من ساحات العاصمة تونس وميدان التحرير في القاهرة إلى ساحة الشجرة في بنغازي وساحات صنعاء وتعز وصولاً إلى دوار اللؤلؤة في المنامة، شاركت النساء العربيات بكثافة في التظاهرات، والتحركات الشعبية، وأمضين ليالي في خيام في ساحات الاعتصام. لكن طريق النضال أمامهنّ لايزال طويلاً لتعزيز حقوقهنّ.


ثائرات مصريات

بيروت: أنتج الربيع العربي رموزًا نسائية، مثل الناشطة اليمنية الحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، والمدوّنة السورية رزان غزاوي، ومهّدت ثوراته وانتفاضاته الطريق أمام نضال، سيكون طويلاً لتعزيز حضور المرأة في الحياة العامة.

فمن ساحات العاصمة تونس وميدان التحرير في القاهرة إلى ساحة الشجرة في بنغازي وساحات صنعاء وتعز وصولاً إلى دوار اللؤلؤة في المنامة، شاركت النساء العربيات بكثافة في التظاهرات، وساهمن في توزيع المنشورات والتظاهرات والتحركات الشعبية، وأمضين ليالي في خيام في ساحات الاعتصام إلى جانب المحتجين من الرجال.

يقول الباحث في مركز شاتهام هاوس في لندن نديم شحادة لوكالة فرانس برس quot;الثورات (العربية) لا زعيم لها، ولا وجه لها، ولا جنس لهاquot;.

ويضيف quot;القمع كان يمارس على النساء كما على الرجال قبل الثورات العربية وخلالهاquot;.

وبخلاف الصورة النمطية السائدة في معظم البلاد العربية عن المرأة، التي يقتصر دورها على مهامها المنزلية، قدمت الناشطات العربيات أمثلة في الشجاعة، إذ واجهن إلى جانب الرجال الرصاص والقنابل المسيلة للدموع والهراوات والاعتداءات الجنسية.

ففي تونس، حيث تحظى المرأة بقانون مساواة مع الرجل استثنائي منذ 55 عامًا، كانت المرأة في طليعة كل الاحتجاجات، التي سبقت الإطاحة بنظام بن علي في كانون الثاني/يناير 2011. ورغم التوجّس لدى بعض القوى المعارضة من صعود الإسلاميين، فقد شاركت النساء في انتخابات المجلس التأسيسي في تشرين الأول/أكتوبر، وحصلن على نحو ربع المقاعد فيه.

وفي مصر، كانت النساء، الليبراليات منهن كما المنقبات، في طليعة حركة الاحتجاج التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، وهن اليوم أيضًا في طليعة الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري.

وقد أثارت الصور، التي بثت أخيرًا، والتي تظهر متظاهرة مصرية تتعرّض للضرب على يد عناصر من الجيش المصري، قاموا بنزع أجزاء من ملابسها، ردود فعل غاضبة في مجتمع محافظ، الأمر الذي دفع المجلس العسكري إلى تقديم اعتذار عن الحادث.

وفي اليمن، كانت تظاهرات النساء بالعباءات السوداء والنقاب لافتة. وكان لافتًا أيضًا حصول الناشطة المعارضة للرئيس علي عبد الله صالح، توكل كرمان، على جائزة نوبل للسلام 2011، لتكون أول امرأة عربية تفوز بهذه الجائزة.

أما في سوريا، حيث تشنّ السلطات حملة قمع للمعارضين، لا تستثني الناشطين على الانترنت، فقد تحوّلت المدونة رزان غزاوي (31 عامًا) إلى رمز للشجاعة بعد اعتقالها على خلفية إشرافها على مدونة تنتقد النظام. وقد أُفرج عنها أخيرًا بعدما أثار اعقالها موجة استنكار دولية.

واعتقلت السلطات السورية المعالجة النفسية المعروفة رفاه ناشد (65 عامًا) على مدى شهرين. أما الممثلة الشهيرة فدوى سليمان فقد باتت تنتقل بين التظاهرات المعارضة لتلقي خطابات نارية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وتقول الناشطة السورية عليا، المقيمة حاليًا في بيروت quot;في 80% من الحالات، يفضل أهل المرأة المعتقلة في سوريا الصمت خوفًا من الفضيحةquot;، بحكم العادات الاجتماعية المحافظة السائدة في هذا البلد.

وتضيف quot;ينبغي العمل حتى تصبح كرامة المرأة قائمة بذاتها، لا أن تكون كرامتها مرتبطة بكرامة الرجل، وهذه العقلية لن تتغير خلال عام واحدquot;.

وبعد عام على انطلاق quot;الربيع العربيquot;، يدور الجدل حول ما إذا كانت هذه الثورات ستحمل تحسنًا في أوضاع المرأة، لا سيما بعد تصدر الإسلاميين للمشهد السياسي العربي، وتحقيق السلفيين في مصر فوزًا انتخابيًا فاق التوقعات.

ويرى البعض أن إسقاط النظام الذكوري، الذي يرتدي أحيانًا لبوسًا دينيًا أو طائفيًا، سيكون أصعب وأقسى من إسقاط نظام كنظام مبارك أو الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، فيما يتخوف آخرون من أن تتخذ الأمور المنحى، الذي سلكته الثورة الإيرانية، التي أرست حكمًا سلب المراة الإيرانية جزءًا من حريتها.

ورغم مشاركة النساء في تغيير المشهد السياسي العربي، إلا أنهن ما زلن مستبعدات خصوصًا من مستويات اتخاذ القرار في مرحلة ما بعد الثورات في غالبية البلدان العربية.

غير أن الباحثة في مجموعة الأزمات الدولية سحر الأطرش ترى أنه quot;يجب الانتظار لسنوات، قبل أن نعرف ما إذا كانت المرأة ستتمتع بمزيد من الحرية، أم إنها ستعاني مزيدًا من القمعquot;.

وتضيف quot;إلا أن الأهمّ هو أن الثورات العربية خلقت رأيًا عامًا، ومجتمعات تتعاطى الشأن السياسي (...) والنساء جزء من ذلكquot;.