يبدو أن جزيرة quot;فرسانquot; ستنفض عن نفسها غبار النسيان بعد اليوم، إذ يُعاصر سكانها الحراك الاقتصادي الكبير الذي تشهده منطقة جازان، بخاصة في ظل خطة الهيئة العامة للسياحة والآثار في السعودية حاليا على إصدار خطة تنفيذية للسياحة بالمنطقة خلال السنوات الثلاث المقبلة.


الرياض: تمردت اللآليء في أعماقها وخرجت تسترق النظر فوقعت في حب رمالها، لتوهبه من لونها وصفائها وبريقها، هذا هو واقع جزيرة فرسان التي تبعد quot;42quot; كم عن محافظة جازان جنوب السعودية، إذ يُعاصر سكانها الحراك الاقتصادي الكبير الذي تشهده مدينة جازان، بخاصة في ظل خطة الهيئة العامة للسياحة والآثار حاليا على إصدار خطة تنفيذية للسياحة بالمنطقة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

أبصرت هذه الجزيرة التي تتكون من مسطحات من الأحجار الجيرية الشعابية النور نتيجة لوجود كتل هائلة من الملح المايوسيني المندفع إلى أعلى مكوناً قباباً ملحية صخرية، بخاصة بعد أن نفضت ما عليها من الترسبات الكلسية التابعة للزمن الثالث.

سواحل هذه الجزيرة مغطاة بيضاء اللون مكونة من حطام الأصداف الكلسية الخالية من الملوثات والشوائب، إذ ترتفع عند سطح البحر ما بين 10 إلى 20 متر، في حين يصل أقصى ارتفاع لها فوق مستوى البحر إلى 40 متر.

قيل عن هذه الجزيرة أنها تعود إلى عهد مملكة حمير ، وأوضح ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان أن جزر فرسان quot;يسكنها قوم من قبائل تغلب ، وأنهم كانوا قبل دخول الإسلام إليها يدينون بالنصرانية وقد عرف سكان هذه الجزر بشدة البأس وكانت تقوم حروب بينهم وبين قوم يدعون بنو مجيد بالقرب من باب المندب وأن لهم رحلات وتجارة مع البلدان المجاورة لهمquot;.

في حين ذكر عنها الفيروز أبادي في القاموس المحيط: quot;وفرسان جزيرة مأهولة، وهي لقب قبيلة ليس لأب ولا لأم، وإنما هم أخلاط من تغلب اصطلحوا على هذا الاسمquot;.

أما ابن دريد تحدث في جمهرة اللغة قائلاً : quot;وفَرَسان لقب قبيلة من العرب ليس بأب ولا أمّ نحو تَنوخ، وهم أخلاط من العرب اصطلحوا على هذا الاسم، وجُلُّهم من بني تغلب.rdquo;

وأشار ياقوت الحموي في معجم البلدان إلى أن: rdquo;فَرَسَانُ بالفتح والتحريك وآخره نون. من نواحي فَرَسَانَ ويقال سواحل فرَسانَ.quot;.

ووصفها ابن الكلبي: quot;مال عُنق من البحر إلى حضرموت وناحية أبيَن وعدَن ودهلَكَ فاستطار ذلك العنق وطعن في تهائم اليمن في بلاد فرسان والحكَم بن سعد العشيرة وكل ذلك يقال له سواحل فرسانquot;.

وقال ابن الكلبي إن quot;فرسان منهم من ينتسب إلى كنانة ومنهم من ينتسب إلى تغلبquot;، وقيل إن البرتغاليين عاشوا فيها فترة وسيطر عليها العثمانيون ثم الدارسة، إذ استخدمها محمد علي الإدريسي في بداية الأمر لتكون بمثابة مكان لصيد اللؤلؤ، ثم أصبحت جزيرة تابعة لمدينة جازان التي تقع في جنوب السعودية.

علاوة على ذلك، تمتلئ فرسان بالمواقع الأثرية كالقلعة العثمانية المبنية من الحجارة والجص التي تعد أحد رموز الجزيرة، ومنزل الرفاعي، منزل تاجر اللؤلؤ الراحل أحمد منور رفاعي ويعد تحفة حقيقية في مجال الفن المعماري القديم، إذ يعكس الثراء والترف بفرسان أيام ازدهار تجارة اللؤلؤ، أما مباني العرضي فهي عبارة عن مبان دائرية أو مستطيلة الشكل مبنية على شكل حلقة دائرية و إحدى الدلائل على وجود العثمانيين بالجزيرة إبان العهد العثماني، إضافة إلى مباني غرين و وادي مطر، وكذلك مسجد النجدي إذ تعد النقوش والزخارف الإسلامية أهم ما يميزه.

ويغلب على منطقة الكدمي التي تقع في قرية القصار الطابع الهندسي وهي عبارة عن أبنية متهدمة تتمثل في مربعات ومستطيلات لبقايا أحجار تشبه إلى حد كبير الأعمدة الرومانية، وبيت الجرمل الذي يُقال بأن الألمان بنوه بهدف جعله مستودعاً للأسلحة والذخيرة، وأخيرا قلعة لقمان التي تدل على أنها أنقاض لقلعة قديمة.


وولد من رحم فرسان الكثير من الشعراء أمثال إبراهيم مفتاح، وإبراهيم سهيل، ومحمد عقليي وعبدالله أحمد الراجحي، إضافة إلى علي محمد صيقل وغيرهم.

ويستقبل أهالي الجزيرة الطيور المهاجرة الوافدة إليها بالأهازيج والرقصات الشعبية، أما غزلانها فتمشي باطمئنان بعد أن منعت الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية صيدها.

اليوم يوجد في فَرَسَان مناطق ساحلية عدة وقرى مثل قرية خولة، والحسين، والقصار، وتضم جزرا مثل جزيرة دُمسك، وجزيرة دوشوك، إضافة إلى جزيرة زفاف وسلوبة، إذ تشهد حراكا تنمويا واقتصاديا.

يُذكر أن جزيرة فرسان تمتد بين خط عرض 16.7 شمالاً وخط الطول 41،7 شرقاً، وتقع في القسم الجنوبي الشرقي للبحر الأحمر، إذ تبلغ مساحتها 600 كلم.