الرئيس الاميركي باراك اوباما يعانق رئيسة الوزراء الاسترالية جوليا غيلارد التي كانت في استقباله في مطار فيربيرن بكانبيرا

تخوض كل من الولايات المتحدة الأميركية والصين صراعا على النفوذ في آسيا، وتأتي زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى استراليا في إطار هذا الصراع، حيث سيعمل أوباماعلى ترسيخ وجود بلاده عسكريا واقتصاديا في هذه المنطقة.


تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى ترسيخ وجودها في آسيا والتعامل مع اتساع النفوذ الصيني فى المنطقة، وتأتي الزيارة التي بدأها الرئيس الاميركي باراك أوباما اليوم الأربعاء إلى كانبيرا في هذا السياق، على أن يتوجه الخميس إلى مدينة داروين شمال استراليا للإعلان عن أن واشنطن تعتزم استخدام ميناء داروين كمركز جديد لعملياتها في آسيا.
في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; إلى أن المرة الأخيرة التي لعبت فيها مدينة داروين الساحلية النائية دوراً مهماً في التخطيط العسكري الأميركي، كانت خلال الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية عندما استخدمها الجنرال دوغلاس ماك آرثر قاعدة لحملته لاستعادة منطقة المحيط الهادئ من اليابانيين.

يمثل وصول أوباما إلى المدينة رمزاً كبيراً حيث تتخذ الولايات المتحدة خطوات أولية - وان كانت رمزية أكثر منها عملية - لتثبت لحلفائها الآسيويين انها تعتزم ان تظل جيشاً راسخاً وقوة اقتصادية في المنطقة في وقت تقترب فيه الحرب في العراق وأفغانستان من نهايتها.
ورأت الصحيفة أن القاعدة الاسترالية الجديدة- التي جاءت بعد عقود من خفض البنتاغون لقواته بشكل بطيء في آسيا- تجعل الطائرات والسفن الاميركية اقرب إلى الممرات التجارية في بحر الصين الجنوبي، حيث أبدى بعض الحلفاء الاميركيين التقليديين القلق من ان الصين تسعى الى استعراض عضلات جيشهافي المنطقة.

ونقلت عن هوانغ جينغ، محلل الشؤون الخارجية وأستاذ في جامعة سنغافورة الوطنية، قوله إن quot;الولايات المتحدة بحاجة لأن تظهر للصين بأنها تملك القدرة على السيطرة في حال حدوث أي خطأquot;، مشيراً إلى ان الإدارة الأميركية تنتهج سياسة تسمى بـ quot;سياسة التحوطquot;.
بالنسبة إلى الولايات المتحدة، اتباع نهج أكثر صرامة تجاه الصين له آثار بعيدة المدى، ليس من الناحية الجغرافية السياسية فقط بل من الناحية الاقتصادية أيضاً. فالرئيس أوباما قدّم اقتراحاً بشأن خطة أميركية طموحة لإنشاء منطقة للتجارة الحرة في المحيط الهادئ، والمعروفة باسم الشراكة عبر المحيط الهادئ، معلناً عن أن هذه الشراكة لن تشمل الصين في الوقت الراهن.

واعتبر مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، توماس دونيلون أن الولايات المتحدة تحتاج الى quot;اعادة توازنquot; التركيز الاستراتيجي، من مسارح العمليات القتالية في العراق وأفغانستان نحو آسيا، حيث يزعم أن واشنطن وضعت موارد قليلة جداًَ في السنوات الأخيرة، بسبب انشغالها في حربي العراق وأفغانستان.
اصبحت الصين أكبر شريك تجاري مع معظم الدول في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى إضعاف النفوذ الاقتصادي الأميركي، كما برزت هذه الدولة كقوة عسكرية على نطاق واسع أكثر من أي وقت آخر في التاريخ الحديث.

وعلى الرغم من عدم الكشف عن ميزانية الصين العسكرية العامة، يقول الخبراء إنها تضاعفت عن العقد الماضي بنحو ثلاث مرات على الأقل، الأمر الذي سمح للصين بتعزيز وجودها العسكري البحري من خلال بناء المزيد من السفن الحديثة التي يمكن أن تعمل مع مجموعة أكبر من السلاح وحاملات الطائرات.
لا يزال الإنفاق العسكري للولايات المتحدة الأميركية أكبر عدة مرات من ميزانية الصين العسكرية الحقيقية، لكن الكثير من هذه القدرة نقصت وضعفت بسبب الحرب الأفغانية والعراق.

في وقت سابق من العام الماضي، حذر مسؤولون صينيون مسؤولي الادارة الأميركية الذين زاروا بكين ان الصين لن تتسامح مع أي تدخل في المنطقة. وهذا العام، بدأت السفن أو الطائرات الصينية باتخاذ إجراءات أكثر قوة، فيقول مسؤولون في الفيلبين ان القوات الصينية دخلت المياه أو الأجواء الفيلبينية ست مرات، بما في ذلك عندما اطلقت فرقاطة صينية النار في اتجاه قارب صيد فيلبيني. واشاروا إلى أن السفن الصينية قطعت كابلات سفينتي استكشاف فيتنامية كانتا في مهمة مسح لحركة الزلازل.
ويقول المسؤولون في إدارة أوباما إن تأمين دور أميركي أقوى في المنطقة ليس فقط بسبب المصالح، إذ يشير نائب مستشار الأمن القومي للاتصالات الاستراتيجية، بنجامين رودس، إلى أن أوباما يركز على quot;الاستجابة أيضاً لمطالبات دول المنطقة بأن تلعب الولايات المتحدة دوراً في المنطقة يضعف النفوذ الصيني ويخلق توازناً في القوىquot;.

وكدليل على ذلك، انضم أوباما إلى قادة 16 دولة أخرى في اجتماع قمة آسيا الشرقية السادسة في بالي هذا الاسبوع، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها رئيس اميركي في هذا المنتدى.
وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من استراتيجية أوسع نطاقاً لإعادة تبني التعددية وتكاتف القوى. في السنوات الأخيرة، كانت واشنطن تنظر إلى المجموعات الإقليمية الآسيوية كدول تحدّ من قدرتها في المنطقة، بينما كانت الصين تبني شراكات إقليمية قبل صعودها إلى قوة عظمى إقليمية. أما الآن فيبدو أن الأدوار انقلبت، وفقاً لكارليل ألف ثاير، أستاذ العلاقات الدولية في أكاديمية قوات الدفاع الاسترالية.

ونقلت الـ quot;نيويورك تايمزquot; عن مدير مركز الدراسات الأميركية في جامعة رنمين في بكين، شي ين هونغ، قوله: quot;اذا كانت الحكومة الصينية ذكية، فستحاول البحث عن السبب الذي جعل الولايات المتحدة شعبية في المنطقةquot;، وسأل quot;هل يعني ذلك أن الصين لم تكن جيدة بما فيه الكفاية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الدبلوماسية مع البلدان المجاورة؟quot;
وختمت الصحيفة بالقول ان هناك أدلة تشير إلى أن الصين بدأت تعديل سياساتها للرد على مثل هذه الانتقادات. فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، ابدت الصين رغبة لإبرام صفقات اكثر تعاونا مع جيرانها. وأعلنت في الأسبوع الماضي أنها ستنضم الى جيرانها في مكافحة القراصنة على نهر الميكونغ، كما وقعت مع دول جنوب شرق آسيا على اتفاق لتسوية النزاعات في بحر الصين الجنوبي.