لا ترىتقارير غربية أن صفقة شاليط ستؤدي إلى تغيير الواقع السياسي المتشنج بين الفلسطينيين والإسرائيليين.


شاليط بعد خروجه من الأسر ووصولهإلى إسرائيل

تعني صفقة تبادل الاسرى بين حركة حماس وإسرائيل الكثير بالنسبة للسجناء المفرج عنهم وأسرهم، غير أنها لن تجلب الكثير من التغيير على المستوى السياسي.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن الإفراج عن الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط ، مقابل 1027 أسير فلسطيني كان خبراً ساراً للمعتقلين وعائلاتهم، في الوقت الذي تسعى فيه حماس وفتح وإدارة نتنياهو لانتزاع أي مكسب سياسي يمكن تحقيقه.

لكن الصحيفة رأت أنه لا يجب على احد أن يصدق ما ينشر في الأخبار والمقالات والافتتاحيات عن التلميح بأن تبادل الأسرى سيؤدي إلى مفهوم جديد لمحادثات السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين، ويقوم بتحسين الوضع المتعثر لحركة حماس، أو يؤدي إلى ذوبان الجليد في العلاقات الفاترة بين إسرائيل ومصر.

صحيح أن إسرائيل تفاوضت مع حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة جماعة إرهابية، لكن السياسة النفعية التي تنتهجها إسرائيل ليست جديدة، لا سيما عندما يتعلق الأمر باستعادة الجنود الاسرائيليين.

في عام 1985، تفاوض اسرائيلي بشأن الإفراج عن ثلاثة من جنودها في لبنان الذين أُسروا بيد الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، التي تعتبر أيضاً مجموعة إرهابية، مقابل أكثر من 1100 سجين فلسطيني.

وبعد أن تم القبض على عميلين للموساد في الأردن بعد محاولتهما اغتيال زعيم حركة حماس خالد مشعل في عام 1997، أطلقت اسرائيل سراح الزعيم الروحى لحماس الشيخ أحمد ياسين (الذي اغتيل في وقت لاحق من قبل إسرائيل في قطاع غزة) مقابل عودتهما سالمين.

وفى عام 2004 تفاوضت إسرائيل مع حزب الله للإفراج عن 400 سجين فلسطيني ونحو 60 جثة لمقاتلي حزب الله، مقابل إطلاق سراح عقيد احتياط في قوات الدفاع الإسرائيلية، الهنان تانينبوم، الذى أسره حزب الله وتسليم رفات ثلاثة جنود اسرائيليين.

ورأت الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; أن الجميع كسب شيئاً من صفقة شاليط، لكنها أشارت إلى أن اياً من هذه المكاسب لا تتعلق بالقضية الرئيسية للصراع الفلسطيني: الأرض مقابل السلام. ففي حين أن الجمهور الإسرائيلي يبدو على استعداد للافراج عن أكثر من 1000 فلسطيني مقابل جندي اسرائيلي، غير أن هذا لا يعني وجود أية رغبة سياسية للتنازل عن المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

أما بالنسبة لحماس، فهل ستؤدي هذه الصفقة إلى إعادة الزخم في الشارع المؤيد للحركة في غزة بعد أن تراجعت شعبيتها منذ فوزها الكاسح في الانتخابات في عام 2006؟

إجابة على هذا السؤال، اشارت الصحيفة إلى أنه من الصعب أن نرى تغييراً كبيراً في الموقف السياسي لحماس، فهذه الحركة أصرت لسنوات على تضمين عدد من السجناء الفلسطينيين البارزين في أي اتفاق لشاليط، وأهمهم مروان البرغوثي.

البرغوثي زعيم فتحاوي ذو مصداقية عالية ويحظى بتأييد واسع في الضفة الغربية، والافراج عنه سيكون له انعكاسات ايجابية مهمة على الساحة السياسية الفلسطينية. لكنه لا يزال قابعاً في السجن الإسرائيلي، يقضي حكما بالسجن مدى الحياة.

في عام 2008 ، اقتربت إسرائيل وحماس للوصول إلى اتفاق بشأن إطلاق سراح شاليط بوساطة مصرية، وكان من المتوقع أن تتم عملية التبادل بين يوم وآخر، لكن الاتفاق انهار بسبب خلافات حول البرغوثي.
من غير الواضح استعداد حماس الآن لتقديم تنازلات بشأن هذه المسألة، لكن كان إطلاق سراح البرغوثي ليكون بمثابة الجائزة الكبرى، وليس أقلها لأن حركة فتح ستكون مدينة بشكل كبير لحماس، مما كان سيرفع احتمالات الوصول إلى مصالحة مجدية.

وتناولت الصحيفة الواقع السياسي الصعب لحماس في قطاع غزة، quot;إذ كانت تعتبر الحركة البديل النظيف لحركة فتح الفاسدة، غير أنها باتت اليوم مصدراً للنفور والرفض المتزايد من قبل الغزاويينquot;.

وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن حركة حماس ستحصل على 28٪ فقط من الأصوات في الانتخابات القادمة، ما يمثل انخفاضاً حاداً من نسبة الـ 44% التي فازت بها في الانتخابات الأخيرة.

ويلقي بعض الغزاويين باللوم على حماس في الأحداث الأكثر تدميراً التي مرت على القطاع: الحصار والحظر التجاري، ثلاثة أسابيع من الهجوم العسكري الإسرائيلي في أواخر العام 2008 وأوائل عام 2009 التي أدت إلى مقتل 1400 فلسطيني وتركت عشرات الآلاف بدون مأوى.

كما ان ردة فعل حماس حول محاولة إقامة الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول، لم تكن في صالح موقعها السياسي وشعبيتها. فحركة حماس منعت التظاهرات المؤيدة لهذا المطلب، بحجة أن حركة فتح لم تستشيرها قبل التقدم بهذا الطلب أمام الجمعية العالم، فجعلت من نفسها عقبة، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وإسرائيل، أمام إقامة دولة فلسطينية.

أبعد من ذلك، لم توفق حماس في اعتمادها على دعم سوريا، حيث تتمركز معطم قيادتها في دمشق، فممارسات الرئيس بشار الأسد الدموية المناهضة للديمقراطية جعلت من حماس حركة سياسية تعتمد على رعاية واحدة من الأكثر الشخصيات العربية المكروهة، بغض النظر عما ستكون نتيجة النضال من أجل الديمقراطية في سوريا.

أما بالنسبة لتأثير صفقة شاليط على العلاقة بين مصر وإسرائيل، فاعتبرت الصحيفة ان مصر لعبت دورا مهماً في هذه الصفقة، الامر الذي اشار إلى احتمال تحسن علاقتها مع اسرائيل والتي اهتزت بعد سقوط الرئيس المصري حسني مبارك، وقتل جندي مصري برصاص إسرائيلي على الحدود، و اغلاق السفارة الاسرائيلية في القاهرة بعد أن هاجمتها مجموعة من المحتجين الغاضبين.

غير أن الصحيفة رأت ان الجمهور الذي يملك مشاعر معادية لإسرائيل في مصر سوف يستمر بالتعبير عنها، في الوقت الذي استبعدت فيه أن يتم رأب الصدع بين الدولتين والعودة إلى التعاون الأمني المريح الذي شهتده مصر وإسرائيل في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.