في وقت يجتمع فيه ممثلو الكتل السياسية العراقية في بغداد اليوم الاحد في محاولة لإيجاد حلّ للازمة السياسيّة الخانقة التي تعيش فيها البلاد وإختيار رئاسة موقتة لمجلس النواب، فقد تصاعدت أصوات من داخل هذه الكتل تدعو إلى التوجه نحو مرشح تسوية لتولي رئاسة الحكومة الجديدة في ظل تمسك الفرقاء السياسيين بمرشحيهم واصرار كل منهم على احقيته بتشكيل الحكومة التي ينتظرها العراقيون منذ انتهاء انتخاباتهم العامة قبل حوالى الخمسة أشهر.
محاولات لتحويل الحكومة لتصريف أعمال
ويعقد قادة وممثلي الكتل السياسية اليوم الاحد اجتماعًا تداوليًا ثالثًا منذ رفع جلسة الافتتاح الاولى لمجلس النواب العراقي في الرابع عشر من الشهر الماضي جرت خلالها محاولات فاشلة للاتفاق على الشخصيات التي ستتولى رئاسات الجمهورية والحكومة ومجلس النواب. وفي اخر اجتماع عقد الاثنين الماضي تقرر اثر عدم التوصل لاتفاق على عقد لقاء ثالث اليوم الاحد مع التأكيد على الالتزام بالمهلة التي توافق عليها رؤساء الكتل بتمديد فترة تأجيل الجلسات لأسبوعين اخرين تنتهي غدًا الاثنين لمزيد من التشاور.
ويأتي الفشل في التوصل لأي اتفاقات لحد الان بسبب اصرار الكتل على مواقفها السابقة والتي تتمحور على نقطة رئيسة هي quot;الحق برئاسة الحكومة المنتظرة وتشكيلهاquot;. وسيناقش الاجتماع فكرة انتخاب رئيس موقت لمجلس النواب ليستطيع استئناف جلساته بشكل طبيعي ويقوم بدوره الرقابي على الحكومة الحالية لحين تشكيل حكومة جديدة.
لكن هذه الفكرة ستصطدم بمعارضة ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي بعد اتفاق كتلتي العراقية بزعامة اياد علاوي والائتلاف الوطني بزعامة عمار الحكيم على التصويت لمقترح يقضي بتحويل الحكومة الحالية الى حكومة تصريف اعمال. حيث ان هذا المقترح لا يمكن التصويت عليه من دون وجود رئاسة لمجلس النواب الامر الذي سيدفع ائتلاف المالكي الى الوقوف بوجه انتخاب رئاسة برلمانية مؤقتة تفاديا لتحويل حكومته الى تصريف اعمال.
خرق دستوري جديد متوقع
وتتوقع مصادر عراقية ان يتم مجدّدًا يوم غد الاثنين خرق المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية بعد ان أكدت قيادات سياسية ان مفاوضات تشكيل الحكومة بين مختلف الكيانات باتت متعثرة وشبه متوقفة وهو ما سيدفع بتلك الكيانات إلى المطالبة بتأجيل جلسة البرلمان المتوقعة غدًا الاثنين لاسبوع او اثنين مجددا لحين التوصل إلى اتفاق على الرئاسات الثلاث وعرضه صفقة واحدة في جلسة المجلس.
وفي هذا الاطار يعقد اليوم لقاء مهم بين ائتلاف القوى الكردستانية بوفد يترأسه نوري شاويس القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني نائب رئيس الوزراء والقائمة العراقية بوفد يقوده زعيمها أياد علاوي. ومن المنتظر ان يبحث الوفدان موضوع تشكيل الحكومة والازمة التي تمر بها العملية السياسية وامكانية حلها.
الاتجاه لمرشح تسوية اصبح قويًّا
وإزاء هذا المأزق السياسي الذي انحشرت فيه البلاد، فإن الدعوات بدأت تنطلق قوية للاتجاء نحو مرشح تسوية بديل عن الشخصيات التي ترشحها الكتل السياسية الفائزة في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من اذار (مارس) الماضي لتولي رئاسة الحكومة الموعودة.
ويقود هذه الدعوة بقوة الائتلاف الوطني العراقي الذي يواجه تحالفه مع ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي خلافات واسعة في الموقف من المرشح لرئاسة الحكومة والصلاحيات التي يتمتع بها والقوى السياسية التي يجب مشاركتها في تشكيلة الحكومة المنتظرة.
وفي هذا الاطار أكد رئیس الوزراء السابق زعیم تیار الاصلاح الوطنی احد فصائل الائتلاف الوطني إبراهيم الجعفري وجود حالة من عدم الانسجام والتفاهم والشعور بالمسؤولية الوطنية.
وقال في تصريح تلقت quot;أيلافquot; نسخة منه quot;ان هذا الشعور المتجذر عند بعض القوى السياسية هو من ساهم في إطالة الوقت من خلال إطالة عمر الاختلافات والجدل فالوقت الذي مر من يوم إعلان نتائج الانتخابات إلى الآن هو وقت كافٍ جدًّا لتشكيل الحكومة وما كان ينبغي أن يستمر لفترة أكثر من اسبوعين لكن الهواجس المفروضة تسببت فی خلق عقبة واشكالات رئیسیة في تشكیل الحكومة التی یكون الشعب العراقي المتضرر الاول والاخیر منهاquot;.
وحول ترشیح رئیس وزراء تسویة اکد الجعفری ان هذا أمر وارد في ظل النظام المعمول به الآن في البلد قال quot;أنا لست مع المحاصصة لكنها في الواقع موجودة بعد أن عجزنا عن تفاديها وأصبحت مغطاة بالدستور تحت مسمى الديمقراطية التوافقية لذا يستوجب علينا أن نهذب هذه الممارسة ونجعل منها أقل ضررًا ونحاول أن ننتزع منها بعض الفوائدquot;.
وشدد على ان quot;رئيس وزراء التسوية هو الملائم لهذا الظرف ما دامت الكتل الفائزة متمسكة بمرشحيها ومع ذلك نقول يجب أن ننطلق من منطلق وطني وعدم اختزال السلطات لحساب قائمة كبيرة وإقصاء القوائم الأخرىquot;.
وفي الاتجاه نفسه دعا رئيس جماعة علماء العراق في الجنوب عضو التحالف الوطني الشيخ خالد عبد الوهاب الملا الى تسمية رئيس وزراء تسوية يطرح أسمه على الساحة الوطنية ويتم التوافق عليه بين الفرقاء من اجل حلحلة الموقف السياسي وايجاد مخرج لتشكيل الحكومة.
وقال الشيخ الملا في بيان صحافي تلقت quot;ايلافquot; نسخة منه اليوم ان الازمة السياسية التي يمر بها البلد حاليا تتطلب اتفاقا بين السياسيين يفضي الى تنازل بعضهم لبعض حتى يتم الخروج من هذه الأزمة التي ألمت بالبلاد ويقف العراق على قدميه ينفض الغبار ويستعد للبناء والعمران وتعود البسمة من جديد على وجوه العراقيين.
واكد الشيخ الملا ان اي حل يطبخ في الخارج لن يكون مرضيا للعراقيين ويشكل وصمة عار للسياسيين ويعكس امرًا مفاده ان بعض السياسيين يطمح في تحقيق مصالحه الشخصية على حساب مصلحة الشعب ومستقبل البلد.
وقال quot;ان دور الأمم المتحدة وتدخلها في الشأن العراقي باعتبار أن العراق ما زال تحت البند السابع وتحت وصاية الأمم المتحدة وربما من حقها الدعوة إلى تشكيل حكومة مؤقتة وهذا أمر خطر ومرفوض من قبل الشعب لوجود دستور ينظم شؤون البلاد وهذا التدخل ان حصل فسببه تمسك بعض السياسيين بمواقفهم وعدم التنازل عن مطالبهمquot;.
وحذر رئيس جماعة علماء العراق في الجنوب السياسيين من خطورة الموقف والتمادي في استغلال الظروف لتحقيق المصالح الذاتية وقال إنّ الشعب الذي منح ثقته للكتل السياسية وصوت لها قد يقول كلمته ويسحب هذه الثقة مادامت هذه الكتل تقف عاجزة عن اداء دورها بسبب تشبث البعض من السياسيين بكراسي الحكم والسلطة.
ومن جهته،أكّد مستشار رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي باسم العوادي ان المجلس الاعلى قدم عدة حلول داخل التحالف الوطني لانهاء ازمة تشكيل الحكومة لكن ائتلاف دولة القانون رفضها.
واشار الى ان المجلس الاعلى ولكي يتجاوز هذه الازمة طرح فكرة مرشح التسوية ورفض من دولة القانون اضافة الى ان المجلس طرح فكرة الذهاب لاكثر من مرشح الى الساحة الوطنية ورفض هذا الحل ايضًا.
واشار الى ان المجلس قد طرح مرشح تسوية حتى وان كان من ائتلاف دولة القانون لكن هذا الائتلاف يصر في المفاوضات مع الائتلاف الوطني على ان يكون مرشحه رئيس الوزراء نوري المالكي.. وعندما ذهب مسؤولو ائتلاف المالكي وتفاوضوا مع القائمة العراقية اصروا على ان يكون مرشحهم نفسه ايضًا.
إمهال المالكي اسبوعًا لتقديم مرشح غيره
وأكد العوادي أن الائتلاف الوطني قد أمهل ائتلاف دولة القانون أسبوعا واحدا لترشيح بديل عن المالكي الذي يواجه رفضًا من مكونات الائتلاف كمرشح لرئاسة الحكومة المقبلة.
وأضاف انه في مواجهة ذلك فإنّ من حق الائتلاف الوطني التحالف مع القائمة العراقية لإيجاد حل لأزمة تشكيل الحكومة في حال فشل الائتلاف الوطني في الاتفاق على إسم مرشح لرئاسة الوزراء غير المالكي.
اما القيادي في المجلس الأعلى محمد شبر فقد اشار الى ان الصراعات السياسية التي تشهدها مفاوضات تشكيل الحكومة وتمسك الجميع بمرشحيهم لرئاستها جعلت المجلس يعلن استعداده للتنازل عن مرشحه لرئاسة الحكومة لصالح مرشح تسوية يحظى بالقبول من كافة الأطراف حتى لو كان من خارج التحالف الوطني.
ويرشح الائتلاف الوطني حاليًّا لرئاسة الحكومة المقبلة القيادي فيه نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي ورئيس تيار الاصلاح رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري لكنه عرض سحب ترشيخهما مقابل سحب ترشح المالكي لرئاسة الحكومة لصالح مرشح تسوية يتم الاتفاق عليه.
لكن عبد المهدي قال في تصريح متلفز ان التحالف الوطني لديه مشاكل جوهرها اصرارائتلاف دولة القانون علی مرشح واحد وعدم القبول بتقدیم مرشح اخر والتمسك بالمالكي.
واضاف ان هذا الامر هو الذي يغلق المسارات الاخرى ویعقد الامور أکثر فأکثر ويغلق المضي في تفاصيل تشكيل الحكومة. واشار الى ان تشكيل الحكومة لن يتم بدون تشخيص رئيس الوزراء كما ان بقية المواقع السيادية مرتبطة بهذا الموقع موضّحًا ان اصرار دولة القانون على مرشح واحد مع رفض الاخرين لهذا الترشيح يضع البلد في طريق مسدود.
ويدور جدل بين الفائزين في الانتخابات حول النص الدستوري المتعلق بأحقية الكتلة الفائزة بتشكيل الحكومة حيث ينص الدستور العراقي بمادته 76 على أحقية الكتلة النيابية الأكبر عددا في تشكيل الحكومة فيما تصر االكتلة العراقية الحاصلة على91 مقعدا على أن النص يشير إلى القائمة الفائزة في الانتخابات في وقت يعتبر ائتلاف دولة القانون 89 مقعدًا أن النص يعني أي تكتل قد ينشأ نتيجة اندماج أو تحالف أي من الكتل الفائزة بعد الانتخابات في اشارة الى تشكيله مع الائتلاف الوطني quot;التحالف الوطنيquot;.
التعليقات