للمرة الأولى يبدو إسناد أي مهمّة في السعودية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محلَّ ترحيب قطاع واسع من السعوديين، إذ يطالب كثير منهم أن تكون الهيئة هي الجهة المسؤولة عن مراقبة الأسعار ومتابعتها، بعد إخفاق مهمّة الجهات الرقابية السابقة على مدى عقود ماضية عدة.


الرياض: ستكون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي الجهة الوحيدة الأبرز والأوفر ترشيحاً لمراقبة الأسعار في السعودية، بحسب بعض المطالبات، بعد سنوات طويلة أخفقت خلالها وزارة التجارة ولجنة حماية المستهلك وغيرهما من الأجهزة الاقتصادية في تحقيق الحدذ الأدنى من المطالب، وهو ما جعل تولّي الهيئة هذه المهمة محل ترحيب، رغم اختلاف كثيرين معها.

ولا تحظى هيئة الأمر بالمعروف بالكثير من القبول في الشارع السعودي، بسبب تدخلاتها الدائمة في شؤون الحياة العامة، ووقوفها حجر عثرة أمام إصلاحات عديدة في الجوانب الاجتماعية المختلفة، لكن يبدو أن الفشل الذريع لوزارة التجارة ولجان حماية المستهلك طيلة العقود الماضية جعل من الهيئة quot;طوق نجاةquot; قد ينجح بما يملكه من سطوة وقوة من الوقوف في صفّ مطالب المواطنين بخفض الأسعار ومراقبتها. وما يعزز ذلك هو اندفاع رجالها وحماستهم، باعتبارهم يرون أن عملهم رغم مردوده المادي والوظيفي الدنيوي، فإنه يحمل مردوداً آخروياً.

إضافة إلى أن مؤيّدي هذا التوجه يرجعونه إلى أصله التاريخي حينما كانت مهمة المحتسبين تتركز في مراقبة الأسواق والحدّ من الغش فيها في عصور الإسلام المتقدمة.

عن هذا الأمر، يرى المحلل الاقتصادي عبد الحميد العمري أن الهيئة قادرة على تحقيق نجاح في مهمة مراقبة الأسعار، ويقول في حديث لـquot;إيلافquot; إنها ستحقق خلال ستة أشهر فقط من النجاح ما لم تستطيع أن تحققه وزارة التجارة أو حماية المستهلك ولا أي جهاز اقتصادي طيلة الـ40 عامًا الماضية.

وطالب العمري بسرعة تحويل مهمة مراقبة الأسعار إلى جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أقرب وقت ممكن، وأضاف في هذا الجانب إن وزارة التجارةفشلت في الحد من التلاعب في الأسعار، داعياً إلى أن تناط هذه المهمة إلى هيئة الأمر بالمعروف، لاسيما وأنها كانت جهاز الحسبة في الإسلام، وكانت مراقبة بيع وشراء السلع داخل الأسواق هي من أهم أدوارها.

ويؤكد العمري أن جهاز الهيئة يملك الجدية والإصرار والإخلاص في العمل، وهي أمور تستحيل تقصيره في هذا الجانب، مضيفًا أن ذلك سيسهمفيالحدّ من التلاعب في الأسعار،كما إن الفرق في العمل سيكون شاسعًا مع رجال الهيئة مقارنة بوزارة التجارة أو حماية المستهلك أو أي جهة اقتصادية، فمن خلال العمليات التي تقوم بها الهيئة.. من عمليات كشف أوكار صناعة الخمور أو توزيعها داخل المدن، فهذا يبرهن أن رجال الهيئة لديهم القدرة والإمكانية أكثر من غيرهم في الرقابة وضبط أسعار السلع.

وأضاف العمري quot;أتمنى أن تنظر قيادة المملكة بعين الجدية والاهتمام بهذا الاقتراح، لاسيما وأن الجهات التي أوكلت إليها مراقبة الأسعار أظهرت فشلاً ذريعًا، كما إنكل المبررات والأعذار لا تخفي هذا الفشل، ولم تعد مقبولة لدى المستهلكquot;.

من جانبه، يرى الاقتصادي د. محمد الجديد أنجهاز هيئة الأمر بالمعروف بعيد عن مراقبة الأسعار، كما إن مثل هذا العملفي حال طُبّق هذا الاقتراح سيأخذها من مهامه الرئيسة، متوقعاً أن لا يحرز نجاحاً في هذا الجانب.

وأضاف قائـلاً في حديثهلـquot;إيلافquot;: quot;أيضاً يحتاج تطبيق هذا الاقتراح بنية تحتية من إجراءات وسنّ قوانين من أجل بناء منظومة جديدة داخل هذا الجهاز، بينما توجد جهات قائمة هي المعنية بهذا الأمر، مثل البلديات ووزارة التجارة وإماراتالمناطقquot;.

وكانت وزارة التجارة قد أخلت مسؤوليتها من مراقبة تسعيرة المطاعم أخيراً،ملقية باللائمة على البلديات، في وقت تلقت عبرهاتفها المجاني المخصص للشكاويمئات الاتصالات،شكى فيها عدد كبير من خلالهامن رفع أسعار المطاعم.

وبحسب صحيفة الرياض، فقد صدرخطاب رسمي من وزارة التجارة والصناعة للتجارة الداخلية، يخاطب موظفي الهاتف المجاني بإحالة كل الشكاوى التي ترد إلى quot;التجارةquot; في ما يخص زيادة أسعار الوجبات الغذائية في المطاعم والمطابخ إلى البلديات.

وأشار الخطاب المذيّل بتواقيع مسؤولي الغشّ التجاري إلى أن البلديات هي الجهة التي تمنح التراخيص للمطاعم والمطابخ، وهي الجهة التي تتولى مراقبة أسعارها، ويتعارض هذا الخطاب مع أنظمة البلديات التي حددت صلاحيتها، حيث لا تتدخل البلديات وفقًا للنظام في التسعيرة أو وضع أسعار محددة للسلع يجب على التجار الالتزام بها، لكن البلديات جهة حكومية مسؤولة عن المراقبة.

ووفقًا للنظام، فإن مسؤولية البلديات تنحسر في أمرين فقط، في ما يخص تسعيرة المطاعم، هما زيادة السعر عن المحدد أو المقرر للبضاعة، والأمر الآخر عدم وضع تسعيرة المنتج على البضاعة المعروضة.

ولم يسند النظام إلى البلديات قرار تحديد أسعار المواد الغذائية أو الاستهلاكية، فيما أسند النظام وفقًا لقرارات مجلس الوزراء رقم 66 في6/4/1374 ه، وقرار رقم 559 في 7/5/1395ه مسؤولية تحديد الأسعار إلى وزارة التجارة والصناعة.