تسببت الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية في تقريب المسافات وتكوين ما هو أشبه بالتحالف بين روسيا والصين.


القاهرة: تبدي روسيا والصين اعتراضهما على المبادرات الغربية حول الأحداث التييشهدها العالم العربيأو تعربان عن تحفظهما داخل مجلس الأمن، وهو ما يبدو للبعض شكلاً من أشكال التضامن بين حكومتين استبداديتين؛ وللبعض الآخر، يُعتَبر ذلك جهداً منسقاً لإضعاف، وفي الأخير تفكيك، الهيمنة الأميركية والغربية على شؤون السياسة العالمية، وفقاً لما ذكرته مجلة فورين بوليسي الأميركية.

ومع أن الصين مازالت تصف نفسها بأنها دولة شيوعية، فإنها ترفض منذ مدة طويلة العقيدة الماوية، بما في ذلك ما في علاقاتها الخارجية. فيما أسقطت روسيا الشيوعية قبل عقدين. ورغم الطابع الاستبدادي الذي تتسم به الدولتين، إلا أنه لا يوجد ثمة شيء مثل quot;الاستبداد الدوليquot; لإحداث تضامن بين الأنظمة الاستبدادية الحاكمة.

ومضت المجلة تشير كذلك إلى عدم وجود منافسة جيوسياسية إقليمية ثمينة بينهما، موضحةً أن مصالح الصين العالمية هي في الأساس مصالح اقتصادية، وهي إذ تعتمد على إيران، على سبيل المثال، من أجل الحصول على النفط الذي تستورده من الشرق الأوسط. كما تعمل الشركات الصينية في عدد من المشاريع بجميع أنحاء المنطقة. ومع اندلاع الحرب في ليبيا، تقطعت السبل بحوالي 20 ألف عامل صيني، وهو نفس عدد السياح الروس الذين تقطعت بهم السبل في مصر بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك. ونوهت المجلة الأميركية في هذا الصدد كذلك إلى أن مصالح موسكو تتجاوز حد الاهتمام بسياحها، حيث لها أنشطتها المتعلقة بتوفير السلاح وتكنولوجيا الطاقة النووية للعديد من الدول، وإن كانت لا تنافس واشنطن.

ولفتت المجلة أيضاً إلى عدم وجود توجه لدى بكين أو موسكو من أجل الاقتراب من حكام منطقة الشرق الأوسط. وخير دليل على ذلك أن مبارك كان حليفاً منذ مدة طويلة للولايات المتحدة، والرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي كان حليفاً لفرنسا، والقذافي لم يبرم أي اتفاقات سلام مع الغرب إلا عام 2003. فيما يختلف وضع الرئيس السوري بشار الأسد، إذ أن دمشق حليفة لموسكو منذ الحرب الباردة، وتربطها علاقات ودية بروسيا حتى اليوم. فضلاً عن تسلح الجيش السوري بأسلحة روسية الصنع منذ الستينات، وتسخير ميناء طرطوس لصالح الأسطول الروسي.

إلى ذلك، أكدت فورين بوليسي أن روسيا لا ترغب في خسارة سوريا. فمنذ بدء الانتفاضة المطالبة برحيل الأسد في آذار/ مارس الماضي، وخطوط الاتصال مفتوحة بين روسيا والمعارضة السورية. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل استقبلت روسيا خصوم الأسد واستنكرت العنف وحثت دمشق كذلك على البدء في إحداث إصلاحات سياسية، رغم تصديها لاستصدار قرار إدانة رسمي من مجلس الأمن بشأن الحملة القمعية التي تمارسها السلطات السورية ضد المتظاهرين العزل. وهو نفس الموقف الذي تبنته الصين في تعاملها مع الأوضاع المتفاقمة في سوريا.

ثم أوضحت المجلة أن موقف الصين الرسمي جاء ليؤكد دعم بكين للشعب السوري. وهو ما يوضح الفارق الكبير بين هذا الموقف والمواقف الأخرى التي تبنتها حكومات غربية. ومثلها مثل الصين، أبدت روسيا رفضها للتدخل العسكري الغربي في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، سواء كان ذلك تحت مسمى الإنسانية أو الديمقراطية.

ورأت المجلة في ختام حديثها أن سياسات الصين وروسيا بشأن سوريا تختلف عن سياسات أميركا وأوروبا لسببين رئيسيين، أولهما: أن موسكو وبكين لا يؤمنان بأن التدخل بصورة كبيرة في الصراعات المدنية للشعوب الأخرى يعتبر أمراً حكيماً أو مفيداً. وثانيهما : هو أن موسكو وبكين ليس لهما مصلحة ملحة من وراء رحيل نظام الأسد، باعتبار أن خطوة كهذه تمثل جزءً من الإستراتيجية المناهضة للنظام في إيران.