فيما أكد رئيسا الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان العراق طالباني وبارزاني على ضرورة تنفيذ سياسات جديدة وإصلاحات أكبر لتحسين الأوضاع في الإقليم، أعلن رئيس برلمان الإقليم الكركوكي عن خطط لتنفيذ أعمال عنف جديدة في كردستان الجمعة المقبل، الأمر الذي استدعى اتخاذ احترازات أمنية ونشر قوات مسلحة في مناطق متفرقة.

طالباني وبارزاني يترأسان الاجتماع المركزي لحزبيهما

بغداد: في ختام اجتماع لقيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في منتجع دوكان في محافظة السليمانية (330 كم شمال بغداد)، بحثا خلاله أعمال العنف التي شهدها الإقليم خلال الأيام الأربعة الماضية، أكد الحزبان على ضرورة صياغة سياسة جديدة وتغييرات أوسع وإصلاحات أكبر في الإقليم.

وأكدا على أهمية تطوير عمليات الإصلاح، وتقديم الخدمات في إقليم كردستان، ومواصلة كل أنواع الحوار مع مجمل الأطراف السياسية. كما شدد الاجتماع على تمتين التحالف الاستراتيجي بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي نظرًا إلى أهمية ذلكفيالحفاظ على العملية الديمقراطية في الإقليم.

وبحث الاجتماع مستجدات الأوضاع الراهنة في العراق وإقليم كردستان والتحالف الاستراتيجي بين الحزبين الرئيسين في الإقليم.

وأعلن بيان عقب الاجتماع عن التوصل إلى قرارات عدةتقضي بأن يأخذ المكتبان السياسيان للحزبين على عاتقهما الأخذفي الاعتبار المخاطر التي تفرزها الأحداث في كردستان وتأثيراتها السلبية على الديمقراطية quot;والتشديد على أن الطموح الديمقراطي والإصلاح والعدالة الاجتماعية في الشرق الأوسط والمنطقة أصبح مطلباً أساسياً للشعوب والمجتمعاتquot;.

ورأى الاجتماع أن وضع العراق المتأزم وكيفية معالجة المشاكل المعقدة بين الأطراف السياسية والمؤسسات المختلفة خلق أضراراً لشريحة كبيرة من الناس، ولاسيما في مجال الخدمات وتفاقم المعاناة في وسط العراق وجنوبه،quot;لذا أصرّ الاجتماع على تنفيذ فقرات الدستور، والتأكيد على الاتفاقات، وبعكسها سيشهد الوضع السياسي مساوئ أكبر مع مرور الوقت،لافتًاإلىالمكتبين السياسيين للحزبين سيستمران كما كانا دائماً في الحفاظ على التوازن بين القوى ومختلف المكونات،وسيظلان عاملاً فعالاً في معالجة المشاكلquot;.

وقرر الاجتماع تشكيل لجنة إعلامية لتنفيذ المهام المشتركة للحزبين، وأخرى للإشراف على منتسبي الحزبين وتثقيفهم.

وكان عشرات الأشخاص قد شنّوا هجمات على محال لبيع الخمور ومراكز للمساج بعد خروجهم من صلاة الجمعة الماضية في قضاء زاخو في محافظة دهوك، أدت إلى وقوع اشتباكات بين المهاجمين وقوات الشرطة، وإصابة نحو 32 شخصاً بجروح، معظمهم من الشرطة، إضافة الى إحراق 14 محلاً لبيع الخمور، وأربعة مراكز للمساج، مملوكة لمواطنين مسيحيين وإيزيديين، بالتزامن مع تعرّض الفرعين الثالث والـ13 للإتحاد الإسلامي الكردستاني المعارض في كل من دهوك وقضاء زاخو، إضافة إلى مقار الإتحاد في كل من سميل وقسروك ومؤسسات أخرى تابعة له، إلى الإحراق على يد مجهولينيوم الجمعة الماضي.

تحذير من أعمال عنف جديدة واتخاذ احترازات أمنية مشددة

من جهته، عقد برلمان كردستان اليوم جلسة طارئة في مدينة إربيل عاصمة الإقليم ( 220 كم شمال بغداد)، حيث أعلن رئيسه كمال كركوكي عن وجود خطة لمهاجمة مجموعة من الأماكن العامة، مثل الفنادق والأندية الليلية ومراكز التدليك ومحال بيع الخمور، على غرار مشهد أعمال التدمير التي تعرّضت لها مثل هذه الأماكن الجمعة الماضي في قضاء زاخو في محافظة دهوك (440 كم شمال بغداد).

وأكد أن تلك الأعمال تسببت في خلق حالة من عدم الاستقرار في الإقليم، كما قرر البرلمان استدعاء وزير الداخلية في حكومة الإقليم لسؤاله عن أسباب عدم درء أعمال العنف تلك.

وقد ناقش البرلمان في جلسته هذه تقريرًا مشتركًا للجنتي الداخلية وحقوق الإنسان عن أعمال العنف، التي شهدتها مناطق من الإقليم خلال الأيام الأخيرة، حيث أشار إلى أن الأحداث التي شهدتها مدينة زاخو وضواحيها أسفرت عن احتراق 27 مركزاً للتدليك ومحال بيع المشروبات الروحية و4 فنادق ومقاهي ومبنى يضم طبقات عدة، إضافة إلى حرق مبان للاتحاد الإسلامي الكردستاني في مدن زاخو ودهوك وسيميل.

وأضاف أن أعمال العنف هذه أسفرت عن إصابة 37 شخصاً بجروح، موضحًا أن التقرير اعتمد في معلوماته على الأجهزة الأمنية، وليست الأحزاب.
وأوضح أن 53 شخصاً قد تم اعتقالهم وفقاً لأوامر قضائية، تم إطلاق سراح عدد منهم، فيما صدرت ضد بعضهم أوامر بالاعتقال.

وقد أوصى التقرير حكومة إقليم كردستان بإدانة واستنكار الأحداث التي شهدتها المنطقة، وإحالة جميع المتورطين في هذه الأحداث والمشجّعين عليها، على القضاء ومعاقبة المسؤولين الإداريين المقصّرين.

ودعت التوصيات حكومة إقليم كردستان إلى تقديم تعويضات مادية ومعنوية للمتضررين، وإلى أن تقوم القنوات الإعلامية بإيقاف حملاتها، وأن تكون كلها في مستوى المسؤولية .. وأن تعمل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على تعزيز وتقوية روح الأخوة والتسامح عن طريق الخطباء .. وشددت على ضرورة تمتين التعايش بين المكونات كافة.

وقد تم الإعلان عن اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في مناطق من الإقليم يوم الجمعة المقبل لمنع تكرار أعمال العنف، التي وقعت في مناطق من إقليم كردستان الجمعة الماضي. فقد دفعت سلطات كردستان اليوم بأعداد كبيرة من قوات الأمن (الأسايش) والتشكيلات النظامية لقوات البيشمركة إلى مناطق مختلفة من الإقليم في محاولة لتطويق الاحتجاجات المتصاعدة للمواطنين، في حين اتهم ممثلو الأقليات قوات الأمن بالتلكؤ في مواجهة الهجمات.

وفي محاولة لتطويق الاضطرابات ومنع امتدادها إلى مناطق أوسع فقد انتشرت في مناطق مختلفة من إقليم كردستان، وخاصة في بلدة زاخو التابعة لمحافظة دهوك الكردية في شمال العراق، قوات أمن كردية، بشكل كبير، في محاولة للسيطرة على الأوضاع الأمنية بعد قيام محتجين غاضبين بمهاجمة وحرق مقار حزب ديني ومحال لبيع الخمور.

وكانت البلدة قد شهدت يوم الجمعة هجمات، حين أقدم عشرات عقب صلاة الجمعة على حرق محال لبيع الخمور وعدد من الفنادق، التي تقدم الخمور، إضافة إلى مراكز سياحية، تستعين بعاملات آسيويات في تقديم خدمة التدليك.

يأتي انعقاد الجلسة الطارئة لبرلمان كردستان في وقت لا تزال مناطق من كردستان تشهد أعمال عنف متفرقة وخلافات سياسية، خاصة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني ومنافسه الرئيس في محافظة دهوك الاتحاد الإسلامي الكردستاني.

فقد سقط صاروخ على مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني في قضاء تلعفر الليلة الماضية. وقال مصدر أمني إن صاروخًا من نوع كاتيوشا سقط على مقر الحزب في قضاء تلعفر، موضحًا أن أحد أفراد قوات البيشمركة الكردية أصيب بجروح جراء الهجوم. كما أعلن الإتحاد الإسلامي الليلة الماضية أن قوة أمنية في إقليم كردستان اعتقلت مسؤول مركز الاتحاد مع نجله وأحد أفراد حمايته في قضاء زاخو لساعات عدة،قبل أن تطلق سراحهم.

وكان بارزاني قال خلال اجتماع مع مع ممثلي الأحزاب والأطراف السياسية ومختلف القوميات والأديان في الإقليم الثلاثاء الماضي إن الهجمات التي تعرّضت لها الأماكن السياحية كانت خطأ كبيرا،ً لأنها تعكس صورة سلبية عن إقليم كردستان.

وأضاف quot;إن الاختلاف السياسي شيء طبيعي، إلا أنه لا يمكننا البقاء صامتين حينما يتعرّض التكوين الاجتماعي والعيش الأخوي المشترك لمكونات شعب كردستان إلى مخاطر حقيقية.. نحن شعب كردستان نعيش معًا، ونفتخر بتاريخ العيش المشترك في الإقليم، وشعوب العالم معجبة بهذا العيش المشترك، لذلك لا يمكننا السماح لأي شخص أو طرف بتشويه وتخريب هذه الحقائق.. هناك بعض الأخطاء، لكن يجب معالجتها بالطرق القانونية والشرعية، وليس عن طريق العنفquot;.

وحذر من مؤامرة كبرى ضد إقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يرأسه، مؤكداً أن المؤامرة ستتحطم على رؤوس المتآمرين.

وأول أمس، نددت الولايات المتحدة بأعمال التخريب والحرق، التي تعرّضت لها محال ومراكز يملكها مسيحيون وأيزيديون في مناطق من كردستان.

واستنكر الكسندر لاسكاريس القنصل الأميركي العام في إقليم كردستان الهجمات التي استهدفت ممتلكات الأقليات المسيحية والأيزيدية في زاخوَ ودهوك. وأكد أن القنصلية الأميركية العامة في أربيل و باسم الحكومة الأميركية quot;نندد بعملية سلب ونهب محال بيع المشروبات الكحولية والأماكن العامة في دهوك وزاخوَquot;.. ودعا في تصريح، وزّع على الصحافيين، إلى إعادة الأمن والاستقرار في تلك المناطق.

وشدد على رفض الولايات المتحدة كل أعمال العنف ضد الأقليات في دهوك وزاخوَ.. مؤكداً في الوقت عينه أن الأماكن التي تعرّضت للنهب والسلب والتخريب كانت لديها رخص قانونية، وأن أصحابها ينتمون إلى الأقليات في الإقليم. وأشار إلى ضرورة ترسيخ روح التعايش الأخوي بين القوميات المتآخية في كردستان.