بعد عملها طويلاً في الخفاء وحظر نشاطها رسميًا أصبحت جماعة الإخوان المسلمين قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح القوة الأولى في أول برلمان مصري بعد الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك.
القاهرة: أعلن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لهذه الجماعة الأربعاء أنه حقق تقدمًا كبيرًا على باقي الأحزاب في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، التي جرت خلال اليومين الماضيين. وقال في بيان بثه على موقعه الالكتروني إن لوائحه حصلت على نسبة تتجاوز 40%.
كانت الجماعة أسست هذا الحزب بعد سقوط مبارك في 11 شباط/فبراير الماضي للمشاركة رسميًا في الحياة السياسية وخوض الانتخابات التشريعية. وينفي الحرية والعدالة أن يكون حزبًا دينيًا، ويؤكد أنه سيكون quot;مستقلاًquot; عن الجماعة. وجماعة الإخوان هي أقدم حركة إسلامية سنية وتقدم نفسها على أنها جماعة إصلاحية شاملة تفهم الإسلام فهمًا شاملاً وتتمحور عقيدتها حول quot;التوحيدquot; ودمج الدين بالدولة.
تأسست الجماعة على يد حسن البنا عام 1928، وتم حظرها رسميًا عام 1954، إلا أن السلطات كانت تتغاضى عن نشاطها السياسي في عهد مبارك، رغم تعرّض الكثير من أعضائها للاعتقال من وقت إلى آخر.
وبعدما كان الإخوان المسلمون شغلوا 88 مقعدًا في مجلس النواب المنبثق من الانتخابات النيابية في 2005 فازوا بها رسميًا كمرشحين مستقلين، قرروا مقاطعة الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية التي جرت في كانون الأول/ديسمبر 2010 منددين بعمليات تزوير كثيفة وأعمال العنف لمصلحة الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم آنذاك.
وكانت هذه الانتخابات من أكبر أسباب اندلاع ثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك وبحزبه الوطني الديموقراطي. وينشط الإخوان المسلمون في المساجد، حيث يقدمون المساعدة للفقراء، وكذلك في الجامعات والنقابات المهنية. وخلال تاريخهم، تأرجّح الإخوان المسلمون بين المعارضة العنيفة للسلطة وبين التعاون، من خلال المناداة بدولة إسلامية مع ضمان احترام اللعبة الديموقراطية.
في الأربعينات، قام الإخوان المسلمون بأعمال عنف دامية، وخصوصًا اغتيال رئيس الوزراء المصري محمود فهمي النقراشي في 1948، والقاضي أحمد الخازندار في العام نفسه. وقد أدى ذلك إلى تعرّض أعضاء الجماعة لقمع شديد. بعد ذلك وجّه إليهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر ضربات موجعة بين 1954 و1970، إثر تعرّضه لمحاولة اغتيال نسبت إلى الجماعة. واعتقل يومها الآلاف من الاخوان.
ومنذ 1956، بدأ الإخوان يحصلون على مساعدة مالية وعسكرية من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.آي.ايه) التي كانت على استعداد لفعل أي شيء من أجل إضعاف حكم مدعوم من الاتحاد السوفياتي.
وفي 1971، أفرج أنور السادات، الذي خلف عبد الناصر، عن المعتقلين من الإخوان المسلمين، وأعلن عفوًا عامًا عن الجماعة. الا ان الاخوان شعروا بالغضب الشديد من تحول السادات واتفاقات السلام مع إسرائيل. وفي 1981 اغتيل السادات برصاص عناصر إخوان مسلمين انتقلوا إلى التطرف.
والآن يشكل الإخوان المسلمون معضلة للغرب، الذي يخشى من قيام دولة إسلامية في مصر، لكن عليه أيضًا التعامل مع الجماعة إذا فرضت نفسها ديموقراطيًا.
وفي أول تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، قال المنسق الأميركي الخاص للمرحلة الانتقالية في الشرق الأوسط وليام تايلور أن الولايات المتحدة ستقبل بفوز الإخوان المسلمين في الانتخابات شرط أن تكون quot;انتخابات حرة ونزيهةquot;.
وقبله قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن واشنطن تعمل على بقاء quot;أسلوب اتصال حدودquot; مع هذه الجماعة، مبررة ذلك بالمعطيات السياسية الجديدة في مصر. وأوضحت كلينتون أنه quot;مع تغيير المشهد السياسي في مصر، من مصلحة الولايات المتحدة التحاور مع كل الأطراف التي تبدو سلمية وغير عنيفةquot;.
التعليقات