في ظاهرة لافتة للحالة المصرية بعد الثورة، بدأت تداعيات تلك الثورة المصرية في الإنتقال إلى أبناء مصر المنتشرين في بلاد المهجر بشكل واسع. فقامت الجالية المصرية في ألمانيا بإعادة هيكلة وتنظيملها، والتخلص من رؤسائها الذين كانوا يدينون بالولاء للنظام السابق.

الجالية المصرية في ألمانيا تعيد تنظيم نفسها وتتخلص من رؤسائها الموالين للنظام السابق

برلين: في ألمانيا بدأ المصريون في لملمة شملهم مرة أخرى، وتجميع أعضاء ما تبقى لهم من جمعيات سابقة، لم تفلح في الماضي قط في تجميعهم، بعدما عزف المصريون في الخارج عن تلك التجمعات من أجل تجنب رصدهم من قبل أجهزة أمن الدولة المصرية سيئة السمعة، ومخافة ان يتسبب البوح بآرائهم او نقاشتهم الى تعرضهم لمشاكل في أرض الوطن في وقت الإجازات.

لهذا لبّتquot; إيلافquot; دعوة الجمعية العمومية للجالية المصرية في ميونيخ، التي كانت شبه مجمدة، من أجل تغطية نشاط واعد ينبع من تلك الروح الثورية المصرية لإعادة بناء وتنظيم جاليتهم بشكل يبدون فيه أكثر فعالية وتنظيماً لمساعدة وطنهم وأبنائه في ألمانيا.

أجمع الحاضرون على أن غيابهم عن الساحة في فترة السنوات الماضية، إنما يرجع الى منظمومة الفساد الكبيرة التي شلّت بلدهم في عهد مبارك، وقوّضت حركتهم خارج الحدود.

الجالية المصرية بصفة عامة في ميونيخ تعد إحدى أكبر الجاليات العربية في ألمانيا، ويرجع ذلك الى متانة إقتصاد الولاية وفرص العمل أو الدراسة التي توفرها للمقيمين فيها، من ناحية أخرى يرجع أيضا لقربها من حدود دولة النمسا الشمالية في جعلها محطة للوافدين والمهاجرين من الجنوب الأوروبي، الذين غالبًا ما يفدون من الشمال الأفريقي.

غير أن الجالية المصرية تحديداً تشتهر بين الجاليات الأجنبية الأخرى في مقاطعة بافاريا بالجدية والبحث عن فرص العمل وبالسلوك الطيب وارتباطها الكبير بالوطن الأم من حيث الإستثمار وبناء المشاريع والتحويل النقدي الى البنوك المصرية وربط الأبناء بالوطن، رغم تأثرهم كثيراً بحكم مبارك وغياب دور السفارات المصرية في ألمانيا بالأهتمام بهم، بل والشكوى المستمرة من سوء معاملتهم وتجاهل طلباتهم وعدم لعب أي دور في تقريبهم الى وطنهم.

لهذا رفع المصريون روح التحدي في تجمعهم، الذي دعا إليه رئيس الجمعية المصرية السابق الدكتور طارق السيسي. ورصدت quot;إيلافquot; ذلك الإجتماع الذي جاء بمثابة إنشودة في حب مصرـ فقد بدت الوجوه مشرقة، والهمم عالية، والأفكار متدفقة من أجل مستقبل أفضل لمصر والمصريين في الداخل وفي الخارج.

فقد تدفقت كلمات المشاركيين في الإجتماع معبّرة عن الشكر للثورة المصرية والشباب المصري والكثير من الإمتنان للشهداء الذين ضحوا بأرواحم من أجل تغيير مصر، وكان من نتيجة ذلك أن حدث تغيير جذري وجوهري في إدارة جمعية الجالية المصرية.

ورحّب الدكتور طارق السيسي رئيس الجمعية السابق بالتغيير الذي أراده الحضور، وفي إطار ديمقراطي وحرية ومسؤولية كاملة، تمكن الأعضاء من إنتخاب مجلس إدارة جديد للجمعية، يرأسه الدكتور عز الدين متولي. وعن ذلك يقول الدكتور السيسي ان الفترة التي ادار فيها الجمعية كانت فترة صعبة، خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، وهي الفترة التي اعقبها إحجام المصريين عن الإجتماع والتواصل، ربما ايضًا من اجل الضغوط التي كانوا يتعرضون لها من حيث وقوعهم في دائرة الشك والريبة، هذا اضافة الى عزوف المصريين، تاثرًا بالمناخ السياسي المصري الذي لم يكن فعالاً بشكل يحفز المصريين على اشعارهم بأنهم قوة وبأن لهم مكانة وتاريخ، لهذا إنحصر دور الجمعية في تشييع الموتى وإرسال جثامين المتوفيين الى مصر.

غابت الأنشطة تمامًا عن فعاليات إدارة الجمعية السابقة، هكذا يقول السيد مجدي عضو الجمعية الجديد المنتخب الذي يرى من وجهة نظره أيضًا ان الشفافية والديمقراطية يجب أن تحكم أعمال الجمعية المقبلة، غير ان رئيس الجمعية الجديد الدكتور عزالدين متولي المنتخب، فيقول: quot;لدينا اتجاهاً جديداً من اجل مستقبل افضل للجالية المصرية في ميونيخ. فمن اهم اهدافنا تجميع المصريين من جديد وإحياء الأنشطة المصرية في ميونيخ ورعاية المواهب من أبناء الجاليةquot;.

ويستطرد قائلاً quot;هناك روح جديدة استلهمناها من روح الثورة الأم في مصر تلك الثورة التي أعطت الحافز والدعم المعنوي لنا جميعاً، والذي بمقتضاه أعدنا تشكيل وهيكلة الجمعية المصرية التي كانت شبه مجمدة ونأمل في مد الجسور مع الوطن الأم ومساعدة مصر في كل الميادينquot;.

quot;أكثر المصريين المتحمسين الى إعادة تفعيل الجمعية تعدت فترة اقامتهم في ألمانيا العشرين عامًا. يقول محمد رمضان رئيس الجمعية السابق، ويضيف أن quot;هناك نية كبيرة في إعادة تقويم دور المصريين في ميونيخ، مشدداً على ان وقوف الجميع صفا واحداً من اجل مد العون لمصر بعد الثورة هو أمر واجبquot;.

اما احمد مصطفى مصري المقيم في ألمانيا فيقول ان quot;دور السلبية الذي كنا نعيشه لابد وان يختفي الآن بعد قيام الثورة. فقد حان وقت تضامن المصريين من اجل بناء الوطن، وهذا اصبح واجب علينا جميعاً الآنquot;، شاركه الدكتور علي حسنين الذي يعيش في ميونيخ منذ فترة طويلةالرأي نفسه، موضحًا أنquot;ان خدمة مصر هو واجب علينا، ويجب ان نبحث عن آليات مساعدة الوطن الأم، لأن كل مصري في المانيا مدين لمصر، وقد حان وقت العمل من واقع التشكيل الجديد لجمعية المصريين في ميونيخquot;.

كان واضحًا ان روح جديدة وديمقراطية مميزة تسود أجواء الإجتماع وأطراف الحديث، وهي سمة أصبحت تميز المصريين، بعدما زالت هواجس الخوف من أجهزة أمن الدولة سيئة الصيت. فاصبح الناس يتمتعون بمصداقية في الكلام وشفافية في الحديث والبحث عن السبل في كيفية مساعدة مصر، مثل ذلك الإقتراح الذي يرى بأن يرسل كل مصري مقيم في ألمانيا 1000 يورو الى حسابه البنكي في مصر، حتى تستفيد الدولة من فرق التحويل.

من جهة أخرى يرى عمر الكاشف مهندس مصري يعمل في ألمانيا ان كل من له خبرة يجب ان يساهم بها في تقوية اواصر الرابطة المصرية في ميونيخ، والذي كان شاهداً على تفككها إبان العهد السابق، ويرى أن إجتماعات الجالية يجب ان تكون اجتماعات دائمة ومستمرة، لأن من شأن ذلك ان يشكل عاملاً ايجابيًا في تقارب المصريين في المانيا.