بُعيد مؤتمر لجنة تقصي الحقائق الدولية لأحداث العنف في البحرين، يحرص المسؤولون الكبار في المملكة الخليجية بدءا بالملك حمد آل خليفة على التفكير في مستقبل البلاد. وبحسب إفادات مسؤولين بحرينيين لـ(إيلاف)، فإنّ توصيات اللجنة ستحظى باهتمام كبير لكنّ التطبيق يتطلّب تدرّجا.

محمود بسيوني رئيس لجنة التحقيق البحرينية يقدم تقريره إلى الملكحمد آل خليفة

المنامة: بعد أن صافح ملك البحرين حمد آل خليفة ضيوفه، على هامش مؤتمر لجنة تقصي الحقائق الدولية لأحداث العنف في بلاده، غادر قصر الصخير، الأنيق قرب البحر، وهو يفكر في شيء واحد فقط: المستقبل.

وفي إحدى قاعات ذلك القصر المكلل بالثريات الكبيرة، التقت quot;إيلافquot; بعضاً من كبار المُلك والملكية في البحرين، الذين كان يشغلهم الشيء ذاته، وهو المستقبل، مؤكدين أن توصيات اللجنة ستكون موضع اهتمام الحكومة ولكن quot;الأمر بحاجة للتدريج وتطبيق ما هو ممكن تطبيقهquot; على حد تعبير مسؤول بحريني.

ويميل المزاج السياسي في البحرين إلى التعامل مع توصيات اللجنة دون تقديم تنازلات أخرى، قد تؤخذ على أنها دليل ضعف، إذ إن الملكية في البحرين في موضع قوة لم يسبق له مثيل منذ تأسيسها، فقد ثبت حكم آل خليفة في وجه عاصفة تظاهرات فبراير، التي كانت تدعو إلى إسقاط الحكم من قبل متظاهرين شيعة، ولم يعد الحديث مسموعا عن إسقاط حكم، أو تغيير حاكم.

وعلى الرغم من أن أخطاء تاريخية قد ارتكبت في حق الطائفة الشيعية في البلاد، منذ عقود مضت، إلا أن عاهل البحرين ، خريج ساند هيرست، كلية الملوك والأمراء في إنكلترا العظمى، عرض فتح صفحة جديدة بعد توليه الحكم، الأمر الذي سهل لشخصيات شيعية دخول الحكومة من أوسع الأبواب.

ولا تزال البطالة اكبر تهديد تواجهه البلاد، إذ تحتاج الحكومة للقيام بمبادرات أكثر في ما يتعلق بالتوظيف، وتنشيط الحركة الاقتصادية، وإلغاء التمييز في الوظائف الحكومية، كما يقول محللون يراقبون المنطقة عن قرب وعن بعد، بمختلف الطرق، سمعت quot;إيلاف quot; منهم ما يمكن أن يعتبر خارطة طريقة لمستقبل المملكة الجديد.

ويتفق الكبار، وهم أميركا وبريطانيا والسعودية، على أن بقاء البحرين مستقرة ضرورة استراتيجية للأمن في المنطقة، إلا أن ما يقلق الجميع في هذه المملكة الصغيرة، من سائقي التاكسي إلى موظفي الحكومة، ورجال الشريعة، والشرعية، والشرع، والشارع، هو اندلاع أعمال عنف جديدة قد تعرقل الحياة الاقتصادية في المملكة.

وحسب ما قالته quot;الإيكونوميستquot; فإن تقرير لجنة تقصي الحقائق احتوى على quot;اتهامات مدمرة ومحرجة لسلوك قوات الأمن التابعة للملك حمدquot;، ولكنه في الوقت ذاته quot;أثبت ادعاء الملك بأن هذا التقرير سيكون محاولة مستقلة وصادقة للتوصُّل إلى الحقيقة؛ ما يقوِّض بذلك إصرار معارضيه بأنه سيكون وثيقة لا قيمة لهاquot;.

وأشار التقرير إلى مقدار ضبط النفس الذي انتهجته قوات الأمن، إزاء سلوك المتظاهرين الذين جنحوا إلى العنف بعد بداية التظاهرات سلميا، الأمر الذي تسبب في تدخل قوات الأمن، واعتقال عدد من مشتبه فيهم، إضافة إلى تأكيد التقرير أن قوات درع الجزيرة التي استدعتها البحرين لم تقم بأي احتكاك مباشر مع المتظاهرين.

وقال التقرير إن المعارضة أضاعت فرصة مهمة وهي دعوة الحوار الوطني التي أطلقها ولي العهد الأمير سلمان بن حمد، ولم تستجب لها قوى المعارضة.

إلا أن بسيوني اقتطف مساوئ التقرير لا غير، ليلقيها أمام الملك، في احتفال حاشد حضره الكثيرون، يتقدمهم ولي العهد ورئيس الوزراء وكبار آل خليفة، ورجال الجيش والإعلام الدولي.

وتم تشكيل اللجنة المستقلة التي تتألف من خمسة من رجال القانون المعروفين على المستوى الدولي في نهاية حزيران يونيوquot;.

ويرأس اللجنة محمود شريف بسيوني أستاذ القانون في كلية دي بول في شيكاغو والأمين العام للرابطة الدولية للقانون الجنائي ورئيس المعهد الدولي للعلوم الجنائية.

وما يقال على جنبات الموائد الكبرى، وأحاديث أصحاب المقامات العالية، في المنامة، يشير إلى أن خطوات الإصلاح ماضية قدماً شرط أن لا تصطدم بعقبات جديدة قد تضعها المعارضة في وجه الحكومة.

ويخشى مراقبون أن يؤدي الصدام بين الحكومة والمعارضة إلى صدام طائفي قد يؤدي بدوره إلى صدام قبلي طائفي، حيث إن لسكان البحرين السنة، امتدادات عائلية وقبلية ضخمة في الساحل الشرقي للسعودية ودول الخليج.