قررت منظمة الشفافية الدولية ومنظمة غير حكومية أخرى اللجوء إلى العدالة الفرنسية لاسترجاع أموال الشعب التونسي من بن علي و محيطه، معتبرة أن المسألة تخص القضاء ولا دخل للسلطات الفرنسية فيها. فيما تؤكد باريس مع مرور الأيام انخراطها الكلي في التحول التونسي، بعد كشف مصادر رئاسية عن هروب زوجة بن علي بطن ونصف من الذهب.


دانيال لوبيرغ

تسير الأمور في منحى تجريد بن علي ووزوجته ومحيطهما من الأموال التي سطوا عليها وهم في سدة الحكم، خصوصا بعد تبني هذا الملف من طرف أكبر المنظمات الدولية في محاربة الفساد و تهريب أموال الشعوب نحو الخارج، المعروفة بمنظمة الشفافية الدولية.

وفي هذا الإطار، أعلنت منظمتا quot;الشفافية الدوليةquot; quot;ثرانسبرانسي أنثيرناشينوالquot; وquot;شيرباquot; أنهما سترفعان دعوى ضد مجهول بتهمة الفساد وتهريب الأموال نحو الخارج، مستهدفان كل من بن علي وزوجته، دون أن تعطيان أرقاما معينة حول قيمة هذه الأموال.

وقال دانيال لوبيرغ رئيس منظمة الشفافية الدولية في باريس، في تصريح خاص بإيلاف، إن غرض المنظمة من هذه الدعوى هو التجميد النهائي لأموال الرئيس الاسبق وزوجته من طرف القضاء، حتى لا تهرب نحو quot;جنات ضريبيةquot;، لتحويلها في ما بعد للشعب التونسي، وذلك، يفسر لوبيرغ، في إطار ما تنص عليه إحدى الاتفاقيات الدولية.

وإن كانت هناك قائمة بأسماء أخرى مستهدفة من هذه الدعوى، صرح رئيس منظمة الشفافية الدولية أن الأخيرة ستطلب من القضاء فحص أرصدة رموز نظام بن علي و محيطه، إن تبين أن هناك داعي لتجميدها، فستقوم بتقديم طلب في هذا الشأن للقضاء الفرنسي.

يشار الى ان المنظمة لا تتوفر حتى الآن، بحسب صاحب كتاب quot;الخزينة و السياسة الماليةquot;، على معطيات تفيد بالقيمة الحقيقية لأموال هؤلاء في المصارف الفرنسية. هذا،إضافة إلى العقارات التي يمتلكونها، إلا أن رئيس منظمة الشفافية الدوليةquot; أكد لإيلاف أن هناك أموال تابعة لقائد النظام السابق وزوجته هربت إلى فرنسا، سويسرا، الأرجنتين ودول الخليج.

وإن كانت السلطات الفرنسية ستقدم للمنظمة كل المساعدة في الوصول إلى هدفها، فسر دانيال لوبيرغ الوضعية بقوله إنه،quot;لادخل للسلطات في العمليةquot;،علما أنه سبق أن أخدت قرارا إداريا بمراقبة حركة الودائع المصرفية لرموز النظام البائد في تونس، وquot;أن هذا شأن قضائي بالدرجة الأولىquot;.

وفي نفس السياق، فسر الرجل الأول في quot;الشفافية الدوليةquot; أن quot;القضاء وحده يمكنه أن يجمد هذه الأرصدةquot; التي تطلع منها رائحة السرقة الدولية والتهريب المالي و إرجاعها لأصحابها الأصليين، ويتعلق الأمر في هذه الحالة بالشعب التونسي.

من جهته، قال محامي المنظمتين وليام بوردون، في تصريح تناقلته وسائل الإعلام الفرنسية، quot;سنرفع شكوى في باريس خلال يومين بتهم تبييض الاموال والفساد واستخدام ممتلكات عامة لأغراض شخصيةquot;.

الحكومة الفرنسية تنخرط كليا في التحول التونسي

وأبدت الحكومة الفرنسية تعاونا غير مسبوق في هذا النطاق، حيث عبر الناطق الرسمي باسمها، فرنسوا باروان ،عن استعداد باريس لوضع quot;تحت تصرف السلطات الدستورية التونسية، الممتلكات العقارية للرئيس المخلوعquot; لدرس مصيرهاquot;.

كما أن الإليزي دخل على الخط بقوة في خضم تفكيك الأمبراطورية المالية لبن علي، بهدف التصالح مع quot;ثورة الياسمينquot;، وذلك بكشف مصادر رئاسية لصحيفة quot;لوموندquot; الفرنسية عن معلومة في غاية الأهمية، بالنظر للظروف التي تعيشها تونس، وهي أن quot;أسرة بن علي فرت من تونس ومعها 1,5 طنا من الذهب، فيما نفى البنك المركزي التونسي هذا النبأ.quot;

الدبلوماسية الفرنسية في موقف صعب

وستستمع لجنة الشؤون الخارجية بالجمعية الوطنية، البرلمان الفرنسي، الثلاثاء، إلى وزيرة الخارجية ميشيل أليو ماري، حول تصريحاتها بشأن الانتفاضة الشعبية في تونس والجزائر التي أخمدت، حيث عرضت على البلدين quot;خبرة الأمن الفرنسي في مثل هذه الأوضاعquot;.

وطالبت قيادات في المعارضة الفرنسية، ممثلة في اليسار، من رئيسة الدبلوماسية الفرنسية بطلب الصفح من الشعب التونسي أو تقديم الاستقالة، كما كان شأن نائب برلماني عن الحزب الشيوعي الفرنسي، الذي طالبها بالتخلي عن منصبها في الخارجية بسبب هذه التصريحات المذكورة.

وبرر وزير الدفاع الفرنسي ألان جيبي تعاطي باريس مع الوضع التونسي إبان الانتفاضة، بكون quot;دول الغرب ظلت تعتبر أن تونس بلد مستقر و استهانت من حنق الرأي العام التونسي تجاه نظام بوليسي...quot;،quot;متمنياquot; quot;أن تنجح تونس في مشروع التناوبquot;، الذي انخرطت فيه.

لكنه لم يكشف عن اقتناعه بتجاوز تونس لهذه المرحلة بالسلاسة اللازمة، مفسرا ذلك بكون هذا quot;الأمر طبيعيquot;، لأنه، كما يوضح وزير الدفاع الفرنسي وعمدة مدينة بوردو، quot;نحن في ديكتاتورية، وتكون المعارضة في مثل هذه الأنظمة مهيكلة بشكل سيءquot;.

وخلص الوزير الفرنسي إلى التعبير عن quot;أملهquot; في أن quot;تنتظم هذه المعارضة لتقدم للشعب التونسي بديلا ذا مصداقيةquot;، كما يقول صاحب حقيبة الدفاع في حكومة فرانسوا فيو.