لا زالت الشرطة العراقية غير قادرة على ضبط ظاهرة انتشار المخدرات رغم المحاولات المستمرة |
ينتشر تعاطي المخدرات بشكل كبير ولافت بين الشبان والفتية العراقيين وحتى الأطفال منهم، فيما تعجز قوات الأمن عن مواجهة هذه الظاهرة التي تزداد بشكل لافت في مختلف المناطق العراقية.
quot;الكبسلةquot; مصطلح شعبي عراقي أصبح متداولا في السنوات العشر الأخيرة في العراق ، ويقصد به الإدمان على المخدرات بأنواعها من حبوب quot;هلوسةquot; الى نبات الماريغونا. ورموز الكبسلة في الغالب فتيان عاطلون عن العمل، وأحيانا طلبة وأطفال في المدارس.
وإذا كانت زراعة الخشخاش في العراق تنتشر اليوم بسرعة كبيرة بسبب غياب الرقابة ، فأن الحبوب المخدرة هي الأكثر انتشارا لسهولة الحصول عليها ، ورخص ثمنها .
ولا يمكنك ان تلمح بسهولة الأشخاص quot;المكبسلين quot; ، حيث ان الأمر تطلب منك مجازفة صغيرة للولوج إلى هذا العالم السري المعلن
على استحياء.
وبينما يمكنك تتبع المناطق الحيوية لحبوب quot; الكبسلةquot; على أرصفة الشوارع حيث الباعة المتجولين في بعض المناطق الشعبية أو في مذاخر الأدوية فان تتبع أنواع المخدرات الأخرى يظل صعبا إذا لم تنل ثقة من يتعاطونها ليكشفوا لك أسرارها.
ويشير حسن القريش وهو موظف صحي يبيع الادوية في متجر صغير بين شارعي ابي نواس والسعدون في بغداد ، الى ان
العقاقير الطبية ذات الاستخدام المزدوج ، تنال اهتمام متعاطي المخدرات . والمقصود بالعقاقير هي حبوب لمرضى الصرع والإمراض العقلية والاكتئاب.
ويتحدث الشاب رعد .م بشفاه مرتجفة ووجه نحيل من كثرة تعاطيه حبوب الهلوسة، إلا ان ندماء quot; السكرةquot; ، يختلفون في أساليبهم في الحصول على النشوة كما يسميها فمنهم من يتعاطى الحبوب وآخر بالشم وقليل منهم من يتعاطى الأبر .
وليس الشارع وحده مكان لتعاطي المخدرات ، فالطالبة الجامعية هند جمال وهي طالبة مرحلة رابعة في قسم الهندسة الكهربائية تروى عن صديقة لها تتعاطى المخدرات عبر الابر في المرافق الصحية في الجامعة بعيدا عن أعين الأصدقاء والأهل .
تقول هند .. أوهمتني صديقتي أنها حقنات لداء السكري ، لكن وجهها الأصفر ويديها المرتعشتين وكلامها المتلعثم ، كل ذلك فضحها أمام الجميعquot;.
تسترسل هند:quot;ما لبثت زميلتي ان اختفت فلم تعد تحضر الى الجامعة بعدها تبين أنها في البيت أسيرة quot;الإدمانquot; .
وتعد الحبوب المخدرة التي تسمى quot;أبو الشاربquot; و quot;أبو الحاجبquot; من أقوى أنواع المخدرات التي تثير العدوانية في متعاطيها ،
وغالبا ما تنتهي حفلات إدمان هذا النوع الى معارك ونزاعات تسيل فيها دماء .
وفي زاوية من الباب الشرقي ببغداد يجلس القرفصاء شخص معروف بلقبه quot; أمير جفلة quot; اشتهر بين زبائنه ببيعه المخدرات خلسة بين عقاقير طبية يبيعها على الرصيف . وأمير جفلة هذا محاط باثنين من الأشخاص الأشداء يتدخلون فور حدوث ما يعكر صفو المكان .
يروى امير جفلة اسماء غريبة من حبوب الهلوسة والمخدرات منها (السمائي ndash; الوردي- الدموي- ابو طبرة - أبو الشارب- أبو الحاجب - التيفيان- الارتين- السومادرين- الخاكية- بلموكودين- كودائين ndash; بروفين- المكدون- القات ndash; الحشيشة- الفاليوم المطحون- ثنر- سيكتوين-)..
يقول جفلة ان قسما من هذه المخدرات يتم تعاطيه على شكل شراب وقسم منها على شكل حبوب وقسم منها بالشم ، أما quot; الحقن quot; فهي نادرة بين المتعاطين للمخدرات .
ويضيف:quot; ثمة كلمة سر بين مروجي ومتعاطي المخدرات تجنبا للمشاكل مع السلطات الرقابيةquot;.
وفي مقهى في مدينة الحلة وسط العراق حين يقترب المرأة من غايته يسأله صبي : ماذا تريد؟ شاي أم نركيلة أو قهوة ؟..
ثم يردف السؤال .. بالصافي أو الخابط .. ، حسنا ، سأحضر لك قليل من الفاليوم المطحون بالحشيشة .
يرى الباحث الاجتماعي حليم السبتي وهو مدرس ايضا ان هذه الصور تعطي مؤشرا على مدة انخراط مجتمعنا في هذه الظاهرة المدمرة .
رجل الدين الشيخ علي الاسدي يقول:quot;يتفق كل علماء المسلمين على تحريم تعاطي المخدرات والمتاجرة بها لأنها تدمر المجتمعاتquot;.
الدكتور والباحث الاجتماعي احمد علي هادي يرى ان الإفراد بأعمار المراهقة والشباب هم في الغالب من متعاطي المخدرات في العراق ، نظرا لما تتصف به هذه المراحل العمرية من مظاهر نفسية وسلوكية غير مستقرة ذات حساسية عالية تجاه المواقف الضاغطة .
وفي زاوية بعيدة عن الأنظار يلف جاسم شربة وهذه لقبه المشهور به ورقا نباتيا على شكل سيجارة واضعا بداخله مسحوقا ابيضا يدخنه بشراهة . ويروي لك جاسم طريقة quot; لف quot; السيجارة واستهلاكها وكيف يحس المتعاطي بquot; النشوةquot; التي لا تقدر بثمن بحسب وصفه . ويحذرك جاسم من التجربة لان الجرعة الأولى تسبب الإدمان بكل تاكيد.
وجاسم الذي يعاني من البطالة ، لم يجد غير طريق الإدمان ليقضي يه يومه . ولا يعرف بالضبط مصدر النقود التي تمكن جاسم من شراء ثلاث الى خمسة سكائر في اليوم .
وبحسب حسين كامل المتخصص في معالجة الإدمان بأنواعه فان الدلائل تشير الى أن العراق بدا يشهد مزارع صغيرة للنباتات المخدرة بعيدة عن انظار السلطات .وفي العراق فان الأجواء الحارة تمكن المزارع من زراعة الخشخاش ثلاث أو أربع مرات في السنة . وفي بعض المناطق له موسم معين ، ويستخرج من الأفيون والمورفين والهيروين وهو أخطر أنواع المخدرات.. وفي مدينة البصرة جنوب العراق يروي حميد الحسيني وهو مزارع كيف يتم أخفاء مزارع نباتات الخشخاش الصغيرة بين أشجار النخيل .
وليس مستغربا اليوم في العراق ان ترى سجائر مخدرة بين أصابع الطلاب الفتيان لاسيما تلك المصنوعة من القنب الهندي .
وتعد المنافذ البريّة مصدرا رئيسيا للحبوب المخدرة ومنها حبّة quot;كابتاغونquot; التي تعد سلعة تجارية مهمة لمن يرغب بالثراء السريع عبر تجارة المخدرات .
التعليقات