استقبل أقباط المهجر أحداث العنف في ماسبيرو بحزن ممزوج بالغضب، واعتبروا أنّ الثورة التي طالما انتظروها تمرّ بمنعطف خطر. وقالت شخصيات قبطية في حوار مع إيلاف إن ما حدث في 25 يناير ما هو إلا مجرد إنقلاب عسكري قام به الجيش لفرض سطوته على البلاد.


عبّرت شخصيات قبطية في المهجر عن أسفها لأحداث العنف بين الأقباط والجيش، ووصفوا ما حدث في ماسبيرو بـ quot;المجزرةquot; في حق الأقباط لتصفيتهم جسدياً من المجتمع، إما بالقتل أوالتهجير القسري، حسب قولهم.

وسألوا عن أسباب العنف الموجّه ضدهم من قبل قوات الأمن وتجاهل مطالبهم، التي أقل ما توصف بأنها مطالب مشروعة، وبدلاً من سماعهم، يتم قتلهم، والتنكيل بهم، وذلك على حد تعبيرهم.

موريس صادق: ما حدث مذبحة والحكومة تقدم معلومات مغلوطة

موريس صادق

ووصف السكرتير التنفيذي للدولة القبطية ورئيس الجمعية الوطنية القبطية الأميركية موريس صادق بأن أقل وصف لما حدث هو quot;مذبحة بشرية لإبادة الأقباط بيد العسكر لم تبدأ من اليوم، بل منذ وقت طويل.

مؤكدًا في الوقت عينه على وجود مخاوف على مصير الوجود المسيحي في مصر، وهذه المخاوف ليست وليدة اليوم، بل من الخمسينات، منذ تولى النظام القديم الحكم، الذي أساء فيه معاملة الأقباط، وكثر التمييز ضدهم، وصولاً إلى نظام مبارك، الذي زادت في عهده حالات الإضهاد والقتل، ومن ثم انتهى الحال بثورة 25 يناير، التي اعتبرها البعض quot;الربيع العربيquot;، في حين إنها ليست سوى انقلاب عسكري حكم فيه الجيش البلاد، وفرض سطوته عليهاquot;.

ورأى صادق quot;أنه من الظلم تصوير ما حدث على أنه أحداث شغب، كما يشاع في الصحف ووسائل الإعلام الرسمية المصرية، ذلك أن خروج الأقباط كان بدون أسلحة لنواياهم الطيبة في مسيرة سلمية، ولكنها انتهت بمذبحة مدبّرة عندما فتح الجيش عليهم النيران، وتم دهسهم بسيارات الجيشquot;. وكذّب ما جاء على لسان حكومة عصام شرف بوجود إياد خفية بين الأقباط تريد اشعال الفتنة وتخدم أجندات خارجية.

واعترف صادق بأن الإنقسام في المجتمع المصري بين المسيحيين والمسلمين ليس بالجديد. وتوجّه المحامي والمستشار السابق إلى دول العالم مطالباً بمحاسبة المتورطين في أعمال العنف، وقال quot;يجب قطع المعونات العسكرية وطرد السفراء المصريين، ومقاطعة السياحة، ومقاضاة المتورطين أمام محكمة الجنايات الدوليةquot;.

وأكد صادق أن الأقباط في المهجر لن يقفوا مكتوفي الأيدي، بل سيبادرون إلى إعلان أول تشكيل سياسي للأقباط في العالم، عبر إعلان حكومة في المنفى لدولة قبطية مدنية ذات حكم ذاتي، يعيش فيها الأقباط مع المسلمين على كل أرض مصر، إذا استمر تجاهلهم ومعاملتهم معاملة سيئة.

دينا جرجس: الأقباط لديهم اعتزاز بهويتهم رغم الاضطهاد

دينا جرجس

في حين ترى المحامية والناشطة الحقوقية في مجال الديمقراطية دينا جرجس أن ما حدث هو جرس إنذار لكل المصريين للإنتباه إلى الخطر المحدق بثورتهم، وأن ما حدث هو أكبر دليل على أن الجيش لا يريد حماية الشعب، بل حماية نفسه، حيث لا تزال سياسة النظام القديم (فرّق تسد) سائدة.

وقالت quot;ما حدث جريمة، وعلى المشير طنطاوي الخجل مما حدث، فلو تحققت العدالة الإجتماعية، وحصل الأقباط على حقوقهم المدنية المشروعة في بلدهم، لما شعروا بالقهر والظلم والاضطهاد، ولما خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات سلمية بدون سلاحquot;.

ثم تضيف: quot;وبدلاً من الإعتراف بالخطأ في حقهم، والاستماع إلى مطالبهم يتم تلفيق الأكاذيب بحقهمللتشكيك بوطنيتهم وإظهارهم بمنظر المتآمر لإشعال فتنة طائفية وإباحة قتلهمquot;.

عند هذه النقطة تحمّل جرجس quot;وسائل الإعلام الرسمي مسؤولية تصعيد الموقف والتحريض، من خلال بثها معلومات مغلوطة، تنم عن عدم دراية وإلمام بما حدثquot;. وقالت quot;الإعلام الرسمي ساهم بشكل أو بآخر في هذه المجزرة، من خلال بثّ معلومات مغلوطة عن اتهام الأقباط بفتح السلاح على رجال الجيش، وفي ذكرى انتصارات اكتوبر، لتصويرهم على أنهم اعداء للوطن والجيشquot;.

تنفي جرجس وجود اختراق في صفوف المجتمع القبطي بإصرار أو حتى وجود عناصر مخربة في ما بينهم قائلة: quot;لدينا اعتزاز بهويتنا المصرية على الرغم من الإضطهاد الذي نتعرّض له. والحلّ لن يكون بحكم ذاتي ولا حماية دولية، ولكن الحل يكون بحكومة مدنية ترسخ الديمقراطية الحقيقية والمساواة في الحقوق كما الواجباتquot;.

منير مراد: الإعلام الرسمي لا ينقل الحقيقة

حول تداعيات ما حدث على السلم الإجتماعي، يتساءل الدكتور منير مراد عن توافر السلم الأجتماعي، في مصر حاليًا قائلاً: quot;مصر اليوم تفتقر أهم عناصر السلم الإجتماعي، وهي الأمن والأمان، التي تتوافر بوجود القانون الذي يحمي الناس وتأمين المرافق والممتلكات على حياة الأفراد، والذي يجب أن يتم الآن من خلال المجلس العسكري الذي يحكم البلاد. ولكن للأسف المجلس العسكري اتخذ أسلوب النظام القديم نفسه في ترويع الناس، وكأن ما انتهى هو عهد مبارك، وليس عصر مبارك. فالمجلس العسكري بدلاً من الإستماع إلى مطالب المتظاهرين، قام بقتلهم ودهسهم، بل وعمل على تشويه سمعتهمquot;.

كما واتهم الإعلام المصري بالتقصير في البحث عن الحقيقه قائلاً: quot;الإعلام المصري إعلام مسيس، لا يقف على قدم المساواة في البحث عن الحقيقةquot;.

وأكد أن الحديث الأميركي حول القلق على وضع ومستقبل المسيحيين في مصر لا يهمّ الأقباط في شيء، فهم يعون جيداً المخطط المراد تطبيقه في المنطقة، وهو التقسيم، الذي لن يتم من خلالهم.

الصاوي: حل مشاكل الأقباط موجود

محمد كمال الصاوي

فيما يرى كبير المحللين في وزارة الدفاع الأميركية سابقًا والمتقاعد حاليًا محمد كمال الصاوي أن الأقباط عانوا الاضطهاد في ظل النظام القديم، وما زال مسلسل الاضطهاد مستمرًا، قائلاً: quot;الحلول لمشاكل الأقباط موجودة ومشروعة، ولكن للأسف من يحكم مصر لا يتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة (من وصفهم) بالمتعصبين من المسلمينquot;.

وللخروج من ذلك النفق، قال quot;لا بد من البدء في إعادة النظر في كيفية تعليم الدين في المدارس بشكل كامل، خاصة تلك التي تكفّر غير المسلمينquot;.

وحمّل الصاوي الإعلام المصري الرسمي والخاص مسؤولية كبيرة في ما حدث، من خلال نقله أخبارًا quot;كاذبة وملفقةquot; قائلاً: quot;كلنا يعرف هذه السياسة جيداً، فالإعلام المصري للأسف بقي كما هو، ولم يتغير، ولا يزال يمارس سياسة التحريض والإستخفاف بعقلية المشاهد، وكأننا لا نعرف شيئًا عمّا يحدث في البلدquot;.

وحذر الصاوي من مغبّة ما حدث من تداعيات على السلم الإجتماعي في المستقبل، ذلك أن quot;سياسات المجلس العسكري فيها نوع من التحريض الخطر لأنه لم يعلن عن أن أسماء الجنود الذين قتلوا، كما ادعى، ولم يقم لهم جنازات عسكرية، مما يعني أن ما يفعله هو من باب التحريض على الأقباطquot;.

محمد الخشاب: مصر اليوم تحتاج ديكتاتورًا عادلاً
يصف رجل الإعلام مدير شركة ريتش ميديا في الساحل الشمالي محمد الخشاب أن quot;الإعلام في مصر اليوم هو مزيّف، يعتمد على (البزنس والتلميع) مع تعدد القنوات الخاصة، التي تساعد على التحريض، مما أدى إلى وجود بلبلة وخلط، وذلك فقط لزيادة عدد المشتركين، ولم تعد التقنية في نقل الخبر والبحث عن الحقيقة هي الأهمquot;، وذلك على حد تعبيره.

محمد الخشاب

ويعتقد الخشاب أن المسؤول الحقيقي عن أحداث ماسبيرو هو الجيش، الذي يحكم البلد في الوقت الحالي، قائلاً: quot;الجيش يحكم بالاسم، ولكن الحقيقة أن البلد ليس لها كبير، والمجلس العسكري لا يمتلك خبرة إدارة بلد، وهو يحاول إمساك العصا في المنتصف، ولكن ذلك لن ينفع، نحن ببساطة شديدة نحتاج حاكمًا (ديكتاتورًا عادلاً) لا تهمّه المكتسابات المادية، بقدر ما تهمّه مصلحة البلد، ويستطيع إدارة شؤون البلدquot;.

فيما يرى أن الإحتجاجات عطّلت مسيرة البلد لعقود طويلة، وأن مصر الآن بعد انتهاء النظام السابق لا تحتاج تظاهرات واحتجاجات يومية بقدر ما تحتاج ثورة عمل وضمير، قائلا: quot;أطلقت شعاري الخاص على الثورة التي تحتاجها البلاد، وهي (أضع)، والذي يعني أن مصر اليوم تحتاج (أخلاق، ضمير، عمل) من جهة، ومن جهة أخرى نحتاج حاكمًا يستطيع سنّ القوانين والتشريعات العادلة التي تكفل حقوق الأفرادquot;.

ويأسف مدير قنوات quot;آرتquot; في أميركا للمواجهات التي حدثت في ماسبيرو، والتي قتل فيها عدد كبير من الأقباط، مؤكداً أن تكرار المواجهات يعود إلى عدم وجود عدالة اجتماعية للأقباط، خاصة في ما يختص بدور العبادة الخاصة، فيما يحمّل الجهل في الدين، الذي تتمتع به الغالبية العظمى من الشعب، الدور الأكبر في ما حدثquot;.