، علّها تنعم بنور الشمس التي اعتبرت أنها لا تميز بين لبناني ولاجئ فلسطيني في الحصول على ضوئها و دفئها.
أحياء يصعب المرور بين أزقتها من شدة وعورة الأرض، وضيق الطرقات، والرائحة الكرهة التي تنبعث منها. يحاولون إخفاء سعادتهم الجامحة حين يرون أن أحداً يريد سماعهم، أو يأخذ صوراً لهم. ينده هيثم لرفاقه الذين كانوا يلعبون كرة القدم على الطريق المجاور، ليأخذوا صورة جماعية، و quot;يتمنون منا أن ننشرها في الإعلام، ليعرف الناس أنهم ماهرون في اللعبquot;.
أسلاك الكهرباء في الشارع - خاص إيلاف |
عبّر سامر عبد الرازق، والد هيثم، عن حزنه حين يرى أولاده يلعبون في فسحة ضيّقة لا تتسع لأكثر من ثلاثة لاعبين quot;نريد ملاعب واسعة لأولادنا، يمضون صيفيتهم على هذا الحال، أخاف أن أرسلهم إلى مكان خارج المخيم كي لا يؤذيهم أحدquot;. يقاطعه جاره قائلاً quot; لماذا نقف عند أشياء يمكننا غض النظر عنها، لنتحدّث عن أبسط الأشياء التي حرمنا منها في المخيم، إذ أنه منذ فترة منعنا أن ندخل أي شيء من خارج المخيّم إلى داخله، حجارة كانت، تراب أو إسمنت، و ذلك بهدف إصلاح البيوت والمحال التي يهدد بعضها بالهبوط. ولكن إذا قدمنا المال لبعض رجال قوى الأمن الذين يحرسون المخيم، يسمحون لنا بإدخالهاquot; كما يزعم. وتابع quot; فيما يتعلق بالكهرباء نطالب الدولة اللبنانية بأن تصلح لنا الأسلاك الكهربائية الممتدة بين البيوت وعلى الطرقات غير الآمنة، إذ توفي ثلاثة أشخاص في الشتاء الماضي جراء أسلاك الكهرباء في الشارع.quot;
و يكمل عبد الرازق quot; أنا أحمل دبلوم المحاسبة، واليوم أعمل في دكان صغير، لا يحق لي العمل بشهادتي، وإذا كان ذلك، فالراتب لا يكفي لي و لعائلتي.quot; يتعقب وائل الهابط الحديث، والذي يسكن في البيت المقابل، إذ أن البيوت كلها لا تفرق لشدة التصاقها ببعضها quot;أحمل إجازة في المعلوماتية، واليوم لدي باص لنقل طلاب المدارس، بالإضافة لعملي كسائق عمومي في موسم الصيف، حصلت على اللوحة الحمراء منذ فترة كي أستطيع مزاولة مهنتي، و لكنني لا أستطيع الحصول على دفتر قيادة كوني لا يحق لي تملك هذا الباصquot;. وأضاف quot; هذه المشكلة واجهت إبني كذلك، درس العلاج الفيزيائي، و لكنه لم يجد عمل براتب أكثر من مئتين وخمسين ألف ليرة لبنانية، واليوم يدرس إختصاص آخر عله يحالفه الحظ فيهquot;.
الشوارع المقتظة - خاص إيلاف |
تواجه الأطراف السياسية اليوم في لبنان إنقساماً سياسياً حول قضية اللاجئين الفلسطينيين من قبل المسلمين والمسيحيين حول إعطاء الاجئيين كافة حقوقهم والتي برأيهم تؤدي إلى التوطين. فالمسيحيون يستندون إلى أسباب تاريخية في رفضهم لنص القانون الذي قدمته قوى 14 آذار، بإعتبارهم أنه يؤدي إلى التوطين، وهي تعود إلى فترة السبعينات، أي الحرب الأهلية.
و أبرز ما يطالبه اللاجؤن الفلسطينيون اليوم، الحق في العمل والتملك والإستفادة من خدمات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. فانقسمت الآراء السياسية حولها، حيث تمكن نواب 14 آذار التابعين لكل من تيار quot;المستقبلquot; و القوات اللبنانية إنجاز ما تم اقتراحه في نص القانون الذي كان مشابهاً لما قدمه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط و ذلك بالسماح للاجئين الفلسطينيين بالعمل داخل الأراضي اللبنانية بكل الوظائف التي تحق للأجانب. و من جهته، جال نائب تيار quot;المسقبلquot; نهاد المشنوق على كافة الأطراف السياسية وعرض عليهم مشروع القانون الذي اعتبر أن بتطبيقه يخفف من حدة التوتر داخل المخيمات و يحل أزمة البؤس التي تعانيها. من جهة أخرى أكدت جهات سياسية في حزب الله أن هذا الاقتراح إنساني بحت لما يعانيه اللاجئون الفلسطينيون وحقوقهم الإنسانية، ولذلك يجب السير فيه على أساس القوانين المقدمة.
غياب الصيدليات - خاص إيلاف |
يقيم في لبنان أكثر من 400 ألف فلسطيني مسجلين في وكالة الأونروا منتشرين في 12 مخيماً ذات كثافة سكانية عالية، وموزعين على مختلف المناطق. ويشار إلى أن هؤلاء اللاجئين يعيشون في ظروف سيئة جداً ولا يملكون حق العمل أو التملك. و لا يحق للفلسطينيين الدخول على كافة المستشفيات في لبنان فالتي تتعلق بالحكومة اللبنانية يجب أو يؤخذ الإذن من الأونروا قبل الدخول إليها.
حين تتابع السير في أحياء المخيم، محاولاً استنباط ما يختزنونه من مطالب، يلاقيك دفع قوي منهم في التعبير عن كل ما حرموا منه. يتردد أحمد يعقوب، الشاب العشريني، في التكلم عن تقصير المسؤولين الفلسطينيين، ذوي القيادات العليا، في تلبية إحتياجات المخيم. quot;تصلنا إعاشات كثيرة، و لكن لا نرى منها سوى القليل، تنعم بها بعض البيوت، و البعض الآخر يحرم منها بحجة وجود أولاد تخطوا سن الثامنة عشر، أي باستطاعتهم العمل، و لكن أي عمل يستقبلهم اليوم كونهم لاجئين، و زد على ذلك، لم يحصلوا على شهادة جامعية بعد.quot; أما بالنسبة للكهرباء، ففي وضح النهار، معظم طرقات المخيم مظلمة، مغلقة الأسقف، لا إنارات فيها. تدخل البيوت، لا يحتمل الجلوس فيها من شدة الحر، إذ لا يوجد أجهزة تكييف، أهالي المخيم يقضون معظم وقتهم أمام باب المنزل، لأن البيوت لا تحتمل في الصيف. و إذا شاء الحظ لأحدهم و اشترى مبرداً، فلن تكتمل فرحته، لأن الكهرباء لا تزورهم سوى بضع ساعات في اليوم.
الملعب الوحيد - خاص إيلاف |
من الملاحظ في مخيم برج البراجنة، قلة وجود الصيدليات، إذ يوجد على الأكثر اثنتين أو ثلاثة.
يعمل سامر عبد المجيد، مساعد صيدلي، في احدى هذه الصيدليات منذ خمسة عشر عاماً. ولكن الأمر اللافت في تلك الصيدلية، هو أن الأدوية تعطى دون وصفة طبية، و تباع بسعر أقل من الخارج. حين سألنا عن مصدر الأدوية أجاب عبد المجيد quot;يتم الحصول على الأدوية من مستودعات خاصة، لا علاقة للأونوروا بهاquot;. وتابع حديثه عن المطالب الخاصة بمهمنته، والتي يريدها أن تطبق في لبنان، منها إنشاء نقابة خاصة للفلسطينيين تعنى بالأطباء والصيدليين، كي تدافع عن مصالحم وتسمح لهم بإنشاء صيدليات خارج المخيم.
وكانوا كلما سمعوا بفكرة التوطين انتفضوا جميعاً، معتبرين أن هذا الأمر لن يحصل أبداً حتى لو وافقوا عليه، إذ عبّر كمال الأشوح، الشاب الفلسطيني، عنها منفعلاً quot;نحن لا نريد التوطين، نريد حقوقنا كبشر فقط لا غير، الأنوروا تقدم لنا مساعدات طفيفة، لا تتعلق إلا بالطبابة، نحن ندفع النصف و هم يتكفلون بالنصف الآخر، وهذا يرجع إلى quot;الواسطةquot; لديهم، كلما دفعنا لهم أكثر، كلما كانت أمورنا ميسرة أكثر. وفيما يخص التعليم التابع للأنوروا فلا يعد تعليماً، إذ لا يوجد نظام في المدارس، والمعلمين لا يتمتعون بالكفائة اللازمةquot;. إختصاراً قالت أم ربيع quot;لو حاولوا وضع ما شاؤوه من قوانين ومن وعود لن يحصل إلا ما تأمره إسرائيلquot;.
وفي مؤتمر صحافي عقدته معتمدية فلسطين في الحزب القومي السوري الإجتماعي في نقابة الصحافة اللبنانية الشهر الماضي، أعلنت خلاله إقتراح مشروع قانون حول quot;الحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين إلى لبنانquot;.
بطاقة لاجئ فلسطيني - خاص إيلاف |
أشار مسؤول حركة فتح في لبنان فتحي ابو العردات خلال المؤتمر أنه quot; يوم قامت اللجنة الوزارية النيابية بزيارة المخيمات، كاد بعض أعضائها أن يبكوا، عندما شاهدوا المآسي داخل مخيمات البرج وعين الحلوة وغيرها، حيث هناك بشر يعيشون في ظروف مأساوية، كل عشرة أشخاص في غرفة لا تدخلها الشمس. ويومها تقدم النواب بالمشروع وهُرّب النصاب ولا نزال في الدوامة نفسهاquot;.
وعلق ممثل حركة حماس في لبنان أسامة حمدان أثناء المؤتمر، على الوضع اللبناني الراهن في طريقة تعاطيه مع الاجئين الفلسطينيين، معتبراً أن اللبنانيين تكاتفوا في دعم المقاومة الفلسطينية، وما يفرقنا اليوم هو النظام السياسي والعودة دائماً إلى الماضي، أي لأسباب تاريخية.
التعليقات