توقع الشيخ يوسف القرضاوي حدوث تغير في السياسة الخارجية لمنطقة الشرق الأوسط، ويقول إن على الدول الغربية أن quot;تفكرquot; في طريقة تعاملها مع الإسلام في حين أن إسرائيل لا يمكن أن تستمر في بناء سياساتها على أساس quot;القوةquot;.


يرى مراقبون أن الربيع العربي أخذ يتحول إلى ربيع الإسلاميين بعد النتائج التي أحرزتها الأحزاب الإسلامية بتحقيق أكبر المكاسب في الانتخابات التي جرت حتى الآن. ومن الذين ينظرون بارتياح بالغ إلى هذا التطور الشيخ يوسف القرضاوي (86 عاما) الذي يُسميه كثيرون في العالم العربي مرشد ثوراتهم.

ويعتبر الشيخ القرضاوي، مصري الولادة وقطري الجنسية، من أكثر المراجع الدينية نفوذًا بين المسلمين السنة. ويقول محللون إن موقعه كشخصية إعلامية معروفة أسهم بقسط في هذا النفوذ، مشيرين إلى برنامجه الأسبوعي quot;الشريعة والحياةquot; الذي يتابعه ملايين المشاهدين على قناة الجزيرة.

وكان تأييد الشيخ القرضاوي للتدخل الدولي في ليبيا بقيادة حلف شمالي الأطلسي، عاملا في إضفاء شرعية على عملية خلافية. وقامت دعوته إلى إنهاء النظام السوري بدورها في تحشيد الضغوط العربية على دمشق. وهو يؤكد الآن أن للسوريين أيضا حق المطالبة بتدخل مدعوم من الأمم المتحدة إذا لم تتمكن الدول العربية من فرض نهاية لذبح المدنيين.

وقال الشيخ القرضاوي في مقابلة مع صحيفة فايننشيال تايمز quot;كنا من الذين دعوا إلى الثورة من قبل ومن بعد وفي المستقبلquot;.

ويعمل الشيخ القرضاوي في المكتب الواسع لمنظمته الإسلامية على أطراف الدوحة حيث توجد في المقر مكتبة مرتبة رفوفها مرصوفة بكتب التاريخ والفكر الإسلامي. ويطلب احد مساعديه من زوار الشيخ أن يرفعوا صوتهم لصعوبة السمع التي يعاني منها.

يتحدث الشيخ القرضاوي ببطء شافعا آراءه بآيات قرآنية لكنه يقتبس أيضا من الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي المعروف بقصيدته ذات المطلع الشهير quot;إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدرquot;، الذي أصبح نفير المحتجين في ثوراتهم.

ويلفت الشيخ القرضاوي في حديثه لصحيفة فايننشيال تايمز إلى أن خصوصية الثورات العربية تتمثل في كونها انتفاضات شعبية بلا قيادة وبلا مهادنة في المطالبة بالتغيير الشامل. ويؤكد أن quot;على الناس أن يتغيروا من الداخل وعندها يستجيب القدرquot;.

الشيخ القرضاوي ممنوع من زيارة الولايات المتحدة وهو مذموم في إسرائيل لتأييده العمليات الانتحارية الفلسطينية. وأدان الشيخ القرضاوي هجمات 11 أيلول/سبتمبر في الولايات المتحدة وأيّد الفتوى التي تجيز للمسلمين الأميركيين أن يقاتلوا من أجل بلدهم حتى ضد دولة مسلمة، ولكنه يرى أيضا أن للعمليات الانتحارية الفلسطينية ما يبررها.

للشيخ القرضاوي خصومه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنهم ليبراليون يطعنون في سمعته كمصلح إسلامي وآخرون يشكون في دوافعه ناظرين إليه على انه أداة مسخرة في خدمة السياسة الخارجية القطرية.

كما تعرض لانتقادات بسبب تقليله من شأن انتفاضة الشيعة في البحرين، حيث أيّد موقف الدول الخليجية الذي يتهم الاحتجاجات الشعبية بالطائفية والارتباط بإيران الشيعية، بحسب فايننشيال تايمز.

ولكن للشيخ القرضاوي قاعدة واسعة من المؤيدين. وبعد خمسة عقود في المهجر منذ مغادرته مصر في عام 1961 بعدما أمضى فترة في السجن بسب علاقاته بجماعة الإخوان المسلمين، عاد إلى القاهرة ليصلي في ميدان التحرير في شباط/فبراير أمام حشود من المحتفين بمجيئه.

ومع بروز الإسلاميين بوصفهم اكبر قوة سياسية في العالم العربي فان آراءه البراغماتية في الإسلام والديمقراطية يمكن أن تكون مرشدًا نافعًا باتجاه الاعتدال في المجتمعات العربية، كما تقول فايننشيال تايمز.

ويبدي الشيخ القرضاوي إحساساً بالحتمية في صعود قوة الإسلاميين قائلا إن quot;الممنوع مرغوب ونحن [الإسلاميين].. كنا دائما ممنوعينquot;.

وأعاد الشيخ القرضاوي إلى الأذهان quot;ان الحركات الإسلامية والدعوة الاسلامية حوربت، وقُمعت، ولم تكن لها فرصة، ولا مكان.... والآن بعد زوال الطغاة... لا شيء يمنع الإسلاميين من أخذ مكانهم المشروع في قلب المجتمعquot;.

وينصح الشيخ القرضاوي الحركات الإسلامية بالسير على نهج وسطي معتدل والامتناع عن السعي إلى فرض إرادتها على المجتمع. وهو يسخر من القول إن بلدا مثل تونس يعتمد على السياحة يمكن أن يفرض اللباس الإسلامي على زواره قائلا quot;إن كل ما على الزائر أن يفعله هو أن يكون متفهماً، وألا يبالغ في ما يفعله، وان هذا يقال له من باب النصح لا أكثرquot;.

يقول القرضاوي إنه أشار على حزب النور السلفي الذي ظهر حديثا على الساحة السياسية المصرية إلى أن يعتمد quot;تفكيرا جديداquot;. ويتابع quot;قلتُ لإخواننا السلفيين.... أنتم في تجربتكم السياسية الأولى وعليكم أن تتعاملوا مع الناس باعتدال ، وآمل ان يفعلوا ذلكquot;.

ويتوقع الشيخ القرضاوي حدوث تغير في السياسة الخارجية للمنطقة ويقول إن على الدول الغربية أن quot;تفكرquot; في طريقة تعاملها مع الإسلام في حين أن إسرائيل لا يمكن أن تستمر في بناء سياساتها على أساس quot;القوةquot;.

ويمضي الشيخ القرضاوي قائلا في حديثه لصحيفة فايننشيال تايمز quot;إن البلدان التي تمر بهذه اليقظة وحيث يحكم الإسلاميون ستكون حكيمة جدا في تعاملها مع الغرب وإسرائيل، ولكنها لن تقبل الظلمquot;.

ورغم أن الشيخ القرضاوي لا يرى أن هناك نموذجا كاملا للدولة الإسلامية اليوم فانه يبدي إعجابه بتركيا معتبرا تجربتها مثالا على العودة السلمية إلى الإسلام في دولة علمانية راسخة. وهو يطلق صفة quot;الممتازةquot; على الحكومة التركية بقيادة حزب التنمية والعدالة.

ويقول الشيخ القرضاوي quot;إن إخواننا الأتراك.... كانوا قادرين على خدمة بلدهم وتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية.... وكسبوا العلمانية بهدوءquot;. ويضيف أن تركيا نموذج للاعتدال وهي quot;نموذج يمكن أن تستفيد منه البلدان العربيةquot;.