تباينت آراء أفراد الجالية المصرية في الإمارات من الاحتجاجات التي تشهدها محافظة قنا المصرية، بسبب رفض السكان هناك تعيين محافظ قبطي، فيما اعتبر بعضهم أن مصر مرشحة للدخول في نفق السلفيين.


يبدو أن مصر بعد ثورة 25 يناير قد اختلفت بالفعل عن مصر ما قبل ذلك التاريخ،وهو الأمر الذي يتضح جليًا في كيفية تعاطي المجلس العسكري والحكومة المصرية مع الاحتجاجات الكبيرة التي تشهدها محافظة قنا الواقعة في جنوب صعيد مصر.

فمن كان يتوقع قبل ثورة 25 يناير أن تقوم احتجاجات شعبية يعلن المتظاهرون فيها رفضهم تعيين محافظ قبطي لإدارة شؤون محافظتهم، ومن ثم يقوموا بقطع الطرق، وايقاف حركة القطارات، وشل الحياة بشكل شبه كامل، وذلك في احدى محافظات مصر، التي كانت تقع تحت سيطرة أمنية شديدة، وتعاني قبضة حديدية من رجل الشرطة، الذي كان بمثابة quot;البعبعquot; لكل من يفكر في زعزعة الامن والاستقرار او الاعتراض على أي من قرارات الحكومة. ولكن هل تغيرت مصر الى الأفضل أم الى الأسوأ؟!.

quot;ايلافquot; استطلعت آراء عدد من أفراد الجالية المصرية المقيمة في الامارات حول كيفية تعاطي الحكومة المصرية مع الاحداث الجارية في محافظة قنا الواقعة في جنوب الصعيد، كما شمل الاستطلاع سؤال: هل تعيين محافظ مسلم سيوقف الاحتجاجات في قنا؟!.

اختلفت الآراء حول رد فعل المجلس العسكري الحاكم للبلاد منذ تنحّي الرئيس السابق محمد حسني مبارك عن السلطة في الحادي عشر من فبراير/شباط الماضي في التعامل مع الاحتجاجات القناوية، حيث رأي بعض المصريين أن المجلس العسكري ووزارة الداخلية المصرية تتعامل ببطء وضعف شديدين مع تلك الاحتجاجات، الامر الذي قد يؤدي حسب وصفهم الى اشاعة الفوضى، وانتقالها الى مناطق متعددة في ارجاء الدولة، اذا لم ترض بعض القرى مثلاً عن تعيين رئيس جديد لها. وأضافوا quot;قد يصل الامر الى رفض تلاميذ المرحلة الابتدائية عن استمرار مدير مدرستهم، ومن ثم يطالبوا بإسقاطه وتعيين آخرquot;.

وطالب هؤلاء بضرورة تدخل الدولة بشكل حازم لوقف الاعتصام الذي شلّ حركة المحافظة، وأثر سلبًا على المحافظات المجاورة ومختلف قطاعات الدولة، محذرين من ان التيار السلفي الاسلامي في مصر هو من يقود تلك الاحتجاجات التي تتسم بصبغة دينية بحتة بعيدًا عن ما هو معلن من أن رفض المحتجين قبول تعيين المحافظ القبطي اللواء عماد شحاته ميخائيل هو بسبب كونه ينتمي الى جهاز الشرطة، وليس لهويته الدينية.

ولفتوا الى انه لابد من عودة الامن والامان والاستقرار في مصر عما كان عليه الوضع في السابق، وكذلك ضرورة عودة هيبة الدولة ممثلة في جهاز الشرطة إلى ردع المخالفين وصدّ أي محاولات لضرب استقرار الدولة واحباط اي اجندات خارجية، حتى لا تتحول الثورة الى فوضى وتنقلب مفاهيم الديمقراطية والحرية الى غوغائية مثيرة للفتن الطائفية. مما يجرّ الدولة الى انزلاقات وصراعات طائفية خطرة بين المسلمين والمسيحيين على غرار الصراع السنّي الشيعي في العراق.

واضافوا ان جماعة quot;الاخوان المسلمينquot; في مصر لم تكن بالخطورة التي ظهرت عليها التيارات السلفية المتمركزة في مختلف محافظات مصر حاليًا بعد الثورة، حيث خرج التنظيم السلفي في احتجاجات قنا مرددًا شعارات quot;اسلامية..اسلاميةquot;، ومطالبًا بفرض أمير من داخله لتولي شؤون المحافظة، وهو الامر الذي ينذر بإمكانية تغلغل ذلك التيار السلفي - الذي افرزه نظام مبارك للتصدي لجماعة الاخوان المسلمين- في المجتمع المصري، مما قد يؤدي الى وقوع صدامات عنيفة بين الحكومة الحالية واعضاء ذلك التيار، ومن ثم دخول البلاد في نفق العنف المظلم سنوات طويلة.

في المقابل يقول عدد اخر من المصريين المقيمين في الامارات ان المحتجينفي محافظة قنا لديهم كل الحق في رفض تعيين محافظ قبطي لادارة شؤونهم، وذلك بسبب الحساسية المفرطة التي تعانيها المحافظة في الاونة الاخيرة من توترات طائفية كبيرة بين المسلمين والمسيحيين على خلفية فضائح اخلاقية بينشباب مسيحيين وفتيات مسلمات راح ضحيتها العشرات من الطرفين.

واشاروا الى ان تعيين محافظ قبطي لتلك المحافظة بعد كل ما عانته من احداث فتنة طائفية يعد خطأ غير مدروس من قبل المجلس العسكري ومجلس الوزراء، مضيفين أن الحكومة لم تضع في اعتبارها ان المحافظ السابق كان ايضا قبطيًا، وتساءلوا quot;هل كتب على سكان قنا أن يحكموا من قبل محافظ قبطي الى الابدquot;؟!. موضحين أن هذا هو نوع من الاستفزاز، وأنه يجب مراعاة مشاعر أهالي المحافظة حتى لاتنفجر في وجه النظام.

وحول امكانية تهدئة الاوضاع في المحافظة في حالة تراجع الحكومة عن قرارها بتعيين المحافظ القبطي اللواء ميخائيل واستبداله بمحافظ آخر مسلم كانت النتائج متباينة بين قليلين قالوا نعم، وكثيرين قالوا لا.

حيث اعتبر كثيرون ان الرضوخ إلى مطالب المحتجين لن ينهي المشكلة، الا بشكل وقتي فقط، لافتين الى ان المظاهرات الحالية ستهدأ من جهة المسلمين في حالة الغاء تعيين المحافظ القبطي، ولكنهم اوضحوا ان هناك مظاهرات واضطرابات اخرى ستقع، وسوف يقودها في هذه المرة المسيحيون،تندد بإلغاء تعيين المحافظ القبطي واستبداله بمحافظ مسلم، وربما يقطعون الطرق ايضًا، او ينامون على خطوط السكك الحديدية.

ومن هنا تثور نغمة التمييز الطائفي واضطهاد الاقباط في مصر من جديد، وتتحول مسألة تعيين محافظ من شأن داخلي الى قضية دولية تثار هنا وهناك، علاوة على استغلالها من قبل منظمات حقوق الانسان أسوأ استغلال.

على العكس، طالب معارضو القبول بالمحافظ المسيحي بسرعة قيام الحكومة بتعيين محافظ مسلم حتى يتم تهدئة الشعب الثائر، وحتى لا تقع الدولة في ايدي الجماعات السلفية، التي برزت بقوة بعد 25 يناير، في محاولة منها لسرقة ثورة الشباب.

الآن يبقى القرار الأخير للمجلس العسكري والحكومة اللذين يواجهان اختبارًا صعبًا بكل المقاييس بعد فشل كل محاولات تهدئة الوضع المتأجج في المدينة ذات الصيف المشتعل، فهل يرضخ النظام إلى رغبة المسلمين أم يؤجّج حفيظة المسيحيين ؟!.