رغم نشوة النصر بالقضاء على أنور العولقي زعيم فرع القاعدة في اليمن، تواجه الولايات المتحدة أسئلة محرجة بعد مقتل القيادي في القاعدة وهو مواطن أميركي من أصل يمني، خصوصا في ما يتعلق بالجوانب القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام أسلوب الاغتيال خارج الأراضي الأميركية.
أوباما: مقتل العولقي يشكل ضربة أساسية للقاعدة |
واشنطن: سجل الرئيس الأميركي باراك اوباما نصرا آخر على تنظيم القاعدة بقتل أنور العولقي بعد خمسة أشهر على مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن.
وباستخدام القوة المتميزة للطائرات من دون طيار، أنزلت الولايات المتحدة ضربات قاصمة بقيادة القاعدة في باكستان، وهي الآن تسدد سلاحها نحو فروع التنظيم في شمال أفريقيا والجزيرة العربية.
ولكن خبراء لفتوا إلى أن مقتل العولقي وهو مواطن أميركي من أصل يمني، ومقتل أميركي آخر ينتمي إلى القاعدة كان معه، يسلط الضوء على الجوانب القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام هذا الأسلوب.
ولا شك في أن العولقي كان عدوا لدودا للولايات المتحدة حرض على ضرب المصالح الأميركية وربما كان له ضلع في عملية قتل جماعي واحدة على أقل تقدير ارتُكبت على ارض الولايات المتحدة.
ولكن مجلة تايم تنقل عن الناشط في مجال الحقوق المدنية غلين غرينولد ان الحكومة لا تستطيع ان تعدم بكل بساطة شخصا يمارس حقه الدستوري في حرية التعبير.
والأكثر من ذلك أن جميع المواطنين الأميركيين يتمتعون بحق تقديمهم إلى المحاكمة حسب الأصول القانونية بموجب التعديل الخامس للدستور الأميركي في حين أن العولقي لم تُوجه له قط تهمة أمام محكمة أميركية نظامية.
ويجادل غرينولد قائلا إن اوباما كان في قتل العولقي quot;القاضي وهيئة المحلفين والجلادquot;.
واستبعدت مجلة تايم ان يتفق كثير من الأميركيين مع رأي غرينولد مثلما أن لا أحد تقريبا احتج على الرصاصة التي وجهت إلى رأس بن لادن في ظروف يمكن القول إنها لم تكن تستدعي قتله.
ولكن مسؤولي إدارة اوباما ينشطون الآن في الرد على أي انتقادات قانونية وأخلاقية باستخراج معلومات استخباراتية مصنفة يقولون إنها تبين أن العولقي لم يكن مجرد محرّض يستخدم يوتيوب لإيصال رسائله بل كان مخططا ميدانيا لفرع تنظيم القاعدة شديد الخطورة في اليمن.
وتنقل مجلة تايم عن خبراء في عمليات الاغتيال محدَّدة الأهداف ان إدارة اوباما لم تحرم العولقي من حقوقه الدستورية لأن إلقاء القبض عليه كان متعذرا وان العولقي نفسه اختار ألا يسلم نفسه بعدما قررت الإدارة علنا العام الماضي انه إرهابي مستهدف.
وبصرف النظر عن هذه الآراء المتضاربة فإن اغتيال مواطن أميركي على يد حكومته يقع في دائرة المنطقة الرمادية لحملة أميركا العالمية ضد مَنْ يُشتبه بأنهم إرهابيون.
وسرعان ما امتدت هذه الحملة أبعد من أفغانستان وباكستان إلى بلدان مثل الصومال وليبيا واليمن.
وأثار هذا سجالا قانونيا داخل إدارة اوباما عن حدود ما تُعدّ من الناحية العملية اغتيالات خارج إطار القانون تستند إلى معلومات استخباراتية لا تكون دائما موثوقة، بحسب مجلة تايم.
وأفادت تقارير بأن كبير محامي وزارة الخارجة الأميركية هارولد كوه احتج بأن الولايات المتحدة لا تتحرك إلا من موقع الدفاع الواضح عن النفس لاستهداف أشخاص يخططون بنشاط لضربها ولا يستطيع البلد الذي يستضيفهم، أو لا يريد، ان ينفذ المهمة بدلا منها.
ويعتقد نظيره في وزارة الدفاع جيه جونسن أن أعضاء أي جماعة متحالفة مع تنظيم القاعدة أهداف مشروعة حتى من دون أدلة على انخراطهم في مخططات محددة قريبة الأمد لإيذاء أميركيين، ولا تكون حكومات بلدانهم قادرة على التعامل معهم.
ولعل هذا السجال لا يمت بصلة مباشرة إلى مقتل العولقي الذي يثير جملة مسائل عن إرهابيين مفترضين يكونون أميركيين ايضا.
ولكنه فرصة أمام واشنطن لبحث جوانب من حملة الاغتيالات محددة الأهداف التي تقوم بها الولايات المتحدة.
وتنقل مجلة تايم عن المستشار القانوني السابق لوزارة الخارجية الأميركية جون بلنغر ان الوقت قد حان لإعادة النظر بقرار الكونغرس تخويل استخدام القوة العسكرية ردّا على اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر ووضع قواعد قانونية لحملة الولايات المتحدة ضد الإرهاب.
وهناك من يرى أيضا ان استخدام الطائرات من دون طيار لن يضمن أمن الولايات المتحدة في المحصلة النهائية.
ففي غمرة الاحتفال بمقتل عدو آخر للولايات المتحدة لا بد من وقفة إزاء الدلالات التي تنطوي عليها ملاحقة الأعداء حول العالم باستخدام التكنولوجيا الأميركية المتطورة، على حد تعبير مجلة تايم.
التعليقات