بعد ساعات من نشر صحيفة أميركية تقريرا مثيرا للجدل، وجه إنتقادات للدولة الأردنية، وتحدث عن ضعف الدور الأردني، جاء الرد الرسمي الأميركي قويا وعلى مستوى عال ومهم، ليؤكد قوة التحالف الأميركي- الأردني، والإعتماد على عمان في ملف السلام الشرق أوسطي.

ينتظر أن ينطلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يغادر عاصمة بلاده الليلة الى المملكة العربية السعودية، فور إنتهاء الغرض الديني المتمثل بأداء مناسك العمرة في الديار المقدسة، الى لقاء مهم جدا مع أركان القيادة السعودية وفي المقدمة بطبيعة الحال العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وهي أول قمة للملك السعودي في شهر رمضان مع زعيم عربي، قرر تقديم موعد زيارته التقليدية الى السعودية، المبرمجة دوما في العشر الأواخر من الشهر الفضيل، وذلك بسبب دعوة أميركية تلقاها العاهل الأردني للقاء الرئيس باراك أوباما، وحضور إنطلاق المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل المقررة في الأول والثاني من الشهر المقبل.

وجاء القرار الأردني الأعلى بتقديم موعد الزيارة الى السعودية، قبل السفر الى أميركا، كتقليد سياسي أردني بتحصين الموقف الأردني بملاحظات ونصائح سعودية من رصيد الخبرة المتراكمة للقيادة والدبلوماسية السعودية، و هي طريقة أردنية متبعة منذ سنوات، في الإتكاء على تطابق المواقف مع العواصم العربية الكبرى، تجاه قضايا المنطقة والإقليم، خصوصا وسط إستشعار نذر مؤجلة لإنفجار ملفات مزمنة في المنطقة، إذ تتطابق الرياض مع عمان، في أن وضع فشل جديد لعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين فوق تجارب سابقة فاشلة، من شأنه أن يقرب المنطقة الى إحتمالات الصدام، وتوقع ما لا يمكن توقعه.

وفي سياق زيارة العاهل الأردني المنتظرة الى واشنطن الأسبوع المقبل، فقد لوحظ بأن عمان الرسمية قد نأت بنفسها، عن مسألة التعقيب أو تسجيل التحفظ على ما نشرته صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية قبل يومين في تقرير لمراسلتها جانين زكريا في تل أبيب، و تضمن إنتقادات حادة للأردن، قاد معدة تقرير الصحيفة الى اعتبار أن الأردن قد فقد دوره السياسي المؤثر في المنطقة، وأنه نتيجة لذلك فإن حكم العاهل الأردني يواجه بتصعيد داخلي من قبل المعارضة الأردنية، وأن الإحتجاجات الشعبية في تنام مستمر، والإجراءات الحكومية في الأوان الأخير باتت موسومة بأنها إستبدادية الى حد ما، وهو التقرير الذي أثار إستياء مستويات سياسية وأمنية أردنية، للمبالغات التي وردت في التقرير.

وأثمر النأي الأردني عن الرد على تقرير الصحيفة الأميركية، موقفا أميركيا قويا بدا مساندا للأردن، حين جرى توجيه دعوة رسمية للملك الأردني عبر وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي جددت الثناء على الموقف والدور الأردنيين، وأنه لا غنى عنهما في المنطقة، وأن واشنطن ماضية في دعم ومساندة الأردن، تقديرا لسياساته الحكيمة، إذ جاءت تصريحات كلينتون، وتأكيداتها للعاهل الأردني، كما لو أنها مبرمجة للرد على تقرير الصحيفة الأميركية، التي إتخذت خلال الأشهر الماضية موقفا سلبيا للغاية من مشروع المفاعل النووي الأردني، الذي يريد الأردن تنفيذه بخبرات دولية، وتلبية لحاجات ملحة ومتعاظمة، شكلت ضغطا على صانع القرار الأردني خلال السنوات الأخيرة.

ويعتبر الأردن أقوى حليف سياسي للولايات المتحدة في قلب منطقة ملتهبة أساسا، وتشمل بؤر الصراع في الأراضي الفلسطينية، والعراق، وعلى مقربة من تفاعلات الحالة اللبنانية، إن داخليا، أو على جبهة التوتر والترقب الدائمة في جنوبه بين حزب الله اللبناني، وإسرائيل، إذ يتلقى الأردن دعما ماليا وعسكريا سنويا ثابتا، وصل قبل سنوات الى أكثر من مليار دولار أميركي، لمساندة عمان على تجاوز فاقتها الإقتصادية التي نجمت عن توقف وارداته من النفط العراقي التي كانت تأتي بأسعار تفضيلية، إثر إتفاق مبرم وقتذاك بين عمان وبغداد إبان حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين.