تسعى الولايات المتحدة لتسويق أسلحتها في دول الخليج العربي

في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة لبيع أسلحة للإمارات العربية المتحدة ولدول خليجية أخرى، فإنّ الآراء تتعدد حول دوافع تلك الصفقات، وفيما يرى البعض أن الهدف منها ردع إيران، تشير تقديرات أخرى إلى أن الهدف هو إنعاش الاقتصاد الأميركي.


تسعى الولايات المتحدة الاميركية لبيع الإمارات العربية المتحدة، 4900 قنبلة مدمرة للملاجئ من طراز (القنابل الهجومية خارقة التحصينات) بالإضافة إلى أنواع أخرى من الأسلحة، وفقا لما أكّدته صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot;.
وبحسب الصحيفة فإن هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز القدرات الجوية الاماراتية في مواجهة ايران، وسط شكوك بأن واشنطن تستغل التهديد المحتمل الذي تمثله طهران وملفها النووي لدول مجلس التعاون الخليجي من أجل بيع أكبر قدر من صفقات الأسلحة لدول المنطقة مقابل الحصول على مليارات الدولارات لإنعاش اقتصادها والخروج من أزمتها المالية التي تعيشها الولايات المتحدة حاليا.

ويتضح من تقرير صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; أن دولة الإمارات تعمل على تطوير منظومة أسلحتها وفق أحدث المعايير العالمية بما يضمن لها حماية أراضيها من أي عدوان إيراني في حالة قيام الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وهذا يتضح جليا في اقتراب الإمارات من إتمام صفقة شراء 60 طائرة مقاتلة من طراز quot;رافالquot; من فرنسا وهي الصفقة التي تقدر قيمتها بـ10 مليارات دولار أميركي. علاوة على أن الامارات تمتلك أسطولا ضخما من الطائرات المقاتلة من طراز إف 16 وتعمل على إعداد وتدريب جيش وطني قوي مسلح بأحدث العتاد ليكون قادرا على ردع إيران وعلى أهبة الاستعداد لمواجهة أي حرب محتملة في منطقة الشرق الأوسط التي يكتنف مستقبلها الغموض.

وتشير التقديرات إلى أن الولايات المتحدة لن تقوم بضرب إيران لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل القريب لأن ذلك ليس في مصلحتها الراهنة وما يؤكد ذلك تصريحات وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا التي تقول إن الحرب على طهران ستؤدي إلى عواقب خطيرة على المنطقة بأكملها.
ويُعتقد أن ما تقوم به واشنطن من تصعيد مع طهران في الوقت الحالي هو بهدف quot;استغلاليquot; سعيا إلى بيع المزيد من الأسلحة لدول الخليج بعد تراجع صفقاتها في الآونة الأخيرة. حيث تباطأت وتيرة صفقات الأسلحة الأميركية (وتم تجميد بعضها) في جميع أنحاء الشرق الأوسط بعد اندلاع احتجاجات مطالبة بالديمقراطية في وقت سابق من هذا العام في ما يسمى ب quot;الربيع العربيquot;.

ومؤخرا اعترض بعض نواب الكونغرس على إتمام صفقة طائرات هليكوبتر هجومية لتركيا وقاموا بعرقلتها، مستشهدين بانهيار علاقات أنقرة مع تل أبيب، وتهديداتها ضد قبرص. وهو ما دفع إدارة الرئيس باراك أوباما حاليا إلى عقد المزيد من الصفقات العسكرية مع دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط في محاولة منها للخروج من ركودها الاقتصادي والتعافي من أزمتها المالية الخانقة التي تحيط بها قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية العام المقبل 2012.

الإمارات وإيران

ويفيد تقرير صحيفة وول ستريت الأميركية بأن إدارة الرئيس أوباما قد تعلن قريبا عن خطط لبيع كمية كبيرة من القنابل الذكية الدقيقة التصويب وغيرها من الذخائر لحليفها الرئيس في الخليج العربي، وذلك في وقت تتصاعد فيه الجهود الأميركية لتشكيل ائتلاف اقليمي في مواجهة ايران وبرنامجها النووي الذي يشكل خطرا على دول المنطقة. ومن المتوقع لهذه الصفقة أن توسع بشكل كبير قدرات القوات الجوية الإماراتية لتتمكن من استهداف مبان مثل المخابئ المحصنة والأنفاق والتي يعتقد أن إيران تطور فيها أسلحة نووية أو غيرها. ومن المتوقع أن تعرض هذه الصفقة المقترحة للإمارات رسميا على الكونغرس الأميركي في الأيام القليلة المقبلة. والتي سيتم بموجبها إقرار بيع 4900 قنبلة من نوع quot;غدامسquot; وهي من القنابل الهجومية خارقة التحصينات التي تلقى من الجو مباشرة عبر مقاتلات quot;إف 16quot;، بجانب أنظمة أسلحة أخرى متطورة.

وترى الصحيفة أن هذه الخطوة تمثل طريقا واحدا وهو أن إدارة أوباما تعتزم إبقاء ايران قيد المراقبة، لأنها تناضل من أجل إيجاد الدعم الكافي لقيام الأمم المتحدة بفرض عقوبات جديدة على إيران، خاصة بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخير الذي أوضح أن طهران تقوم بتطوير التقنيات اللازمة لإنتاج السلاح النووي، وأن طهران قد أجرت أبحاثا سرية لتطوير الأسلحة النووية، وهو ما يضع ضغوطا على إدارة أوباما لاتخاذ خطوات جديدة ضد حكام طهران.

ويبين التقرير أنه على الرغم من أن دولة الإمارات الغنية بالنفط تمتلك روابط تجارية قوية مع إيران (التي تزعم دائما أن برنامجها النووي هو لأغراض سلمية فقط) إلا أن قادة الدولة أعربوا عن مخاوفهم من امتلاك طهران السلاح النووي والقنبلة النووية، الأمر الذي يهدد الأمن والسلم في منطقة الخليج العربي ويخل بموازين القوى لصالح طهران، ويجعل من أمر احتلالها الجزر الإماراتية الثلاث quot;طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسىquot; بمثابة ملكية دائمة ومستمرة لها لا رجعة عنها طالما أنها تمتلك القوة النووية ولن يقدر أحد على انتزاع تلك الجزر منها.

ويشير التقرير إلى أنه من غير الواضح معرفة تأثير فعالية القنابل التي ستحصل عليها دولة الإمارات من واشنطن أو مداها في خرق التحصينات الإيرانية في حال نشوب نزاع، فقد تكون بعض التحصينات الإيرانية عميقة بما يكفي لتحمل العديد من الضربات المباشرة. وفي المقابل يؤكد البنتاغون أنه تم تطوير تلك القنابل لتكون أكثر توجيها وبإمكانها أن تودي إلى المزيد من الضرر.

وصرح مسؤولون في الإدارة الأميركية أن زيادة وضخامة مخزون الإمارات من الأسلحة سوف يسمح للدولة بتلبية احتياجاتها التدريبية المتوقعة، وأن هذا سيمكّنها من لعب دور أمني على نطاق واسع في المنطقة وخارجها، ويعمل أيضا على ردع إيران.

ونقل التقرير عن انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية قوله إن المقاتلات الإماراتية المحمّلة بتلك القنابل سيكون لها تفوق حاسم على أسطول الطائرات الإيرانية، وذلك لأن تلك المقاتلات الأميركية ستكون مجهزة بذخائرالهجوم المباشر المشترك وغيرها من الذخائر. وأضاف كوردسمان أن quot;على إيران أن تتخذ تحركات دولة الإمارات على محمل الجدquot;.

ويوضح التقرير أن أنصار هذه الصفقة عملوا على دعم دولة الإمارات سعيا لعزل إيران، وتتويجا لمشاركة الإمارات ودعمها الحاسم للحملة الجوية لحلف شمال وغيرها من دول الأطلسي quot;الناتوquot; في ليبيا. وقال مسؤولون إن منح الامارات المزيد من الأسلحة الأميركية سوف يجعل من السهل بالنسبة إلى الإمارات أن تشارك في مهام مماثلة لدورها في ليبيا في المستقبل.

إعادة توزيع القوات الأميركية
ويرى التقرير أن هذه الصفقة الإماراتية الأميركية تعكس تركيز إدارة أوباما على الحد من تأثير النفوذ الإيراني، في ظل سحب آخر قوات أميركية متواجدة في العراق بحلول نهاية العام الجاري. وقد صرّح مسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية quot;البنتاغونquot; أن الولايات المتحدة الأميركية سيكون لها ما يقدر بـ40000 جندي في المنطقة بعد قرار الإنسحاب من العراق بحيث تقوم واشنطن حاليا بالتفاوض مع الكويت لاستقبال هذه القوات في إطار ردع إيران أو مواجهة خطرها المتنامي في العراق في ضوء توتر العلاقات الكويتية العراقية بسبب ميناء quot;مباركquot;.

ويلفت التقرير إلى أن إدارة أوباما تسعى إلى بناء القدرات العسكرية للدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، البحرين، عمان، قطر، الإمارات العربية المتحدة، والكويت)، لتكون قادرة على مواجهة إيران وردعها بالشكل المطلوب. موضحا أنه في الأشهرالأخيرة بدأت الولايات المتحدة بإجراء حوار إستراتيجي منتظم مع كتلة مجلس التعاون الخليجي. حيث يسعى البنتاغون إلى تحسين عملية تبادل المعلومات الاستخباراتية وتحقيق التوافق العسكري بين الدول الست وواشنطن.

وتشمل صفقات السلاح الأخيرة بين دول الخليج وواشنطن رقما قياسيا بلغ 60 مليار دولار وذلك في خطة لبيع طائرات للمملكة العربية السعودية،تكون مجهّزة بـ 2000 رطل من ذخائر الهجوم المباشر المشترك، إضافة إلى ذخائر قوية أخرى.
كما أخطرت وزارة الدفاع الأميركية quot;البنتاغونquot; الكونغرس مؤخرا عن خطط لبيع صواريخ ستينغرو متوسطة المدى، وصواريخ جوجو إلى سلطنة عمان. كما سعت الولايات المتحدة أيضا إلى بناء أنظمة للدفاع الصاروخي في المنطقة، بهدف بناء شبكة متكاملة للدفاع ضد الصواريخ ذاتية الدفاع القصيرة والمتوسطة المدى من قبل ايران.