تبدي أوروبا استياء من دورها الهامشي وموقف المتفرج في المفاوضات الحساسة المنعقدة حول الشرق الأوسط.

بروكسل: يثير موقف المتفرج في الشرق الأوسط الذي يعتمده الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تدخل فيه مفاوضات السلام مرحلة حساسة، استياء في أوروبا، بينما من المفترض أن تساعد مؤسسات الاتحاد الجديدة على إخراج الأوروبيين من دورهم السياسي المحدود.

وهذا الاستياء عبّر عنه الرئيس الفرنسي مجددًا دون مواربة عند استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذا الأسبوع عندما قال quot;لا نريد أن نكون مجرد متفرجين لا دور لهمquot;. وأعلن ساركوزي، الذي يطالب بمكانة لأوروبا وأيضًا للاتحاد من المتوسط الذي يترأسه مع نظيره المصري حسني مبارك، بالمناسبة أنه سيستقبل عباس ومبارك ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في باريس في تشرين الأول/أكتوبر المقبل.

وتأمل باريس بذلك الإعداد لقمة الاتحاد من أجل المتوسط المقررة في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، والمساهمة في محادثات السلام المهددة بالانهيار، مع استمرار الرفض الإسرائيلي تمديد تجميد أعمال البناء في مستوطنات الضفة الغربية.

ومع أن الاتحاد الأوروبي غائب عن محادثات السلام المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، التي استؤنفت في مطلع أيلول/سبتمبر بإشراف الولايات المتحدة، إلا أن دوره لا يستهان به، فهو أبرز مانح للأموال للفلسطينيين والشريك الاقتصادي الأول لإسرائيل، إذ يستورد غالبية الصادرات الإسرائيلية.

إلا أن روزا بلفور المحللة في مركز السياسات الأوروبية quot;يوروبيان بوليسي سنترquot; اعتبرت أنه quot;إذا لم يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا مركزيًا في الشرق الأوسط فلأن الدول الأعضاء منقسمة للغاية، عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات ملموسةquot; خصوصًا لأسباب تاريخية.

وأضافت بلفور أن كاثرين أشتون، التي عيّنت منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي وزيرة خارجية quot;الاتحاد الأوروبي الجديدquot; المنبثق عن معاهدة لشبونة التي تسعى إلى صوت موحد لأوروبا، هي التي تدفع الثمن. وقالت بلفور quot;عند تعيينها، حددت الشرق الأوسط أولوية لها. إلا أنها أدركت على الأرجح أن مقاومة الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي قوية للغايةquot;. وباتت أشتون تكتفي بـquot;إصدار بيانات ملأى بالنوايا الحسنة، وتقتصر على أدنى قاسم مشتركquot;.

ولدى دعوتها للمشاركة في أيلول/سبتمبر في المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في واشنطن، رفضت أشتون مفضلة التوجه إلى بكين، مما عرضها لانتقادات، خصوصًا من قبل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير. وذلك رغم أن الاتحاد الأوروبي ممثل رسميًا في اللجنة الرباعية من أجل الشرق الأوسط.

وانتقد كوشنير الأسبوع الماضي في نيويورك مع نظيره الأسباني ميغيل أنخيل موراتينوس عدم تقدير الولايات المتحدة لدور أوروبا في الشرق الأوسط. واعتبر موراتينوس أن quot;الولايات المتحدة لاتزال لا تدرك كفاية ما هي أوروباquot;.

ورأى رد وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن في لقاء مع وكالة فرانس برس أنه لا يعتقد أن المبادرة الفرنسية لأوروبا ستعيد المكانة التي تنشدها في الشرق الأوسط. وقال quot;لست اكيدًا أنها يمكن أن تساعد المفاوضات المباشرة بشكل كبير. من دون الولايات المتحدة لن نصل إلى ذلك أبدًا. حتى دولة مثل فرنسا ليس لديها القوة لتحريك الماكينة الإسرائيلية في الاتجاه الصحيحquot;.

وأضاف أسلبورن أن quot;الظهور في الصورquot; ليس الأساس quot;فأوروبا ليست غائبة تمامًا في الشرق الأوسط اليوم، لكن تكرار ذلك يعزز هذا الانطباعquot;.