أحداث مجلس الوزراء

عادت أجواء الهدوء والاستقرار إلى ميدان التحرير وشارع قصر العيني بعد الاشتباكات الدامية التي استمرت على مدى ليلتين بين القوى الأمنية والمحتجين على المجلس العسكري وحكومة الدكتور كمال الجنزوري والتي أسفرت عن سقوط عدد من الجرحى والقتلى.


القاهرة: سادت أجواء من الهدوء في ميدان التحرير وشارع قصر العيني حيث مقر الحكومة المصرية ومجلسي الشورى والشعب، بعد ليلتين من الإشتباكات الدامية بين قوات الأمن والشرطة العسكرية من جانب ومئات المحتجين على المجلس العسكري وحكومة الدكتور كمال الجنزوري من جانب آخر. فيما ارتفع عدد القتلى إلى ثماني حالات، و299 مصاباً، حسب بيانات وزارة الصحة، وفي الوقت ذاته يقدر أطباء المستشفى الميداني عدد المصابين بنحو 820 مصاباً. وبينما حمّل السياسيون والثوريون المجلس العسكري المسؤولية عن العنف، اتهم الدكتور كمال الجنزوري من وصفهم بـquot;عناصر مدسوسةquot; بالمسؤولية عن إطلاق الرصاص، ومحاولة الإنقضاض على الثورة.

720 مصاباً

تواصلت الإشتباكات بين قوات الأمن والمحتجين المصريين منذ ليلة أمس الأول، وحتى التاسعة من صباح اليوم السبت 17 ديسمبر الجاري، قبل أن يتراجع المحتجون إلى ميدان التحرير، وتتراجع قوات الأمن والشرطة العسكرية إلى شارع قصر العيني، وتتمركز فيه، وتغلقه بالأسلاك الشائكة والكتل الأسمنتية. وارتفعت حصيلة أعمال العنف إلى 8 قتلى و299 مصاباً، حسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة، لكنّ طبيباً في المستشفى الميداني قال لـquot;إيلافquot; إن عدد المصابين يفوق المعلن من قبل وزارة الصحة بأضعاف، وأضاف الدكتور عبد الله إمام إن عدد المصابين قد يرتفع إلى 720 مصاباً، مبرراً ذلك بأن أغلبية الحالات تتلقى العلاج في المستشفيات الميدانية في ميدان التحرير وشارع الشيخ ريحان أو في مسجد عمر مكرم، وأشار إمام إلى أن الإصابات تنوعت ما بين الكدمات والحروق والجروح بالرأس وأنحاء الجسد، أو طلقات الرصاص، لافتاً إلى أن القتلى سقطوا جراء الرصاص، وأكد أن من تم نقلهم إلى مستشفيات وزارة الصحة هي الحالات الخطيرة التي تحتاج إلى إجراء عمليات جراحية أو تلك التي لا تستطيع المستشفيات الميدانية التعامل معها، نظراً لعدم تجهيزها بالأجهزة الطبية. وتوقع إمام أن يرتفع عدد الوفيات إلى أكثر من ثمانية قتلى، نظراً لوجود مصابين في حالات خطرة، بعضهم مصاب بطلقات رصاص في البطن أو الرقبة أو مصاب بجروح خطيرة في الرأس.

فشل quot;الإستشاريquot; في أول إختبار

سياسياً، ألقت الإشتباكات بظلالها على المجلس الإستشاري الذي شكّله المجلس العسكري لمعاونته في إدارة شؤون البلاد، وفشل quot;الإستشاريquot; في أول اختبار حقيقي له، حيث تقدم ثلاثة من أعضائه باستقالاتهم، بينما اشترط آخرون تقديم المجلس العسكري اعتذاراً للثوار والمعتصمين لحضور الجلسات، وفي النهاية تم الإتفاق على تعليق عمل المجلس إلى أجل غير محدد.

وقال محمود عفيفي المتحدث باسم حركة 6 أبريل إن المجلس لم يكن إلا محاولة للإلتفاف على مطالب الثورة بترك العسكر السلطة لمجلس رئاسي مدني، مشيراً إلى أن من قبلوا عضوية مجلس من دون أية صلاحيات خسروا كثيراً.

وأضاف عفيفي لـquot;إيلافquot; أن الثوار لم يعولوا على المجلس الإستشاري على الإطلاق في تنفيذ مطالب الثورة، مشيراً إلى أن الثوار يعولون على ثورتهم وعلى ميدان التحرير والنقاء الثوري الذي ما زال شباب مصر يتمتعون به بعيداً عن الحسابات السياسية. وحمل عفيفي المجلس العسكري المسؤولية عن دم المصريين الذي تمت إراقته من جديد، بعد أقل من شهر على أحداث محمد محمود، مشيراً إلى أن الثوار سوف يستمرون في إحتجاجاتهم ضد إستمرار إمساك المجلس العسكري بالسلطة، وإستمرار الجنزوري على رأس الحكومة، وقال إنه لا بديل من اختيار حكومة إنقاذ وطني برئاسة إحدى الشخصيات التي رشحها ميدان التحرير وهم الدكتور محمد البرادعي أو النائب حمدين صباحي أو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وبصلاحيات كاملة.

مصاب خلال أحداث الأمس

المجلس العسكري يتحمل المسؤولية

وألقت القوى والأحزاب السياسية اللوم على المجلس العسكري في أحداث مجلس الوزراء، وطالبت بإجراء تحقيق محايد، وتقديم الجناة والمسؤولين عن فض الإعتصام بالقوة إلى المحاكمة، وقال أبو العز الحريري عضو حزب التحالف الشعبي الإشتراكي إن الأحداث تؤشر على أن المجلس العسكري لديه رغبة قوية بكسر إرادة شباب الثورة، وإجهاضها أو إجهادها عبر موجات متتالية من العنف والقمع، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن المجلس العسكري وحكومة الجنزوري هما الجهتان المسؤولتان عن العنف وفضّ الإعتصام بالقوة، مشيراً إلى أن المجلس الذي استطاع ضبط الأمن والقضاء على العنف المزمن الذي كان يصاحب الإنتخابات البرلمانية هو نفسه المجلس الذي عجز عن ضبط الأمن في الشارع لمسافة 100 متر، الأمر الذي يضع الكثير من علامات الإستفهام حول الهدف من أعمال العنف. ودعا الحريري إلى ضرورة تكاتف جميع القوى السياسية من أجل إنجاح الثورة وعدم إجهاضها.

محاول لإفساد فرحة الإنتخابات

من جانبه، وصف الدكتور سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة الأحداث بأنها quot;عبث من جانب المجلس العسكري ووزارة الداخلية، وقال إن الشعب المصري قادر على إيقاف هذا العبث، وقال في تصريح صحافي له quot;هذه المأساة التي تستمر فيها الشرطة تثير علامات استفهام كبيرة، ولن نقبل بأية محاولة لعرقلة عملية نقل السلطة التي بدأتquot;. وتكلم الدكتور محسن راضي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين عن مخطط واضح لإفساد فرحة المصريين بالإنتخابات، ومحاولة عرقلة مشوار التحول نحو الدولة الديمقراطية وتسليم السلطة للمدنيين نهاية يونيو المقبل.

عناصر مدسوسة

رسيماً، اتهم الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء من وصفها بـquot;عناصر مدسوسةquot; المسؤولية عن العنف، وقال خلال مؤتمر صحافي إن quot;هناك عناصر مدسوسة أطلقت الرصاصquot;، مشيراً إلى أن quot;كل ما حدث ولا يزال يحدث الآن لا علاقة له بالثورة، بل هو انقضاض عليهاquot;، وتابع: هناك من لا يريد للتحسن الأمني الذي كان قد بدأ يحدث خلال الايام الماضية أن يستمرquot;.

حريق في المجمع العلمي المصري المجاور لمبنى مجلس الوزراء

شب اليوم حريق في المجمع العلمي المصري المجاور لمبنى رئاسة مجلس الوزراء نتيجة إلقاء المتظاهرين زجاجات المولوتوف عليه. وصرح مصدر مصري مسؤول أن عناصر التأمين في مجلسي الشعب والشورى تقوم بجهود حثيثة حاليا لإخماد الحريق.

كما شبّ حريق جديد في مبنى هيئة الطرق والكباري في شارع قصر العيني، وما زال رجال الحماية المدنية يحاولون الوصول إلى موقع الحريق لإخماد النيران. وكان العقيد هشام كامل مشرف غرفة عمليات الإدارة العامة للحماية المدنية في القاهرة قد تلقى بلاغا بنشوب حريق جديد بمبنى هيئة الطرق والكباري الكائن بتقاطع شارعي مجلس الشعب وقصر العيني، فتوجه على الفور رجال الإطفاء لمحاولة السيطرة على النيران وإخمادها قبل امتدادها إلى بقية المبنى.

تجدر الإشارة إلى أن مبنى هيئة الطرق والكباري قد شهد أمس حريقين خلال أحداث الاشتباكات التي وقعت بين المعتصمين وأفراد الشرطة العسكرية المكلفين بتأمين مجلس الوزراء، وتم إخمادهما بمعرفة الأهالي لعدم تمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى المبنى بسبب تلك الأحداث.

تراث مصر القديم في المجمع العلمي أتلف تماما

و قال محمد الشرنوبي أمين عام المجمع العلمي المصري إن الحريق الذي شب في مبنى المجمع المجاور لمقر رئاسة الوزراء نتيجة إلقاء زجاجات المولوتوف أتلف كل محتوياته تماما التي تمثل تراث مصر القديم.

وأضاف الشرنوبي في تصريح له اليوم السبت كل المؤلفات والمقتنيات منذ عام 1798 حتى اليوم أتلفت تماما جراء الحريق، مضيفا أن هذا المبني الأثري يضم حوالى 200 ألف كتاب.
وتابع أمين عام المجمع العلمي قائلا quot;إن احتراق هذا المبنى العريق بهذا الشكل يعني أن جزءا كبيرا من تاريخ مصر انتهىquot;، مشددا على ضرورة الكشف عن المسؤولين عن هذا الحريق.

المجلس العسكري المصري: القوات المسلحة لم ولن تستهدف الثوار

أكد المجلس الاعلى للقوات المسلحة في مصر ان ما حدث في شارع قصر العيني وسط القاهرة من مطاردة عناصر القوات المسلحة لمجموعة من quot;البلطجيةquot; داخل ميدان التحرير تم بعد اطلاق الرصاص على القوات المسلحة واحداث العديد من الاصابات والقاء الزجاجات الحارقة (مولوتوف).

وأكد مصدر مسؤول في المجلس في تصريح لوكالة أنباء الشرق الاوسط المصرية quot;ان القوات المسلحة لم ولن تستهدف ثوار مصر وان العناصر التي استمرت في الاحتكاك بالقوات المسلحة صباح اليوم السبت والتي شاهدناها جميعا على شاشات التلفزيون لم تقابل الا بضبط النفس حتى تم التصعيد الأخير والذي استوجب ايقاف هؤلاء الخارجين عن القانونquot;.

وأضاف المصدر ان كافة ملابسات الأحداث تتولاها النيابة العامة وان القضاء المصري العادل سيقول كلمته في شأنها.