في أعقاب الضجة الإعلامية والشعبية وكذلك الرسمية التي أحدثتها واقعة مقتل الشاب، خالد سعيد، بكل ما حملته الواقعة من ملابسات واختلافات في الرأي، ومع استمرار الجدل المثار حولها حتى الآن، تعد صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية تقريراً يلقي الضوء على تلك المذكرات التي وصفت بـ quot;مذكرات التعذيبquot; التي تؤرخ وحشية الشرطة المزعومة ويقوم بتجميعها مركز quot;النديم لتأهيل ضحايا العنفquot;.

تشير الصحيفة الأميركية في مستهل حديثها إلى أن شكاوى المواطنين الذين يتعرضون لمضايقات تصل بصفة يومية إلى المركز. وتضرب الصحيفة المثال في هذا الجانب، وفقاً لما يصل المركز بالفعل من مزاعم، بقولها إن شاباً يبلغ من العمر 18 عاماً تعرض للضرب في أحد مراكز الشرطة ثم ألقي به من شرفة تقع في الطابق الثالث. في حين تلقى رجل آخر عدة لكمات، ثم تم جلده. وقبل ذلك، تم جر أسرة بأكملها إلى مركز للشرطة، حيث تعرض الأب للضرب وتم تهديد النساء بالاغتصاب.

ثم تؤكد الصحيفة على أن تلك وغيرها من الادعاءات التي يُقدر عددها بالمئات، يتم إدراجها في quot;مذكرات التعذيبquot; بمصر، التي تُسَجِّل مزاعم تتحدث عن تجاوزات، يُجمِّعها مركز النديم، الذي يعد واحداً من الجماعات المستقلة الداعمة لضحايا العنف في البلاد. ويقوم المركز يومياً بتدوين كل ما يصله من ادعاءات، ثم يصدر تقريراً كاملاً في نهاية كل شهر.

وبحسب ما تؤكده جماعات محلية نشطة في مجال حقوق الإنسان، وتعمل مع المركز لتجميع شكاوى المواطنين، فإن عنف الشرطة في أكبر دول العالم العربي من حيث عدد السكان قد أصبحت القاعدة وليست الاستثناء. ويُقال، وفقاً لما ذكرته الصحيفة، إن الشرطة قامت في منطقة الدلتا، شمال البلاد، بضرب 200 شخصاً وقامت بإلقاء القبض على عشرة أشخاص منهم خلال تظاهرة احتجاج سلمية ضد زيادة مفاجئة في تكاليف السكن.

كما زعمت تقارير أنه تم احتجاز ثلاثة من النشطاء المؤيدين للإصلاح دون تهمة، بعد أن قاموا بتوزيع منشورات مساندة لمحمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يزغ نجمه على الساحة المحلية خلال الأشهر الماضية باعتباره منافساً قوياً على منصب الرئاسة.

ويقول مسؤولو المركز إن التقارير التي يتلقونها تكشف عن أنماط من العنف تقرها الدولة، وقد تصب في صالح الضحايا، وتُثبٍِت لحلفاء مصر الغربيين أن وعود الإدارة المصرية بالإصلاح ليست إلا وعود فارغة. ورغم تأكيد الصحيفة على أنها سعت عديد المرات للحصول على تعليق رسمي من جانب وزارة الداخلية المصرية على هذا الأمر، إلا أنها لم تتمكن من تحقيق ذلك.

ومن جهتها، تقول ماجدة عدلي، مديرة مركز النديم، إن المركز وغيره من الجماعات قد قاموا بتقديم القضايا إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي انعقدت فعالياته الشهر الماضي. مع العلم بأنه يقوم بصفة دورية بمراجعة السجلات الخاصة بحقوق الإنسان في جميع البلدان.

وتمضي الصحيفة بعدها لتنقل عن هيثم محمدين، أحد المحامين العاملين لدى مركز نديم ويدير أيضاً أحد الخطوط التليفونية الساخنة بالمجموعة، قوله: quot;أتلقى من ثلاث إلى خمس مكالمات يومياً من أشخاص يشتكون من تعرضهم للسباب من جانب عناصر الشرطة، وكذلك تعرضهم لاعتقالات تعسفية وتعذيب.

وفي حديث له أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الحادي عشر من شهر يونيو/ حزيران الماضي، وجَّه حسام بهجت، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، انتقاده لاستمرار السلطات في استخدام قانون الطوارئ.

ثم تختم الصحيفة الأميركية تقريرها بنقلها عن جورجيت قليني، المُشرِّعة الموالية للنظام الحاكم وعضو مجلس إدارة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قولها: quot;من وجهة نظري، لم يكن من الضروري تمديد حالة الطوارئ، ولم يكن يتوجب قصرها على الإرهاب والاتجار في المخدرات. فماذا لو حدثت مجاعة أو فيضان أو أي كارثة طبيعية، وكنا بحاجة لقوانين عرفية؟ فكيف سنتمكن حينها من التعامل مع الموقف ؟quot;.