بدأ الجيش الأميركي بسحب طائراته المقاتلة وصواريخه الموجهة التي تشارك في الهجوم الجوي على قوات العقيد الليبي معمّر القذافي، وذلك إثر تولّي حلف شمال الأطلسي قيادة العمليات العسكرية. يأتي ذلك غداة رفض طرابلس وقفًا مشروطًا لإطلاق النار من طرف الثوّار الليبيين.


محيط البريقة: دارت معارك الجمعة بين القوات الموالية للزعيم الليبي معمّر القذافي والثوار قرب موقع البريقة النفطي في شرق البلاد، بينما اكد المتمردون انهم مستعدون لوقف اطلاق النار بشروط، الامر الذي رفضته طرابلس مساء.

فقد اعلن رئيس المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا مصطفى عبد الجليل ان الثوار الليبيين مستعدون لاحترام وقف لاطلاق النار، شرط ان توقف قوات معمّر القذافي هجومها على المدن التي يسيطر عليها المتمردون.

وقال عبد الجليل خلال مؤتمر صحافي في بنغازي (شرق) quot;نحن مستعدون لوقف اطلاق النار شرط ان يتمكن اخواننا في مدن الغرب من التعبير عن رأيهم بحرية، وان تنسحب القوات (الموالية للقذافي)quot;. لكن طرابلس رفضت هذه الشروط مساء، مؤكدة ان قوات القذافي لن تغادر المدن التي تسيطر عليها.

وقال موسى ابراهيم المتحدث باسم النظام الليبي ان quot;المتمردين لم يقترحوا السلام ابدا. انهم لا يقترحون السلام. انهم يقترحون طلبات مستحيلةquot;. واضاف ابراهيم quot;لن نغادر المدن. نحن الحكومة، وليس همquot;.

وانتقل خط الجبهة بين الثوار وقوات القذافي ظهرا الى محيط منطقة البريقة على بعد 800 كلم شرق طرابلس، لكن الصحافيين والمدنيين منعوا للمرة الاولى من الاقتراب والمرور من مدخل اجدابيا الغربي الى خط الجبهة، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.

وقتل 11 شخصا، بينهم ثمانية مدنيين خلال ثلاثة ايام في المنطقة المتنازع عليها، وفق مصادر طبية في اجدابيا، التي تبعد 80 كلم شرق البريقة. فقد قتل خمسة مدنيين الاربعاء وثلاثة الخميس وثلاثة متمردين الجمعة. واصيب ايضا عشرة متمردين.

وتعددت الروايات حول ظروف مقتل المدنيين. ففي حين افادت رواية اولى انهم قتلوا في الغارات التي يشنّها التحالف الدولي، قالت رواية ثانية انهم قضوا بيد قوات القذافي.

واتهم النظام الليبي التحالف الدولي بارتكاب quot;جرائم ضد الانسانيةquot; عبر قصفه المدنيين، وخصوصًا في شرق البلاد وقال موسى ابراهيم ان ستة مدنيين قتلوا في ضربات لقوات التحالف في قرية بوعرقوب قرب البريقة.

وعصرًا، تواصلت المواجهات بالمدفعية الثقيلة واستخدم المتمردون قاذفات صواريخ ووصل صدى الانفجارات حتى اجدابيا. وصرح قائد الجيوش الاميركية مايك مولن ان quot;المشكلة الكبرى (لدى التحالف) هي الطقس في الايام الثلاثة او الاربعة الفائتةquot;.

واوضح ان quot;هذا العامل ادى اكثر من اي شيء آخر الى تقليص، وليس الغاء فعاليةquot; الطائرات المكلفة تنفيذ الضربات حيث quot;تعذر عليها احيانًا رؤية الاهداف بدقةquot;. ويبدو ان قيادة الثوار ومعقلها بنغازي (250 كلم شمال شرق البريقة)، اخذت بزمام الامور، وتحاول تنظيم صفوفها في ميدان المعركة.

وتبحث القوى الغربية الكبرى عن حل سياسي اكثر منه عسكري للنزاع في ليبيا، الذي اندلع في 15 شباط/فبراير مع اولى النظاهرات المؤيدة للديموقراطية في بنغازي.

ففي بكين، اعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي ان quot;الوضع في ليبيا لا يمكن حله بوسائل عسكريةquot;، داعيًا القذافي الى وقف اطلاق النار. وقال اثر لقاء في بكين مع نظيره الصيني يانغ جيشي quot;لا يمكن ان يكون هناك سوى حل سياسي، وعلينا اطلاق العملية السياسية. هذا يبدأ عندما يوقف القذافي اطلاق النار ليسمح لعملية السلام ان تنطلقquot;.

وفي لندن، قال مصدر حكومي بريطاني لوكالة فرانس برس ان احد مستشاري نجل القذافي في طرابلس، كان يزور عائلته في لندن عاد حاملا quot;رسالة قويةquot; من الحكومة البريطانية الى نظام الزعيم الليبي. وقالت صحيفة الغارديان ان محمد اسماعيل امضى اياما عدة في لندن هذا الاسبوع، والتقى مسؤولين بريطانيين قبل العودة الى طرابلس.

وقالت الصحيفة وهيئة الاذاعة البريطانية quot;بي بي سيquot;، ان محمد اسماعيل جرى ارساله الى لندن لمحاولة ايجاد مخرج للزعيم الليبي.

وبالرغم من احراز قوات القذافي تقدمًا على الارض، شهد الزعيم الليبي انتكاسة سياسية بعد انشقاق وزير خارجيته موسى كوسا ومغادرته الى لندن على ما علم مساء الاربعاء، وهو احد رموز النظام الرئيسيين.

وتولى حلف شمال الاطلسي الخميس عند الساعة 6:00 ت غ قيادة كل العمليات في ليبيا، بعدما كانت منذ 19 اذار/مارس من مسؤولية تحالف دولي بقيادة اميركية وفرنسية وبريطانية.

والجمعة، ابرم الثوار الليبيون اتفاقا مع قطر لتسويق النفط الخام من مناطق يسيطرون عليها مقابل شحنات غذائية وادوية ومحروقات، كما اعلن مسؤول في المعارضة الليبية في بنغازي، معقل الثوار في شرق البلاد.

من جانبه، اعلن الاتحاد الاوروبي استعداده للبدء بعملية عسكرية انسانية في ليبيا في حال طلبت الامم المتحدة ذلك.

إلى ذلك، بدأ الجيش الاميركي بسحب طائراته المقاتلة وصواريخه الموجهة التي تشارك في الهجوم الجوي على قوات العقيد الليبي معمّر القذافي، وذلك اثر تولي حلف شمال الاطلسي قيادة العمليات العسكرية في هذا البلد، كما اعلنت مصادر عسكرية اميركية الجمعة.

واكد مسؤولون في البنتاغون لفرانس برس ان الجيش الاميركي بدأ الجمعة بسحب مقاتلاته وصواريخه الموجهة من طراز توماهوك من مسرح العمليات العسكرية في ليبيا، تمهيدا للانتقال الى دور المساندة، كما هو مقرر. وتولى الحلف الاطلسي قيادة العمليات في ليبيا الخميس.

ومع تولي الحلف الاطلسي العمليات العسكرية باتت مهمة القوات الاميركية امداده بطائرات لتزويد الوقود في الجو واخرى لتنفيذ طلعات تشويش واستطلاع. وقال مسؤول في البنتاغون لفرانس برس quot;سوف نركز على مهام دعم، وليس على ضرباتquot;.

ومع اقتراب ساعة انسحاب القوات الاميركية من العمليات الهجومية في ليبيا، تتضاءل اكثر فاكثر وتيرة المشاركة الاميركية في هذه العمليات.

فعند الساعة 08:00 تغ من صباح الجمعة كانت حصة سلاح الجو الاميركي عشر طلعات من اصل 74 طلعة نفذت في ليبيا خلال 24 ساعة. كما انه لم يتم اطلاق اي صاروخ توماهوك منذ الخميس.

غير ان قائد الجيوش الاميركية المشتركة الاميرال مايكل مولن اعلن ان المقاتلات الاميركية يمكنها ان تعود الى المشاركة في العمليات العسكرية في ليبيا، اذا ما طلب منها ذلك الجنرال الكندي شارل بوشار قائد عمليات حلف شمال الاطلسي في ليبيا.