تسعى دولة قطر إلى تعزيز مكانتها على الساحة الإقليمية، إلا أنها، وبحسب مراقبين، تسير على طريق محفوف بالمخاطر والصعوبات، وتستغل الدوحة مبادراتها quot;الإنسانيةquot; لتحقيق أهدافها الإقليمية.


عبر مجموعة منوعة من السياسات المستنيرة والسخية مثل برنامج أيادي الخير نحو آسيا والعديد من المناورات الخاصة بإدارة الصراعات من اليمن إلى السودان إلى بلاد الشام، تحاول النخبة في الدوحة بإخلاص على ما يبدو أن تضفي عنصر الإنسانية على سياسات قطر الوطنية، غالبًا تحت شعار quot;العرب مطالبون بحل المشاكل العربيةquot;.

وعلى الرغم من أن عنصرًا معينًا من الواقعية السياسية يوجد في بعض من هذه المبادرات، إلا أنه لا يجب نسيان أن قطر أُنشِئت بشكل مؤسسي، بحيث يتم السماح للتوجيهات الشخصية من طبقة النخبة بأن تؤتي ثمارها.

في هذا الصدد، قالت اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية إنه إذا ما كان أوباما أو وزيرة خارجيته، هيلاري كلينتون، قد حاولا انتهاج سياسة خارجية مفاجئة ومحفوفة بالمخاطر، كسياسة قطر، لكانت قد أُضعِفَت مؤسسيًا من جانب وزارة الخارجية، مستبعدةً المخاطر تحت العنوان البراغماتي الخاص بالمصلحة الذاتية الصارمة والنفور البيروقراطي من التغيير. كذلك ناهيك عن القيود الداخلية والسياسية والاقتصادية والعسكرية الجدية والثابتة.

لكن الأمر نفسه لا ينطبق في قطرفي أي شيء يشبه الدرجة نفسها. فحين تُتَّخَذ القرارات هناك من أعلى المستويات، فإنها لا تخضع للمساءلة بشكل حازم ولا يتم تغييرها. إضافة إلى ذلك، فإن قطر ليست محمية عسكريًا فحسب، من خلال وجود قوات أميركية في قاعدة quot;العديدquot; الجوية الضخمة ومعسكر quot;الصالحيةquot; في جنوب الدوحة، ومن ثم ترك قواتها القيام بمثل هذه المهام التي تعرف بالمهام الإنسانية، بل إن السخاء المالي لقطر وقلة عدد سكانها المهتمين بالسياسة لا يشكلون عقبات كبرى أمام المغامرات الخارجية التي ترغب النخبة الحاكمة هناك في خوضها.

وهو ما جعل المجلة الأميركية تقول إن النخبة الحاكمة في قطر تجد نفسها نتيجة لذلك في وضعية مميزة نوعًا ما، لتحويل اعتقاداتها الشخصية إلى سياسة. إلى جانب هذا كله، هناك الدعم العربي للتحركات التي تبادر باتخاذها قطر. فالدعوة التي أطلقتها الجامعة العربية إلى فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا سمحت بفعالية لقطر بأن ترسل طائرات ميراج. أي إن تدخّلها في ليبيا تم تحت غطاء سياسي واضح.

وفي الوقت الذي كان يُستَبعد فيه احتمالية فوز قطر باستضافة كأس العالم للعام 2022، أو مساهمتها عسكريًا في التدخل الليبي، قالت فورين بوليسي إن على الفرد أن يسأل: ما هي الخطوة التي يمكن أن تقوم بها قطر في المرة المقبلة؟ وهو ما دفع المجلة إلى طرح فرضية متعلقة بإمكانية إرسالها قوات أرضية إلى هناك.

وبينما تُستبعد نظرية إرسال الجيش القطري المكون من 8500 جندي إلى ليبيا، فإن هناك احتمالية تتعلق بإمكانية الاستعانة بكتيبة أصغر أو بقوات النخبة القطرية المنوطة بتنفيذ العمليات الخاصة. وإما عن طريق قيامها بتدريب الثوار في الميدان، أو بالعمل بسلطات محدودة لحماية المدنيين، أو بتأمين الحقول النفطية في الجنوب والشرق، وهو النفط الذي تتسوق منه قطر بالفعل نيابةً عن الثوار، فإن قطر ستعزز من مكانتها كدولة رائدة في العالم العربي، لا سيما أنها تعتقد أن هذا المنصب شاغر حاليًا.

مع ذلك، نوهت المجلة في ختام حديثها إلى أن المخاطر التي ستنطوي عليها عملية نشر قوات، كتلك التي تتحدث عنها، ستكون مخاطر ضخمة، ليس فقط من حيث الفكرة غير المسبوقة المتعلقة بعودة أكياس من الجثث إلى الدوحة أو صعوبات التخطيط لمثل هذه العملية وسط الوضع المائع للغاية على أرض الواقع في ليبيا، وإنما كذلك من حيث الشكل الذي ستأخذه ردود الفعل المحتملة من جانب القوى الإقليمية التقليدية على مثال آخر لمساع تبذلها قطر بغية quot;تعزيز مكانتهاquot; ndash; وهو الأمر الذي رأت المجلة أنه قد يُعقِّد بصورة شديدة من شكل العلاقات بين الدول، على الرغم منأن قطر لا تزال قادرة حتى الآن على التعامل مع تلك النوعية من المخاطر.