واشنطن: الامام الاميركي اليمني انور العولقي هو آخر عدو يقتل في اطار الحرب السرية والمكثفة التي تشنها ادارة الرئيس باراك اوباما ضد اشخاص يشتبه بمشاركتهم في اعمال ارهابية ضد الولايات المتحدة.

ويؤكد مسؤولون اميركيون ان هذه العمليات والغارات الجوية بطائرات بدون طيار يستخدمها الجيش الاميركي ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) ادت الى القضاء على عدد كبير من قياديي القاعدة واضعفت الى حد كبير التنظيم الارهابي في سعيه لاستهداف الولايات المتحدة.

وقال اوباما الجمعة ان الاميركيين quot;سيواصلون التزامهم تدمير الشبكات الارهابية التي تريد قتل اميركيين بتصميم وعناد وبدون ضعفquot;.

ورحب اوباما بتصفية العولقي معتبرا انه يشكل quot;ضربة قاسيةquot; لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب بعد خمسة اشهر من قتل زعيم القاعدة في عملية قامت بها وحدة خاصة اميركية في باكستان.

لكن هذه الاستراتيجية تطرح ايضا قضايا اخلاقية ودبلوماسية وقانونية بالنسبة للولايات المتحدة، وقد يكون لها مضاعفات يصعب ادارتها في بعض الاحيان كما تبين من تدهور العلاقات بين واشنطن واسلام اباد في الاشهر الاخيرة بعد قتل بن لادن.

وقال مسؤولون اميركيون طالبين عدم كشف هوياتهم ان 23 اسلاميا متطرفا على الاقل من الصف الاول قتلوا او اعتقلوا منذ آب/اغسطس 2009 في عمليات اميركية او للحلفاء في باكستان واليمن وكذلك في الصومال واندونيسيا.

ولاحظ ريتشارد فونتين من مركز الامن الاميركي (quot;سنتر فور اميريكان سيكيوريتي) للبحوث ان quot;الجمع بين افضل الاستخبارات وافضل تقنيات الطائرات بدون طيار وتعزيز الشراكات مع وكالات استخبارات محلية هو الذي سمح لنا بالقيام بالعمل بمفردناquot;.

اما توم ساندرسن الذي يعمل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان هذه الحصيلة جاءت نتيجة ارادة اوباما ايضا.

واضاف هذا الخبير ان quot;مكافحة الارهاب في نهاية ادارة (الرئيس السابق جورج) بوش اصبحت فعالة واوباما كان ذكيا بمواصلته العمل من النقطة التي وصل اليها وقام بتحسينهquot;.

وكان جون برينان كبير مستشاري اوباما لمكافحة الارهاب تحدث عن جبهات جديدة في هذا النزاع السري الشهر الماضي في خطاب في هارفرد.

وقال ان quot;الولايات المتحدة لا تعتبر ان صلاحية استخدام القوة العسكرية ضد القاعدة تقتصر على ميدان القتال في افغانستانquot;.

واضاف quot;نحتفظ لانفسنا بحق التحرك بشكل احادي اذا لم تكن حكومات تريد او تستطيع اتخاذ الاجراءات اللازمة بنفسهاquot;، معترفا بان quot;القواعد القانونية الدولية ومن بينها احترام سيادة الدول وقوانين الحرب تفرض قيودا على قدرتنا على التحرك بشكل احادي الجانبquot;.

مقتله ضربة موجعة للقاعدة في جزيرة العرب لكن تاثيرها محدود

يرى خبراء ان مقتل الامام المتطرف انور العولقي يشكل ضربة موجعة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي كان بمثابة زعيمه الروحي، لكن دون ان يكون لذلك تاثير بعيد المدى على قدرة التنظيم على التحرك وعلى ضرب اهداف في اليمن.

ويرى مراقبون ان الاطاحة بالعولقي في غارة جوية لن يكون له سوى تاثير نسبي على فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية المتحصن في اليمن، وذلك بالرغم من تقديم واشنطن لهذا الانجاز على انه انتصار كبير في الحرب على القاعدة.

وقال الباحث اليمني المتخصص في شؤون الجماعات الاسلامية نبيل البكيري لوكالة فرانس برس انه quot;لن يكون لمقتل انور العولقي اي تاثير على مستقبل القاعدةquot; مشيرا بشكل خاص الى ان الرجل quot;لم يمكن يتمتع باي مكانة تنظيميةquot; داخل المجموعة.

وشدد البكيري على ان القاعدة quot;موجودة قبل العولقي وبظهوره لم يضف اي شيء سوى انه يجيد اللغة الانكليزية وكان قادرا على التخاطب مع الخارجquot;.

وفي الواقع، اصدر تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بالتزامن مع تاكيد مقتل العولقي في واشنطن، بيانا تبنى فيه عددا من العمليات التي نفذها في ايلول/سبتمبر والتي قد تكون اسفرت عن مقتل اكثر من 140 شخصا في جنوب اليمن.

وتنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب الذي ولد من اندماج فرعي القاعدة في السعودية واليمن، تمكن من الاستفادة من ضعف وتفكك الدولة المركزية اليمنية التي يواجه راسها علي عبدالله صالح حركة احتجاجية كبيرة مطالبة باسقاطه.

وعزز التنظيم تواجده بشكل كبير في جنوب البلاد، لاسيما في محافظة ابين التي يسيطر على عدة مدن فيها.

ففي نهاية ايار/مايو، سيطر مئات المسلحين المرتبطين بالقاعدة والذين يطلقون على نفسهم اسم quot;انصار الشريعةquot;، على زنجبار عاصمة ابين، وتحاول القوات الحكومية منذ بداية ايلول/سبتمبر استعادة السيطرة على هذه المدينة لكن دون تحقيق نتيجة حاسمة حتى الآن.

وفي بعض مناطق جنوب اليمن، يمارس تنظيم القاعدة عدالته الخاصة اذ يقوم باعدام القتلة ويبتر ايدي السارقين.

الا ان مراقبين آخرين يرون ان مقتل العولقي يمكن ان يضعف التنظيم بشكل مؤقت.

وقال الباحث محمد سيف حيدر لوكالة فرانس برس ان quot;مقتل العولقي، وهو بمثابة الاب الروحي للتنظيم، يضعف القاعدة بالتاكيدquot;.

واشار الى ان ازاحة العولقي من المعادلة quot;ستدفع القيادة المتبقية للقاعدة الى اعادة حساباتها وتكتيكاتهاquot;.

كما توقع حيدر الا تقوم القاعدة برد ثأري فوري quot;حتى تعيد تنظيم صفوفها بعد مقتل العولقيquot;.

والقائد الرئيسي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو اليمني ناصر الوحيشي الذي فر من السجن عام 2006 مع 22 ناشطا آخرين، اما نائبه فهو السعودي سعيد الشهري الذي التحق مجددا بالقاعدة بعد ان نقل في 2007 من معتقل غوانتانامو الاميركي في كوبا الى بلاده السعودية حيث تابع برنامج المناصحة الخاص بالمتشددين.

وكتب موقع انتل سنتر المتخصص في رصد المواقع الاسلامية ان مقتل العولقي quot;سيؤثر بشكل خاص على قدرة المجموعة على تجنيد ناشطين جدد وعلى جمع الاموالquot;، وذلك نظرا الى التاثير الذي كان العولقي يتمتع به عبر الانترنت خصوصا.

وكانت واشنطن ترى في العولقي خطرا يوازي خطر اسامة بن لادن الذي قتلته مطلع ايار/مايو الماضي.

وتعتقد واشنطن ان العولقي كان على علاقة مع منفذ الهجوم الفاشل الذي استهدف طائرة مدنية اميركية يوم عيد الميلاد عام 2009، ومنفذ اطلاق النار في ثكنة في تكساس في تشرين الثاني/نوفمبر 2009، وهي حادثة اسفرت عن مقتل 13 شخصا.

وعرف العولقي الذي يحمل الجنسية الاميركية، بقدرته على التخاطب خصوصا مع المتحدثين بالانكليزية في سائر انحاء العالم، كما عرف بدعواته المتكررة الى استهداف الاميركيين.

قتل العوقلي تم بموافقة وزارة العدل الأميركية

وكانت صحيفة نيويورك تايمز ذكرت الجمعة ان ادارة اوباما منقسمة بشأن الحرية القانونية التي تملكها او لا تملكها الولايات المتحدة في عملياتها ضد الاسلاميين في اليمن او الصومال.

واضافت ان المسألة هي معرفة ما اذا كانت السلطة التنفيذية الاميركية عليها ويمكنها مواصلة استراتيجيتها بشن هجمات الطائرات بدون طيار وبصواريخ بعيدة المدى وهجمات القوات الخاصة ليس فقط ضد كوادر الشبكات الارهابية بل ضد آلاف من عناصرها.

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة واشنطن بوست الجمعة ان قتل الامام الاميركي اليمني المتطرف انور العولقي تم بموافقة من وزارة الدفاع الاميركية وردت في وثيقة سرية.

وقالت شبكة سي.ان.ان وواشنطن بوست ان العولقي قتل في غارة لطائرة بدون طيار تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) الاميركية، في معلومات لم ينفها مسؤولون اميركيون ردا على اسئلة لوكالة فرانس برس.

ورفض البيت الابيض كشف تفاصيل عن العملية التي جرت بسرية تامة كما يحدث عادة في عمليات مكافحة الارهاب.

الا ان مسؤولا اميركيا رفيع المستوى اكد لواشنطن بوست ان السي آي ايه ما كانت لتقتل مواطنا اميركيا بدون موافقة خطية من وزارة العدل.

وحررت الوثيقة التي تضمنت الموافقة على قتل العولقي بعدما درس حقوقيون من ادارة الرئيس باراك اوباما المسائل القانونية المتعلقة بتصفية مواطن اميركي.

وقال المسؤولون للصحيفة انه لم يكن هناك خلاف حول شرعية القضاء على العولقي اول اميركي يدرج على لائحة السي آي ايه quot;لقتله او اعتقالهquot;.

واثار قتل العولقي جدلا في الولايات المتحدة حول حق الرئيس في السماح بقتل مواطن اميركي في الخارج باسم مكافحة الارهاب.

وصرح مسؤول كبير لفرانس برس طالبا عدم كشف هويته quot;بشكل عام استهداف قياديين في القوى المعادية ايا تكن جنسياتهم وهم يتآمرون لقتل اميركيين، قانونيquot;.

لكن بارديس كيبرياي المحامية في منظمة مركز الحقوق الدستورية، قالت لفرانس برس انه quot;اذا حدث ذلك في غياب تهديد وشيك او خطر الموت، فهو قتل غير قانوني بموجب الدستور الاميركي والقانون الدوليquot;.