تبين معلومات جديدة أن الغرب يشن حرباً خفية ضد برنامج إيران النووي تصاعدت حدتها منذ العام 2007.


مركز التحكم في مفاعل بوشهر الإيراني

كشف تقرير أن الغرب يخوض حرباً خفية مع إيران بسبب برنامجها النووي مستخدما التخريب والهجمات الالكترونية والاغتيالات التي أدت الى تأخير البرنامج لكنها لم توقفه.

وقالت صحيفة الغارديان في تقريرها إن جورج بوش بدأ الحرب الخفية ضد برنامج ايران النووي في عام 2007. وان من الجائز القول إن القوى الغربية تعمل كل ما بوسعها للتجسس على الجمهورية الإسلامية منذ الثورة الإيرانية عام 1979 ولكن قرار بوش عام 2007 دشن مرحلة جديدة في هذه الجهود.

وطلب بوش موافقة الكونغرس على رصد 400 مليون دولار لبرنامج يتضمن دعم جماعات عرقية متمردة وممارسة نشاطات تجسسية واعمال تخريبية تستهدف البرنامج النووي. ويشمل البرنامج دس قطع معطوبة مثل مكونات الأجهزة الطاردة في السوق السوداء التي تشترى منها إيران معداتها. وتكون هذه القطع مصممة بحيث تنفجر اثناء العمل، وبذلك تعطيل كل اجهزة الطرد القريبة. وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن بريطانيا والمانيا وفرنسا واسرائيل قامت بمحاولات مماثلة.

في هذه الأثناء، كثفت الاستخبارات الغربية محاولاتها لإختراق البرنامج النووي الايراني ساعية إلى تجنيد علماء ايرانيين خلال سفرهم خارج إيران.

ويبدو أن هذا المجهود التجسسي كان مثمراً. ففي عام 2009 أكدت الاستخبارات الأميركية والبريطانية والفرنسية أن اعمال الحفر في فوردو حيث توجد قاعدة تابعة للحرس الثوري الإيراني قرب مدينة قم، هي منشأة لتخصيب اليورانيوم قيد البناء. ورصدت اعمال الحفر اقمار تجسسية، ولكن مصادر بشرية وحدها كانت قادرة على تحديد الغرض منها.

وتمكن باراك اوباما وغوردن بروان ونيكولا ساركوزي من الكشف عن منشأة فوردو خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول/سبتمبر 2009. واستشاطت روسيا التي كانت سند ايران الرئيسي في المحافل الدولية غضبا على طهران بعدما فوجئت بوجود المنشأة وكان ذلك ضربة دبلوماسية موجعة لإيران.

ولكن تخمين الآثار الناجمة عن اعمال التخريب اصعب من التحركات الدبلوماسية. ونقلت صحيفة الغارديان عن كبير المفتشين السابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية اولي هاينونن انه لم ير ذات يوم دليلا مباشرا على حدوث تخريب. واضاف ان الايرانيين كانوا يواجهون اعطالا ولكن من الصعب القول ما إذا كانت هذه نتيجة مشاكل تقنية من جانبهم أو نتيجة تخريب. واعرب عن اعتقاده بأن هذه وتلك سبب هذه الأعطال.

ولم تقتصر العمليات السوداء على تخريب المعدات ومنظومات الكومبيوتر، بل امتدت الى استهداف العلماء الايرانيين، بحسب الغارديان. ففي تموز/يوليو 2009 اختفى العالم النووي الايراني شهرام اميري اثناء أدائه مناسك الحج في مكة. وبعد عام ظهر في الولايات المتحدة، مدعيًا أن عملاء أميركيين خطفوه. وفي تموز/يوليو 2010 عاد الى طهران التي استقبلته استقبال الأبطال.

وقال مسؤولون اميركيون إن اميري كان منشقًا بإرادته، وتلقى 5 ملايين دولا مقابل ما قدمه من معلومات، ولكنه تراجع عن موقفه لاحقًا لسبب غير معروف. وقيل أن اميري كان عميلاً مزدوجا طيلة الوقت. وما زالت قضيته غامضة.

وبذلت محاولات أكثر سفوراً واشد دموية للتخلص من علماء ايران. وابتداءً من مطلع 2010 شهدت طهران سلسلة من الهجمات على علماء ايرانيين لهم علاقة بالبرنامج النووي. وكان أول المستهدفين مسعود علي محمدي وهو عالم فيزيائي ومدرس في جامعة الامام الحسين التي يديرها الحرس الثوري الايراني. وكان متوجها الى العمل حين انفجرت دراجة نارية مفخخة خارج منزله وأدت إلى مقتله على الفور.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر من العام نفسه استهدف قتلة على دراجات نارية عالمين ايرانيين في وقت واحد خلال ساعة ازدحام السير صباحا. وفي كلا الحالتين الصق القتلة عبوات بسيارة العالم المستهدف اثناء السير بمحاذاتها. وقُتل ماجد شهرياري وهو عالم في هيئة الطاقة الذرية الايرانية وباحث شارك في اعداد دراسة عن دمج النيوترونات في مفاعل نووي. وأُصيب العالم الآخر فريدون عباسي دواني الذي يقول مسؤولون غربيون انه الرجل الأول في الاختبارات التي تجريها ايران لانتاج رأس نووي.

وقُتل عالم ثالث هو دريوش رضا ينجاد في تموز/يوليو الماضي عندما اطلق مسلحون على دراجات نارية النار عليه شرقي طهران. وقالت وسائل الاعلام الايرانية في البداية انه عالم نووي ولكن الحكومة نفت لاحقا ان له علاقة بالبرنامج النووي.

واتهمت ايران جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الموساد بالمسؤولية عن هذه الاغتيالات. وفي آب/اغسطس حكمت على الايراني ماجد جمالي فاشي بتهمة الضلوع في قتل العالم علي محمدي. واعترف فاشي بأنه عضو مجموعة مختصة بالاغتيالات تدربت في اسرائيل ولكن مراقبين رجحوا ان اعترافه انتُزع منه تحت التعذيب.

ورغم الملايين التي أُنفقت واعمال التخريب واغتيال علماء كبار فان إيران استمرت في بناء خزينها من اليورانيوم المخصب الى 4.5 طن تكفي لإنتاج أربع قنبال نووية في حال تخصيبه بنسبة اعلى لأغراض تسلحية. وفي احسن الأحوال فان هذه الحرب الخفية عملت على تأخير وتيرة التقدم في تنفيذ برنامج ايران النووي ولكنها لم توقفه، بحسب تقرير الغارديان.