يرى متابعون أن المنطقة العربية قد تواجه سنوات من الاضطرابات قبل ظهور أنظمة لتحل محل الديكتاتوريات الراكدة، والتي سادت لفترة طويلة بدعم من الولايات المتحدة الأميركية، خصوصًا وأنّ سقوط الأنظمة لا يختصر الثورة، بل هو إنجاز أولي لإرساء أسس الربيع العربي، الذي يحتاج وقتًا لتحقيق الحرية والديمقراطية.


العنف والفوضى يهددان مستقبل الربيع العربيّ

بيروت: بين الانتخابات، والاحتجاجات، وتشكيل الحكومات والثورات المسلحة، عملت الحركات المعارضة في الدول العربية خلال الأسبوع الماضي أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط على الإطاحة بالقادة الديكتاتوريين، بل بتوجيه الأوامر والشروط بشكل حاسم، لتطبيقها على مرحلة ما بعد الثورة.

مجدداَ، كانت مصر مركز هذا الصراع، حيث تجمع المحتجّون مرة أخرى في ميدان التحرير، واشتبكوا مع المجلس العسكري، ما أسفر عن قتل العشرات في أعمال العنف.

اعتبر البعض أن هذه الفصول هي بداية لثورة جديدة في مصر، بينما اعتبر البعض الآخر أنها تكملة للثورة التي أسقطت الرئيس حسني مبارك، لكن من المرجّح أن الوصف الأفضل لهذه الأحداث هو quot;نهاية البدايةquot;.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـquot;نيويورك تايمزquot; عن ساطع نور الدين، كاتب في صحيفة السفير اللبنانية، قوله: quot;في كانون الثاني، كانت الثورة تستهدف إسقاط الديكتاتورية، والآن هي ثورة تريد إزالة ما تبقى من تلك الديكتاتوريةquot;، مشيراً إلى أن سقوط الأنظمة لا يختصر الثورة، بل هو إنجاز أولي لإرساء أسس الربيع العربي، الذي يحتاج وقتًا لتحقيق الحرية والديمقراطيةquot;.

في حين وصف العديد من المحللين الاضطرابات باعتبارها حتمية في عملية التخلص من إرث الدكتاتورية، يشعر البعض بالقلق من أن المنطقة قد تواجه سنوات من الاضطرابات، قبل ظهور أنظمة لتحل محل الديكتاتوريات الراكدة، والتي سادت لفترة طويلة بدعم من الولايات المتحدة الأميركية.

ويعبّر المحللون عن مخاوفهم من الفوضى، حيث تستعر معارك ضارية في الدول التي تشهد الثورات، ومنها مصر، حيث يبدو الجيش أكثر تصميماً من أي وقت مضى على التمسك بالسلطة.

في هذا السياق، كتب الفضل شلق يوم السبت: quot;ما نشهده في العالم العربياليوم هو حالة من الذعر. الحكام يخافون شعوبهم، والنخبة تخشى الفقراء، والطبقة الوسطى خائفة من الطبقة الدنيا والناس العاديينquot;.

وأضاف شلق: quot;هل تؤدي هذه المخاوف إلى تنازلات هنا وهناك؟، أو سنشهد استمراراً من الذعر والضغط؟ نحن لا نعرفquot;.

اعتبرت الانتخابات، التي أجريت في تونس في شهر تشرين الأول/أكتوبر، نموذجًا يحتذى به في الحضارة والمدنية، لكن هذه التجربة كانت استثناءً في الوقت الذي شهدت فيه بقية المنطقة أسبوعاً صاخباً.

ووافق الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية اليمنية على الاستقالة، لكن قواته، التي تقمع المتظاهرين وتقاتل الثوار، لا تزال متمركزة في البلاد. وفي الوقت نفسه، شكل الثوار السابقون في ليبيا حكومة تواجه تحديات كثيرة، ليس أقلها تحقيق المصالحة بين المناطق التي تحكمها الميليشيات.

كما وجدت سوريا نفسها في مواجهة مزيد من العزلة في ظل استمرارها في قمع الاحتجاجات، بينما تتحضر الدول العربية لفرض عقوبات ضدها، في خطوة غير مسبوقة تجاه الرئيس بشار الأسد.

في مصر، تبدأ الجولة الأولى من التصويت لاختيار برلمان جديد يوم الاثنين، لكن الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة طغت على المناسبة، حيث استمرت الأصوات الرافضة للمجلس العسكري، باعتباره أحد وجوه النظام القديم.

أما في سوريا، فحذرت مجموعة الأزمات الدولية في تقرير صدر في الأسبوع الماضي من أن الأزمة في سوريا quot;دخلت مراحلها الأكثر خطورةquot;، حيث تقوم الحكومة باعتماد الأساليب العنيفة وتخويف المواطنين من quot;أحداث داميةquot; في حال سقوطها، إضافة إلى التصرفات غير الإنسانية، التي تعتمدها مؤسسات الدولة في قمع المتظاهرين، وبوادر أزمة اقتصادية، وتفاقم خطر في التوترات الطائفية.

ينسحب الأمر على ليبيا، التي تشهد اشتباكات بين العشائر في المدن وبين القوات العسكرية المختلفة، إضافة إلى صراع على السلطة ومواجهات ثأرية بين قبائل الزنتان ومصراته.

أما في اليمن، فعلى الرغم من توقيع صالح يوم الأربعاء على اتفاقية التنحّي بعد 33 عاماً من الحكم، إلا أن المظاهرات لم تتوقف، في ظل غضب المحتجين من منحه الحصانة.

ومع توجه الناخبين الى صناديق الاقتراع يوم الجمعة في المغرب، فاز حزب العدالة والتنمية، وهو جماعة إسلامية معتدلة، بأكبر عدد من المقاعد، لكن قادة الاحتجاجات حثّوا على مقاطعة الانتخابات، معتبرين أن الدستور الجديد لا يغيّر شيئاً، سوى أنه يعزز سلطة الملك في المغرب. وهكذا تحركت مشاعر الخوف والقلق من جديد.

وختمت الصحيفة بالقول إن الخوف لا يزال يشكل عنصراً في كثير من التحولات في العالم العربي.