بعد أكثر من عامين من الهدوء على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، أعاد سقوط صواريخ الغراد على المستوطنات جنوب إسرائيل في الأيام الأخيرة، الحديث عن إمكانية قيام اسرائيل بشن حرب جديدة على القطاع وذلك على غرار حملة quot;الرصاص المصبوبquot; نهاية العام 2008 ومطلع العام 2009، والتي قامت خلالها إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق، بذريعة وقف إطلاق الرشقات الصاروخية لفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة.
حيفا: أعلنت الإذاعة العامة الإسرائيلية مساء الخميس، أن ثلاث صواريخ quot;غرادquot; سقطت على مدينتي اشدود(أسدود) وريشون ليتسيون(عيون قارة) جنوب يافا، دون وقوع إصابات أو أضرار.
وذكر موقع quot;واي نتquot; الالكتروني التابع لصحيفة quot;يديعوت احرنوتquot; أن الصواريخ أدت إلى إصابة عدد من المواطنين بالهلع والصدمة والخوف، بعد أن هز انفجار كبير ريشون يتسيون.
فيما أشارت الإذاعة إلى أن منطقة النقب الغربي تعرضت هي الأخرى لسقوط ثلاث صواريخ من قطاع غزة، وقذيفة هاون دون وقوع إصابات أو أضرار تذكر، في ارض خلاء في محيط مستوطنة quot;اوفاكيمquot;، مشيرة إلى انه الصاروخ الرابع من نوع quot;غرادquot; سقط على النقب خلال 3 أيام تقريبا.
غضب وسخط في أوساط سكان مستوطنات غلاف غزة
الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية تناولت خلال الأيام الماضية قضية عودة التوتر على quot;الجبهة الجنوبيةquot; مع قطاع غزة، حيث عبر رؤساء السلطات المحلية في مستوطنات النقب الغربي، أو ما تعرف إسرائيليا بـquot;مدن المواجهةquot; عن قلقهم وسخطهم حيال تقاعس الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وضع حد لتواصل سقوط الصواريخ الفلسطينية، والوعود الكاذبة التي أطلقتها الحكومة بالعمل على توفير منظومات حماية لسكان الجنوب من الرشقات الصاروخية الفلسطينية، متسائلين لما لا تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بتشغيل منظومة القبة الحديدية.
ماذا تنتظر الحكومة الإسرائيلية؟
رئيس بلدية اشدود قال في تصريحات صحافية، ماذا تنتظر حكومة اسرائيل لأجل تشغيل منظومة القبة الحديدية، وإذا كانت المنظومة فعالة فليشغلوها، ماذا ينتظرون؟ السكان يتصلون طوال الليل والنهار ويتساءلون عن الحماية التي تتحدث عنها الحكومة وأنا أحاول إيجاد تفسيرquot;.
يدروه أكد رئيس بلدية اشكلون(عسقلان) انه كان قد استثمر وقتا طويلا للتوضيح لسكان المدينة بان كل صاروخ يطلق ويتجاوز مداه خمسة كيلومترات يتم اعتراضه بواسطة نظام القبة الحديدية، وها نحن نرى صاروخين وصلا إلى محيط التجمعات السكانيةquot;.
فيما شكك رئيس بلدية المجدل في نوايا الحكومة الإسرائيلية، مشيرا في تصريحات لصحيفة quot;يسرائيل هيومquot; الى أن أحدا من المسؤولين عن المنظومة الأمنية لم يقم بالإيضاح لرؤساء المجالس والبلديات في محيط غزة ما هي مقدرة القبة الحديدية على اعتراض صواريخ quot;غرادquot; في حين يجب على الجمهور أن يحظى بمعلومات حول هذا الموضوع، إن أحدا لم يفعل ذلكquot;.
علما أن رؤساء السلطات المحلية في منطقة غلاف غزة تقدموا بالتماس إلى المحكمة العليا ضد وزارة الأمن طالبوا فيه بنشر المنظومة الاعتراضية في المنطقة، إلا أن ذلك لن يتحقق بالمستقبل القريب لأن وزارة الأمن تعتمد على أموال المساعدات الخاصة التي وعد بها رئيس الولايات المتحدة والتي ستسمح لإسرائيل بشراء مزيد من البطاريات، وإسرائيل لن تنال تلك المساعدات في الأشهر المقبلة.
quot;يسرائيل هيومquot;: مفروض أن تدخل منظومة القبة الحديدية حيز العمل قريبا
صحيفة quot;يسرائيل هيومquot; وفي تغطيتها للأحداث الحاصلة على الجبهة الجنوبية، بينت انه من المفروض أن يتم تشغيل منظومة القبة الحديدية حيز العمل الميداني خلال عدة أسابيع إلا أنها لن توفر حلا نهائيا للصواريخ التي تطلق من قطاع غزة.
وبينت في ذات السياق انه ولأجل توفير حماية واسعة يجب وضع عدة بطاريات مماثلة في جميع أنحاء جنوب إسرائيل، وهذا الأمر غير متوفر حاليا وهو مرتبط بتوفير ميزانية ومساعدات مالية من الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن إسرائيل تملك بطاريتين من منظومة القبة الحديدية إحداها تتواجد في قاعدة quot;تل نوفquot; التابعة لسلاح الجو وتستخدم في التجارب والتدريب، والثانية تسلمها الجيش قبل عدة أشهر وتتواجد حاليا في المنطقة الجنوبية وقد أجريت تجربة ناجحة عليها قبل شهر تقريبا.
تهديدات إسرائيلية
سقوط الصواريخ الفلسطينية ترافق مع تهديدات إسرائيلية بالرد على إطلاق الصواريخ، حيث حمل وزير شؤون حماية الجبهة الداخلية الإسرائيلية متان فلنائي الخميس حركة المقاومة الإسلامية quot;حماسquot; تدهور الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية، مؤكدا أن إسرائيل ستواصل ضرب المسؤوليين عن إطلاق الصواريخ باتجاه التجمعات السكانية.
وقال فلنائي إن :quot; اسرائيل لن تسمح لسكانها بالعيش تحت تهديد الصواريخ المنطلقة من غزة، وان القرار الخاص بعدم نشر منظومة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ في المرحلة الراهنة يعود إلى اعتبارات مفصلة لا مجال للإفصاح عنها علنا، وانه سيتم تشغيل المنظومة في المكان والموعد المناسبينquot;.
وأشار إلى أن الحكومة قامت بتوظيف أكثر من مليار شيكل في إقامة ملاجئ وغرف محصنة في التجمعات السكنية المحيطة بقطاع غزة.
نائب وزير تطوير النقب والجليل أيوب قرا شبه عناصر حماس خلال زيارته إلى مستوطنة شديروت بـquot;الحيواناتquot; التي تظهر وكأنها أناس داعيا إلى ملاحقتهم داخل أنفاقهم من خلال رش سم الفئران والقضاء عليها بأي شكل من الأشكال، وعلى إسرائيل التوقف عن سذاجتها وإتباع حضارة العرب.
نتانياهو : سنتخذ الإجراءات اللازمة لإعادة الهدوء
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن اسرائيل اتخذت قرارات حاسمة من أجل إعادة الهدوء الذي ساد خلال فترة حكومته على مدار عامين، مؤكدا في تصريحات صحافية أن حكومته ستتخذ عدة خطوات حاسمة من اجل استمرار الهدوء والحفاظ على امن وسلامة الشعب الإسرائيلي، هذا الهدوء الذي ساهمت حكومتي باستمراره على مدى عامينquot;.
وأضاف :quot; لدينا إرادة حديدية في الدفاع عن الشعب الإسرائيلي، ولن نسكت على هذه الهجمات التي نتعرض لها ولدينا عدة قرارات من أجل الرد الذي سيكون قوي، وسنرد عليهم من أجل إعادة الأمن والاطمئنان إلى الشعب الإسرائيلي ولكي يعود المواطن يمشي في الشارع مطمئن دون أن تتهدده الهجماتquot;.
من جانبها قالت رئيسة حزب quot;كديماquot; المعارض تسيبي ليفني إنه يستحيل التوصل إلى سلام مع حركة quot; حماسquot;، ودعت إلى التعامل بقوة كبيرة وقسوة مع quot;حماسquot; وسحقها في غزة، زاعمة أن حكم حماس بقطاع غزة هو مشكلة بالنسبة للفلسطينيين إذ انه سيعرقل إقامة دولة فلسطينية.
فيما ذكرت صحيفة quot;يديعوت احرونوتquot; أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ابلغ رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية انه سمح من الآن فصاعدا بعمليات اغتيال محددة لقادة المقاومة الفلسطينية دون التورط في حرب مفتوحة مع قطاع غزة.
وأوضح المحلل السياسي في الصحيفة نقلا عن جهات أمنية إسرائيلية أن نتانياهو وباراك قرارا إتباع سياسة جديدة تعتمد على إجبار حركة quot;حماسquot; القيام بلجم فصائل الرفض الرئيسة مثل quot;الجهاد الإسلاميquot;وذلك عبر تحميلها مسؤولية إطلاق الصواريخ.
وأوضح الكاتب أن نتانياهو لا يريد في الوقت الحالي الخوض في عملية برية في غزة لعدم توفر التأييد الدولي الذي لن يحتمل رؤية مدنيين يقتلون وأيضا في ظل فشل المفاوضات مع الفلسطينيين والضغوط التي تمارسها السلطة على إسرائيل في الحلبة الدولية، وان نتانياهو لن يسرع في الانسياق وراء أهواء وضغوطات سيلفان شالوم وليبرمان حول ضرورة إسقاط حكومة حماس في قطاع غزةquot;.
quot;هآرتسquot;: على نتانياهو العمل على تهدئة الوضع وعدم التورط في العزلة الدولية
بدورها، دعت صحيفة quot;هآرتسquot; رئيس الوزراء إلى تهدئة التصعيد الحاصل على الجبهة مع قطاع غزة، بدلا من الانجرار وراء دعوات القيام بحملة جديدة على غزة، إذ أن حملة quot;رصاص مصبوبquot; لن تحقق الردع لزمن طويلـ ولا يوجد ما يجعل حملة استكمالية من ذات النوع أكثر نجاحا.
وكتبت الصحيفة تقول إن الهدوء الأمني النسبي الذي تمتعت به إسرائيل في العامين الأخيرين، وصل الى نهايته فخلال الأيام الماضية يلاحظ تصعيد في تبادل إطلاق النار بين quot;حماسquot; والجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، وفي القدس انفجرت عبوة ناسفة بجانب حافلة ركاب، بينما التحقيق في عملية القتل في مستوطنة quot;إيتمارquot; لا يزال في أوجه.
وأشارت الصحيفة الى أن احتدام الصراع مجددا جنوب اسرائيل يذكر بأحداث مشابهة حصلت في الماضي القريب، فبعد فترة من تبادل إطلاق النار بمستوى منخفض نسبيا، أطلقت quot;حماسquot; خمسين قذيفة هاون نحو غربي النقب، فقامت إسرائيل بسلسلة هجمات من الجو والمدفعية، وقتل أول أمس ثمانية فلسطينيين بينهم أربعة مدنيين بنيران الجيش الإسرائيلي، فردت حماس بإطلاق صاروخي quot;غرادquot; على بئر السبع.
واضافت انه على نتانياهو أن يسعى إلى التهدئة في الحدود الجنوبية والسماح للرئيس عباس بتحقيق المصالحة مع حماس، إذ أن الوحدة الفلسطينية، مهما كانت هشة، ستمنح إسرائيل quot;عنواناquot; يمكنها أن تطالب منه بالمسؤولية عن الهدوء ومنع العمليات، مثلما تفعل السلطة في الضفة الغربية، بدلا من تورط في العزلة الدولية.
التعليقات