لاقى القرار الملكي الصادر قبل يومين حول التعديلات الجديدة الطارئة على بعض مواد نظام المطبوعات والنشر في السعودية ردود فعل في الوسط الصحافي السعودي، إذ لا يزال ينتظر التوضيحات الكفيلة بفهمه على أكمل وجه.


الرياض: لاقى القرار الملكي الصادر قبل يومين حول التعديلات الجديدة الطارئة على بعض مواد نظام المطبوعات والنشر في السعودية ردود فعلفي الوسط الصحافي السعودي، إذ لا يزال ينتظر التوضيحات الكفيلة بفهمه على أكمل وجه.

ونصّ الأمر الملكي على تعديل خمس مواد تتعلق بالاساءة والعقوبات والاستئناف، وتعليقاً على ذلك، كشف وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة لـصحيفة الوطن السعودية عن صدور لائحة تفسيرية قريبًا حول التعديلات التي طالت النظام، تتضمن توضيحات عن آليات تشكيل اللجنة الاستئنافية.

ووصف خوجة الأمر الملكي بأنه إجراء تنظيمي، يكفل انسيابية وانضباطية النشر والعمل الإعلامي، والسماح بالتقاضي بالشكل المطلوب.

وأشار الكاتب السياسي خالد الدخيل في حديث لإيلاف إلى أن التعديلات التي طرأت في حال كانت تحدّ من إبداء الرأي بكل حرية من دون انتهاك الشخصيات العامة والخاصة، فهذا يعني أن هناك دخلاء سيتدخلون في الأمور الداخلية التي يجب ألا يناقشها ويتحدث عنها إلا السعوديون أنفسهم. وأوضح أن السعودية تمتعت خلال الأعوام التي مضت بهامش من الحرية المعقولة، وأملنا كبير في الملك عبدالله وصاحب مبادرة الحوار الوطني وحوار الأديان الذي يستند بشكل أساسي إلى حرية التعبير وحرية المعلومة.

حول تأثيرها على المجتمع، أكد أن ذلك يعتمد على كيفية تطبيق النظام، لأن ذلك هو من سيحدد التأثير، إن كان سلبيًا أو إيجابيًا، لأنه في الغالب سيكون له تأثير سلبي جداً في مسألة الرقابة على الأعمال الحكومية، ومحاربة الفساد في الدولة، لكننا ننتظر مذكرة التوضيح التي وعد بها وزير الإعلام أخيرًا.

وطالب الدخيل بشكل مبطن بضرورة تحديد من يهدد الأمن الوطني، متسائلاً هل لو انتقدت عمل رجل الأمن، أو السياسة النفطية، معنى ذلك أنني هددت ذلك الأمن، فلابد أن يكون النظام نصاً تشريعياً مفصلاً مدققًا واضحًا، لأن وضع النصوص بهذا الشكل العمومي يجعل الناس تتجنب الدخول في مهاترات حول سياسة عمل هذه الأمور.

مؤكداً أن سير عمليات النشر والتطرق لقضايا عدة سيتأثر بسلب على المنبر الإعلامي، الذي يعتبر تنويريًا، لكون اللائحة تعنى بالإعلام، منوهاً أن لا خلاف على أن الحرية يجب أن تكون داخل إطار سياسة الدولة والنظام، لأن لا تجاوزت في الإعلام السعودي، سواء كانت بالشتم أو القذف أو ما شابه، لكن النقد البناء، حتى وإن كان حاد اللهجة، مطلب ضروري.

الإعلام كاشف وليس ناقل

بدوره،ذكر الكاتب السعودي عقل الباهلي في حديثه لـquot;إيلافquot; أن الاعتقاد بوجود تجاوزات في الإعلام نابع من الفهم الخاطئ للإعلام، موضحًا أن دور الإعلام ما هو إلا كشف الحقائق، وليس تحريها، لكون الإعلام برأيه لا يقوم بدور المخبر، لكن هذا لا يمنع أن يكون الإعلام أمينًا في نقل الواقع، ولا يذهب بعيداً عن التضخيم والإثارة، حتى لو أشرنا إلى أن الإثارة من أسس الإعلام، لكن مندون كذب أو مبالغة.

سينعكس القرار على الواقع، حسب ما أراد له صانع القرار، فإن فسرت اللائحة التفسيرية القرار بشكل سلبي، وحاولت اللائحة إسكات الناس، والحدّ من حرية التعبير، فسيقابل هذا بالاستهجان، لأن هذا سيسبب ضررًا بالغًا لصورة المملكة، وهذا معناه توقف الكتاب وبداية المطبلين والمنافقين، وهؤلاء هم من أودى بأنظمة مجاورة.

مستطرداً: quot;إن حماية الأفراد في الواقع ما هي إلا حماية المجتمع، عكس الكيانات التي لديها وسائل كفيلة لحماية نفسها. أما الأفراد فعلى الدولة حمايتهم، خصوصًا مع عدم وجود قانون يسمح بإنشاء مؤسسات المجتمع المدني، وهي عادةً تدافع عن منسوبيهاquot;.

quot;الشخصنةquot; محظورة منذ الأزل

وأكد الكاتب عبد الله الكعيد لـquot;إيلافquot; أن أي منشط في الحياة بحاجة إلى ضوابط وقوانين تحكم زمام الأمور، لاسيما النشر الإعلامي، لكون العالم اليوم في تنام للإعلام الإلكتروني، رافضاً أن يعترف بأن هذا يعني أنه يوافق على كل ما ورد فيكل بنود نظام المطبوعات الجديد، لأنه يراه يسلب حرية الرأي، وهذا أمر سلبي.

وأشار الكعيد إلى أن تأثيرها على المجتمع لن يكون بذلك الحجم الأكبر، مبيناً أن هناك نظرة مغلوطة حول عدم المساس بالأشخاص المذكورين، لأننا حين ننتقد أي شخص يعمل في جهة ما ننتقد عملاً وما يقدمه ولا ننتقد شخصه، وهذا أمر مفروغ منه فـ طرق (الشخصنة) محظورة منذ الأزل.

وعما يتمحور حول حماية الأفراد قال: quot;أعتقد أن لكل إنسان خصوصيته، ومن المعيب أن يطرحها إعلاميون أمام الملأ مهما كانت مكانة الشخص ومنصبه، وأين كانت، ويجب ألا تكون مادة تتداول إعلاميًا بغضّ النظر إذا كانت شخصية اعتبارية أو ما دون ذلك، ونحن بحاجة للأمانة لتلك الحصانة التي تكفرنا نحن ككتاب، وتقذفنا بما ليس بناquot;.

التعديلات quot;غامضةquot;

أما الكاتب قينان الغامدي فقال في حديثه لـquot;إيلافquot;: quot;إن التعديلات ما زالت غامضة، إلا أنني ننتظر توضيحات وزارة الثقافة والإعلام لها، كما وعد بذلك وزيرها، ونتفاءل بهاquot;.

وأضاف: quot;وتأثيرها على المجتمع لن يكون سبباً بتقييد حرية الرأي، لأن العاهل السعودي لا يصبو إلى ذلك، فسبق أن صرح وزير الإعلام بدعمه حرية الرأي بقيود، وستكون ذا نتائج إيجابية، في حال طبقت كما يجبquot;.

وأوضح الغامدي أن quot;حماية الأفراد هدف رئيس في التعديلات من القذف والتهتك على كرامتها، ولم أرى أي شخص يهاجم آخر في الصحفquot;.

التعديلات حماية لرجال الدين والدولة

فيما رأى الكاتب سعود الكاتب أن كل ما تم تعديله ما هو إلا حماية لرجال الدين والدولة بشكل قانوني بحت، رغم أنها مرفوضة من قبل في الجهات الإعلامية، مشيراً إلى أنها حماية للجميع، لكن هذا يجعلنا نؤمن بأن الإعلام الإلكتروني بات منافسًا وذا أنياب، فلو نظرنا بجدية لوجدنا أن الشيخ محمد العريفي كان يستخدمها لمهاجمة الصحافيين، وبعض الكتاب أتبعوا طرق القذف.

مبيناً بأن ضيق صدر البشر أين كان منصبهم ووضعهم من النقد، حتى وإن كان بناء، وهذه مشكلة، والخوف كل الخوف أن يخفف سطح الحرية الزجاجي الذي يعلو منتسبي الإعلام الذين يقومون بمساندة الجهات المعنية في الدولة لمكافحة الفساد، ولو عوقب من يحاربه والتضييق عليهم فهمًا، فالتطبيق هو ما سيحكم على نجاح مضمون التعديلات في النظام من عدمها.

مضيفاً هذه اللائحة تشمل كل من هو تحت راية الدولة السعودية كبيراً أو صغيراً، وليس فقط من هم ذو مناصب عالية، فهي تحمي الجميع من الجميع.

التعديلات إيجابية في مضمونها

وبنظرة قانونية، رأى الكاتب والمستشار القانوني ريان المفتي أن القرار الملكي ينقسم إلى قسمين، الأول منه بقاء اللجنة المشكلة في القضايا الإعلامية، والتي تنظر إلى ما تصدره وزارة الإعلام من مخالفات، والثاني هو اللجان القضائية التشريعية التي تنظر إلى التعديات الشخصية وتعتبر بعيدة عن المخالفات الإعلامية في هكذا قضايا، لكن الواضح أن وزارة الإعلام لم تستطيع السيطرة كلياً على ذلك.

معتبراً أن النظام المعدل لن يقلل من سقف حرية الرأي، لكن الرأي في حال كان هجوم لأهداف شخصية، وليست توعوية تربوية إصلاحية فهو مرفوض، وتم وضع ضوابط معينة وبمصطلحات أرقى من دون الإهانة لذات الشخص المنتقد، وستقلل من تعدد الأحكام والقضايا التي ستحتضنها أورقة المحاكم الشرعية واللجان الشرعية، لكن في النهاية التعديلات إيجابية في مضمونها، ولكن كيفية تطبيقها هي ما ستحدد نتائجها.

التعديلات quot;جوهريةquot;

في المقابل، قال رئيس تحرير صحيفة الجزيرة تصريح خالد المالك لـquot;إيلافquot; إنه من الطبيعي أن يعاد النظر في بعض فقرات المطبوعات في ظل المستجدات محليًا ودوليًا على مستوى الإعلام، بحيث تأتي البديلات ملبية لإعطاء وسائل الاعلام مساحة أكبر من الحرية والنقد البناء من دون ان يساء استخدام المناخ المتاح لوسائل الاعلام، وطبعًا من دون الاساءة إلى الشخصيات والعلماء او الخروج من مبدأ النقد البناء الى الإساءة للناس في كتاباتهم، لا تتوافر قيها معايير النقد الموضوعي.

وأضاف: quot;وقد ينظر للوهلة الاولى من التعديلات على انها تراجع عن المساحة التي كانت تتمتع بها وسائل الاعلام وتحديدًا الصحف، وبخاصة عند الوقوف على الغرامة المالية التي ستترتب على المخالفين للقواعد وبنود ونظم المطبوعات، غير ان التمعن في التعديلات والقراءة بتأن تظهر أن التعديل ركز على أهمية النقد وإعطائه مساحة كافية من دون ان يكون ذلك تساهلاً مع من يسيء إلى الدولة او للاشخاص، وبخاصة في من قرأه في مواقع النت، وبعض الصحف الالكترونية من تعريض وتقصد لبعض الاشخاص، بما في ذلك رموز الوطنquot;.

وختم كلامه بالقول: quot;بنظري فإن التعديلات جوهرية ومهمة لضبط العمل الإعلامي، والمهم ان يتم اختيار أشخاص اعضاء اللجنة الابتدائية والاستثنائية بشكل دقيق، حتى يتم تطبيق هذه المواد التعديلية بشكل صحيح، فلا يأتي من يشكو من مظلمة او سوء تقدير، لكن لحسن الحظ ان اعضاء هذه اللجنة ستتم تسميتهم بأمر ملكي، مما يعزز من حرص الملك عبد الله على أن تؤدي وسائل الإعلام دورها ورسالتها على النحو الذي يحمي الجميع من أية إساءاتquot;.