وجه العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز دعوة الى الفرقاء العراقيين بالحضور الى المملكة والاجتماع بهدف التوصل إلى اتفاق يضع حداً لازمة تشكيل الحكومة العالقة منذ إجراء الانتخابات قبل سبعة أشهر، وهي دعوة وجدت صدى عالمياً واسعاً وترحيباً كبيراً.


الرياض: دعا العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز كافة الفرقاء العراقيين للاجتماع في السعودية عقب موسم الحج لمحاولة التوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل الحكومة التي فشلت الكتل الفائزة في الانتخابات الأخيرة التي جرت في مارس الماضي في التوصل إلى اتفاق بشأنها.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن العاهل السعودي دعا الرئيس العراقي جلال طالباني وجميع الأحزاب التي شاركت في الانتخابات والفعاليات السياسية الماضية للقدوم إلى العاصمة السعودية الرياض بعد موسم الحج تحت مظلة الجامعة العربية للسعي الى حل لكل معضلة تواجه تشكيل الحكومة وللتدارس والتشاور للاتفاق على الطريق الموصل للغاية المنشودة.

كما جدد الملك عبدالله استعداد السعودية التام لمد يد العون والتأييد والمؤازرة للشعب العراقي فيما يتوصل اليه من قرارات واتفاق من أجل إعادة الأمن والسلام والمحافظة على وحدة العراق واستقراره.

جاء ذلك خلال نداء وجهه خادم الحرمين الشريفين الى الشعب العراقي اليوم أكد حرصه على وحدة الأمتين العربية والاسلامية، وأكد خلال النداء أن quot;رسالته التي أطلقها من مهبط الوحي ومهد الرسالة والعروبة الى عراق الأديان والمذاهب والأعراق المتسامحة المتعايشة تمثل نداء الغيور على أمته الساعي لعزتها وكبريائها في عصر تداعت فيه الأزمات فأثقلت كل أمل وأوهنت كل عزيمة تسعى لاستقرار الأمة العربية والإسلاميةquot;.

وقال الملك في دعوته التي وجدت صدى عالمياً quot;إن الغيورين من الشعب العراقي الشقيق على وحدته، وعزته، وأمنه، وازدهاره، والمساهمين بقوة في خدمة أمتهم العربية والإسلامية مطالبين اليوم بالعطاء، والتضحية من أجل عراق مستقر آمنquot;.

وأضاف quot;إن العراق بكل المعطيات التاريخية جدير بأن يجد لنفسه مخرجاً من أزماته ومحنه ، بمشيئة الله عز وجل ثم بعزم متين وإرادة صلبة .. إنكم شعب تاريخ وحضارة ، وأصالة وعزة ، وثراء إنساني ، لا يمكن لأي كائن كان أن ينكره أو يهمشه ، وهذا يحتم عليكم إعمال العقل ، واستنهاض الهمم ، أمام مسؤوليتكم التاريخية والوطنية ، للمحافظة على مكتسباتكم ، وحق أجيالكم القادمة بالعيش بكرامة وعزةquot;.

وشدد العاهل السعودي على أن الجميع يدرك بأن العراق بات على مفترق طرق يستدعي بالضرورة السعي بكل لكل جهد وقوة لتوحيد الصف والتسامي على الجراح ، وإبعاد شبح الخلافات ، وإطفاء نار الطائفية البغيضة.

وأضاف quot;إن وحدتكم وتضامنكم وتكاتفكم قوة لكم ولنا ، ومدعاة إلى لم الشمل ، والتحلي بالصبر، والحكمة، لنكون سداً منيعاً في وجه الساعين إلى الفتنة مهما كانت توجهاتهم ودوافعهم ، ولتتمكنوا من إعادة بناء وطن الرافدين الذي كان وسيظل مع أشقائه العرب حصناً حصيناً ضد كل فرقة، أو فتنة، أو عبث لا يستفيد منه غير أعداء الأمةquot;.

وأوضح الملك إن المملكة العربية السعودية على أتم الاستعداد لمد يد العون والتاييد والمؤازرة لكل ما سوف يتوصل له الفرقاء العراقيين من أجل إعادة الأمن والسلام إلى أرض الرافدين، وقال إن quot;الدور الملقى على عاتقكم سيكتبه التاريخ ، وستحفظه الأجيال القادمة في ذاكرتها، فلا تجعلوا من تلك الذاكرة الفتية حسرات وآلام وشقاءquot;.

وجاء خطاب العاهل السعودي تماشياً مع سياسية السعودية في عدم التدخل في الشئون الداخلية لأي دولة كما جاء تأكيداً على إن صوت السعودية دائماً يكون مسموعاً للجميع لا تسعى في تغليب كفة على كفة أخرى ، كما هي سياسية بعض الدول التي تحاول التدخل في الشئون الداخلية للعراق ومحاولة تشكيل الحكومة وفق رؤيتها .

ومن المعروف إن الملف العراقي هو أحد الملفات العالقة والشائكة في المنطقة إلى جانب الملف اللبناني والفلسطيني ، وفي الشأن العراقي ، كانت المنطقة قد شهدت خلال شهر أكتوبر العديد من التحركات منها زيارات واسعة قام بها رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي لعدد من الدول منها إيران وسوريا والأردن وتركيا باحثاً عن تعزيز لتسير في مصلحته بهدف توليه منصب رئاسة الوزراء ، وإن كانت ردود زيارات المالكي قد تباينت الا أنها لم تعطي المالكي أي آمال ومنها ما علقت تركيا بعد الزيارة حين قالت quot;أن زيارة المالكي أتت متأخرةquot;.
ترحيب
ورحبت العديد من الشخصيات العراقية بدعوة العاهل السعودي وأشاروا في أحاديث تلفزيونية quot;نقلتها قناة العربية الإخباريةquot; منهم الناطقة باسم القائمة العراقية، ميسون الملوجي، إياد جمال الدين زعيم كتلة quot;أحرارquot;، وايضاً التيار الصدري ممثلة بالقيادي بهاء الأعرج، إلى أن الدعوة تؤكد ديدن السعودية في حرصها على وحدة المجتمعات العربية .

ولم يقتصر الأمر على الترحيب فقط بل كان هناك حث من الجميع لكل أطراف العملية السياسية على المشاركة، وأكدوا أن كل دعوات الحوار هي مبادرات إيجابية، مشيرين إلى أهمية الدور العربي في حل المسألة العراقية، وأضافوا , إن الانتظار طال من أجل موقف ينقذ السياسة العراقية، مشيدين بمبادرة العاهل السعودي.

فيما ذكر الكاتب الصحفي السعودي مشاري الزايدي أن إيران تريد الانفراد بالساحة العراقية من خلال الشروط المفروضة على الأرض، وما شاهدناه من تدخلات سافرة من دول الجوار في شؤون العراق، وأضاف إن المبادرة هي إعادة تحريك للدور العربي في أزمة العراق، منتقدا ضعف الدور العربي في التعامل مع العراق كدول عربية كبيرة خلال الفترة الماضية.

ومن جانبه، قال رئيس وزير الإعلام الأردني السابق صالح القلاب إن الفراغ العربي في المنطقة استغلته عدة دول في المنطقة، وأوضح أن أزمة تشكيل الحكومة العراقية مرجعها تدخلات خارجية، وقال إن المبادرة السعودية لا تدفعها مصالح شخصية، وحث رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي على الاستجابة ليرد على ما يقال عن علاقته الوطيدة مع إيران.