بايدن خلال مباحثاته مع المالكي

أعلن في بغداد اليوم بالتزامن مع بدء مباحثات نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن مع القادة العراقيين عن تفعيل العمل باتفاقية التعاون الاستراتيجي بين البلدين وبدء اجتماعات دورية قريباً للجنة العليا المشتركة المكلفة بتنفيذ الإتفاقية التي تنص على وضع أسس لتعاون سياسي ودبلوماسي وثقافي وإقتصادي وقضائي وبيئي ووضع خطط استراتيجية لتعاون بين البلدين عقب الانسحاب العسكري الكامل بنهاية العام الحالي.


بحث رئيس الوزراء ا نوري المالكي مع نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن العلاقات الاستراتيجية بين لديهما عقب الانسحاب الاميركي من العراق بنهاية العام الحالي ووضع خطط لعلاقة تنتقل من التعاون العسكري الى السياسي والاقتصادي والثقافي.

وشدد المالكي على ضرورة تطوير العلاقات بين العراق والولايات المتحدة الأميركية في مختلف المجالات عن طريق تفعيل إتفاقية الإطار الاستراتيجي داعيا إلى البدء بعقد إجتماعات فورية للجنة العليا المشتركة بين الجانبين لغرض المضي في التعاون الثنائي ومشددا على أهمية عقد لقاءات مباشرة بين الوزراء المختصين من كلا البلدين من أجل وضع جدول أعمال يتم بحثه في إجتماعات اللجنة العليا المشتركة. وثمن جهود الإدارة الأميركية لاسيما نائب الرئيس بايدن المثمثلة بدعم العراق للتخلص من العقوبات الدولية والخروج من طائلة الفصل السابع.

وأكد قدرة العراق على مواجهة التحديات التي تعترض طريقه سواء كانت على الصعيد الأمني أو السياسي مشيرا إلى ان العراقيين ماضون في تحقيق أهدافهم وما يرونه ضروريا لتنمية وتطوير بلدهم وإن احدا لايستطيع منعهم من تحقيق ذلك.

من جهته هنأ نائب بايدن المالكي لمناسبة تشكيل حكومة الشراكة الوطنية متمنيا لها النجاج في مهامها وتحقيق طموحات وتطلعات الشعب العراقي مشيدا بالتقدم الحاصل في العراق خصوصا على الصعيدين السياسي والأمني وقال إن هذا التقدم أصبح واضحا وملموسا في جميع أنحاء العالم. وأضاف إن الدول التي كانت تتردد في دعم العراق أصبحت الآن مستعجلة لدخول العراق وتتطلع الى توفر الفرصة المناسبة للتعاون معه والعمل فيه.

وأشار الى ان الولايات المتحدة جادة في تفعيل إتفاقية الإطار الاستراتيجي وإن الإستعدادات لذلك قد بدأت فعليا quot;وقد كلفنا الوزراء المعنيين في الزراعة والصناعة والعلوم وغيرها بدعم العراق ومد جسور التعاون في هذه المجالات حالما يتم الإتفاق مع الجانب العراقيquot;. وأوضح ان موقف مجلس الأمن الدولي وقراره الأخير حول رفع بعض العقوبات عن العراق يعتبر ثمرة من ثمرات هذا التعاون مجددا عزم الولايات المتحدة على دعم العراق وبناء علاقات تعاون ثنائية طويلة الأمد.

اتفاق على تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي

وقال وزير الدولة الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم ان حكومة بلاده اتفقت مع الإدارة الأميركية على تفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين في اواخر عام 2008 والتي تنص على خطط تعاون مشترك في المجالات السياسية والدبلوماسية والطاقوية والبيئية والثقافية والاقتصادية والقضائية. وأشار الى ان الجانبين اتفقا في هذا المجال على بدء اجتماعات اللجنة العليا المشتركة المكلفة بتنفيذ الاتفاقية قريبا من اجل بناء علاقات ثنائية بين الوزارات العراقية ذات العلاقة ونظيراتها الاميركية.

وأوضح الدباغ ان بايدن عبر خلال اجتماع مع رئيس الوزراء نوري المالكي اليوم عن ارتياح بلاده لتشكيل الحكومة ومن الانفتاح الدولي والإقليمي على العراق وانفتاح بغداد على المجتمع الدولي. وأشار الى ان الاجتماع ناقش كذلك مستقبل وشكل العلاقات بين البلدين عقب الانسحاب الاميركي تاعيكري الكامل من العراق بنهاية العام الحالي.

وأضاف ان البلدين يتجهان لوضع خطة استرتيجية لتعاون مشترك بعد خروج القوات الأميركية نهاية العام الحالي. وشدد بالقول ان العراق أصبح عضوا مهما في مجموعة الإقليمية والدولية للتعامل مع الجميع بصورة متكافئة. وأكد الدباغ أن quot;الولايات المتحدة الأمريكية متفائلة بشأن تشكيل الحكومة العراقيةquot;، موضحا أن quot;العراق انفتح على الكثير من الدول مثلما طورت هذه الدول علاقاتها معهquot;.

وثمن باسم الحكومة العراقية دور الإدارة الأميركية ودور نائب الرئيس الأميركي بايدن في مجلس الأمن الدولي خلال جلسة مناقشة رفع العقوبات الدولية على العراق التي اجراها مجلس الامن الدولي الشهر الماضي وتقرر خلالها رفع جميع العقوبات المفروضة على العراق عقب احتلاله الكويت عام 1990 مع بقاء القرارات المتعلقة بالحالة مع الكويت والتي أكد رئيس وزراءها الشيخ ناصر الصباح خلال زيارته الى بغداد امس تعاون بلاده مع العراق لالغائها ايضا من اجل اخراجه مما تبقى من تبعات الفصل السابع.

اتفاقية التعاون الاستراتيجي

وكان العراق والولايات المتحدة قد وقعا اواخر عام 2008 اتفاقيتي سحب القوات الاميركية من العراق بنهاية عام 2011 وسميت بالاتفاقية الامنية.. والثانية هي الاتفاقية الاطارية الاستراتيجية والتي ستمكن العراق من توقيع اتفاقيات ثنائية لتطوير مستوى الخدمات فيه وتقدمه في مجال تكنولوجيا المعلومات. وشهد العراق بعد تشكيل الحكومة الجديدة تحركاً دبلوماسيا دوليا تمثل بزيارة وزيري الخارجية السوري والإيراني ورئيس الوزراء الأردني والأمين العام لجامعة الدول العربية وأخيراً رئيس الوزراء الكويتي ثم رئيس الوزراء السوري ناجي عطري الذي سيحل في بغداد السبت المقبل.

وكان مجلس الأمن الدولي اصدر ثلاثة قرارات خاصة بالعراق ينهي الأول برنامج النفط مقابل الغذاء فيما يدعو الآخر إلى تمديد الحصانة التي تحمي العراق من مطالبات التعويض المرتبطة في عهد الرئيس السابق صدام حسين لمدة ستة اشهر إلى 30 حزيران (يونيو) 2011 (بدلاً من وقفه في وقت لاحق من هذا الشهر كما كان مقرراً في بداية الأمر بعدما أكد العراق أنه لن يطلب أي تمديدات أخرى لعمل صندوق تنمية العراق الذي كان يشكل حصانة من مطالبات التعويض.

وفي القرار الثالث وافق مجلس الأمن الدولي على رفع الحظر عن واردات العراق النووية لتنفيذ برنامج نووي مدني إنهاء القيود المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل والصواريخ ووضع بذلك حداً لحظر استمر 19 عاماً فرضه قرار مجلس الامن المرقم 687 عام 1991

وتؤكد واشنطن وبغداد في اتفاق الإطار الإستراتيجي quot;الرغبة الصادقة لبلديهما في إقامة علاقة تعاون وصداقة طويلة الأمد استنادا إلى مبدأ المساواة في السيادة والحقوق والمبادئ الواردة في ميثاق الأمم المتحدة والمصالح المشتركة لكليهماquot;.

وأشارت الاتفاقية الى انه quot;إدراكاً لرغبة كلا البلدين في إقامة علاقةٍ طويلة الأمد والحاجة لدعم إنجاح العملية السياسية وتعزيز المصالحة الوطنية في إطار العراق الموحد الفيدرالي وبناء اقتصادٍ متنوعٍ ومتطورٍ يضمن اندماج العراق في المجتمع الدولي وإذ تؤكدان مجدداً على أن مثل هذه العلاقة طويلة الأمد في المجالات الاقتصادية والدبلوماسية والثقافية والأمنية من شأنها أن تساهم في تعزيز وتنمية الديمقراطية في العراق، ومن شأنها كذلك تأمين قيام العراق بتحمل كامل المسؤولية عن أمنه وعن سلامة شعبه والمحافظة على السلام داخل العراق وبين بلدان المنطقة فقد اتفقتا على هذه الاتفاقيةquot;.

وأشارت الاتفاقية الى ان علاقة الصداقة والتعاون بين البلدين تستند إلى الاحترام المتبادل والمبادئ والمعايير المعترف بها للقانون الدولي وإلى تلبية الالتزامات الدولية ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية ورفض استخدام العنف لتسوية الخلافات.

ووضعت الاتفاقية اسسا لتعاون مشترك بين البلدين في المجالات السياسية والدبلوماسية والدفاعية والامنية والثقافية والاقتصادية والطاقوية والصحية والبيئية.. أضافة الى التعاون في ميادين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقانون والقضاء. كما تنص على تشكيل لجنة تنسيق عليا لمراقبة التنفيذ العام لهذه الاتفاقية وتطوير الأهداف المتفق عليها وتجتمع بصفة دورية وقد تشمل ممثلين عن الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة.

بايدن يؤكد لطالباني والنجيفي مساعدة العراق للخروج من الفصل السابع

وبحث بايدن مع الرئيس جلال طالباني ونائبيه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين.

وسلط طالباني الضوء على المراحل التي مرت بها العملية السياسية وما تمخض عنها من إتفاقات بين الكتل البرلمانية أدت إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية تضع نصب عينها خدمة المواطنين وتثبيت الإستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في البلاد. وأشار إلى أن العراق مقبل على مرحلة جديدة يهدف خلالها إلى توثيق علاقاته مع باقي دول العالم وعلى مختلف الأصعدة.

كما شرح طبيعة الوضع الأمني وتطوراته الذي يتجه نحو الاستقرار موضحا ان القوات الأمنية وقوات الجيش العراقي تستكمل جاهزيتها معرباً عن أمله في أن يكون هذا الجيش جيشاً مدافعاً عن الوطن محترفاً ومدرباً ومجهزاً مؤكداً أن العراق سيكون مثالاً للحرية وللتعايش السلمي وضامناً للأمن والإستقرار في المنطقة. ثم تحدث عن وضع المسيحيين في العراق مؤكداً إهتمام الحكومة بهذا الأمر مشيراً إلى أن المسيحيين لا يريدون مغادرة العراق كونهم أبناء الشعب الأصلاء وهم صانعوا الحضارة في البلاد ومازالوا يساهمون في بناء العراق الجديد.

من جانبه اشار بايدن الى أن لغة الحوار السياسي وجدت طريقها إلى العملية السياسية العراقية وولى زمن التناحر والعنف مؤكداً حرص الولايات المتحدة على دعم العراق الجديد ومسيرته الديمقراطية، موضحاً quot;نحن نتمنى أن نتعامل مع عراق جديد ونقيم علاقات طويلة الأمد معه تشمل مجالات التربية والتعليم والثقافة والصحة والتجارة وباقي المجالاتquot;.

وأشار إلى رغبة الحكومة الأمريكية في توسيع رقعة التعاون والتنسيق مع الحكومة العراقية الجديدة وعلى المستويات كافة لا سيما وإن المرحلة المقبلة تتطلب من الحكومة بذل الجهود التي من شأنها جعل العراق يأخذ مكانه الطبيعي في المحيط الإقليمي والعالمي موضحاً إن quot;العراق له تأريخ حافل وليس عندي أي شك في أن العراقيين سيبنون بلداً حراً ومستقلاً وقوياً يساعد على دعم الأمن والإستقرار في المنطقةquot;. وبارك بايدن للرئيس طالباني على ما أصدره مجلس الأمن من قرارات ساعدت على رفع العقوبات عن العراق مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تريد رفع كل قرار دولي فرض على العراق وتحمله شعبه بسبب أخطاء الحقبة الدكتاتورية البائدة.

بعد ذلك اكد عبد المهدي أن العراق تربطه علاقات قوية مع الولايات المتحدة مشيراً إلى أن هناك سعي مشترك لتطوير هذه العلاقات وتعزيزها وأن يكون لاميركا دوراً في تنمية الإقتصاد العراقي. كما تحدث الهاشمي عن الوضع السياسي العراقي الحالي واشار الى أن الكتل والأحزاب تعمل كفريق واحد وتمكنت من عبور الأزمة وما زالت تبذل قصارى جهدها للمحافظة على الحكومة وتقويتها مضيفاً quot;نحن الآن نتضامن مع بعضنا ونكمل المسيرة من أجل استقرار ورخاء العراقquot;.

وخلال اجتماعه مع بايدن عبر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي عن تطلعات الشعب العراقي لحكومة ديمقراطية ناجحة تستطيع بناء البلد وترفع من مستوى معيشة الشعب العراقي. وقال ان الشعب العراقي يتطلع لحكومة ديمقراطية ناجحة تستطيع بناء البلد وترفع من مستوى معيشته .

ومن جهته قال بايدن quot;لقد عملتم بشكل جاد وفي ظروف صعبة وان العالم كله كان ينظر اليكمquot;... معربا عن ثقته بان الوضع العراقي سيكون افضل في المستقبلquot;. واضاف quot;ان نظرة اعضاء مجلس الامن في الجلسة التي صوتوا فيها لصالح خروج العراق من البند السابع كانت مختلفة تماما عما سبق فكان هناك تغيير وردة فعل ايجابية تجاه العراقquot;.

بايدن في زيارة سابعة للعراق

ووصل بايدن الى بغداد الليلة الماضية في سابع زيارة له الى العراق للبحث مع القادة العراقيين تطورات سير العملية السياسية في البلاد على ضوء تشكيل الحكومة الجديدة أضافة الى انسحاب كامل القوات الاميركية من البلاد بنهاية العام الحالي.

وأضافة الى مباحثات بايدن الذي يزور بغداد للمرة الاولى منذ تشكيل الحكومة العراقية في الحادي والعشرين من الشهر الماضي م مع رؤساء الجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب اسامة النجيفي حول تطورات العملية السياسية في العراق فأنه سيناقش مع زعيم القائمة العراقية اياد علاوي تشكيل المجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية الذي سيتراسه بعد انجاز قانون هذا المجلس وقرب عرضه على مجلس النواب للمصادقة عليه.

وأعلن البيت الأبيض أن بايدن سيلتقي طالباني والمالكي ورئيس القائمة العراقية إياد علاوي. وقال بايدن عقب وصوله الى العاصمة العراقية quot;جئت لمشاركة العراقيين احتفالاتهم بالتقدم الذي احرزوه فقد نجحوا في تشكيل حكومة وهذا شيء جيدquot;.. مستدركا بالقول quot;ولكن الطريق امامهم ما زال طويلاquot;.

ومعروف ان بايدن هو صاحب مشروع تقاسم السلطة في العراق بين المالكي وعلاوي زعيمي اكبر قائمتين فائزتنين في الانتخابات النيابية الاخيرة التي جرت في اذار (مارس) الماضي. وهذه سابع زيارة يقوم بها نائب الرئيس الاميركي للعراق مكلفا من الرئيس باراك اوباما متابعة التطورات السياسية في العراق منذ تسلمه منصبه في كانون الثاني (يناير) عام 2009.

وكانت آخر زيارة لنائب لبايدن إلى بغداد قد جرت في 30 آب (أغسطس) من العام الماضي وناقش خلالها مع المسؤولين العراقيين في حينها موضوع تأخر تشكيل الحكومة العراقية والانسحاب الأميركي من البلاد سبقتها زيارة قام بها في الثالث من تموز (يوليو) من العام الماضي أجرى خلالها مباحثات مع الأطراف العراقية ذكر حينها انه وضع الخطوط العريضة للتحالفات التي ستشكل الحكومة.

وخلال رحلته السابقة عقب الانتهاء الر سمي للعمليات القتالية الاميركية في 31 اب (أغسطس) الماضي حث بايدن العراق على الخروج من المأزق السياسي الذي حال دون توصل الساسة الى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة بعد مرور اشهر على الانتخابات العامة التي جرت في آذار (مارس) من العام الماضي.

وتأتي زيارة بايدن في وقت يشهد فيه العراق سباقا عربيا من جهة وآخر إيرانيا على النفوذ فيه في حين تظهر التطورات السياسية التي يشهدها العراق تراجعا في الدور الأميركي الذي من المتوقع أن يكون في أدنى مستوياته مع بداية العام المقبل مع انسحاب آخر جندي أميركي من العراق.

وتأتي هذه الزيارة ايضا في وقت ينص اتفاق امني على سحب القوات الاميركية من العراق قبل نهاية العام 2011 برغم ان مسؤولين من البلدين يطالبون ببقاء قوة اميركية صغيرة خصوصا من اجل تقديم دعم جوي ومساعدة عسكرية. ويتمركز حوالى خمسين الف جندي اميركي حاليا في العراق في اطار قوة quot;للنصح والمساعدةquot; فيما تتولى القوات العراقية تدريجا قيادة العمليات. وفي نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي دعا بايدن الى مواصلة الالتزام الاميركي في العراق موضحا ان هذا البلد ما زال يواجه تحديات كبيرة.