حذر رجل الأعمال السوري، رامي مخلوف، ابن خال الرئيس بشار الأسد، من أن النخبة الحاكمة في سوريا، وهي حلقة متماسكة في العلاقة بالسلطة المطلقة والولاء للعائلة والغريزة الحشوية من أجل البقاء، ستقاتل حتى النهاية في صراع، من الممكن أن يُقحِم منطقة الشرق الأوسط في حالة من الفوضى والاضطراب، وحتى في حرب.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: في مقابلة أجرتها معه صحيفة النيويورك تايمز الأميركية، ونشرتها اليوم، عرض مخلوف فكرة ثاقبة نادرة للغاية بشأن طريقة تفكير حكومة غير شفافة، والزاوية التي تنظر منها إلى متغيرات الأوضاع في سوريا، والطريقة التي تتوصل بها إلى القرارات.
وفي الوقت الذي يواجه فيه نظام الأسد أكبر تهديد على حكمه الممتد على مدار 4 عقود، مع اندلاع موجة الاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ شهرين، أشار مخلوف إلى أن العائلة الحاكمة ربطت بقاءها بوجود طائفة الأقلية، التي تنظر إلى الاحتجاجات ليس على أنها مطالب مشروعة للتغيير، بل على أنها بذور حرب أهلية.

وفي مجمل حديثه الذي أدلى به للصحيفة على مدار أكثر من 3 ساعات، قال مخلوف quot;إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا، فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل. لا يمكن لأحد أن يضمن ماذا يمكن أن يحدث، لا سمح الله، إن حدث أي شيء للنظامquot;.

وبسؤاله عما إن كان ذلك تحذيرًا أو تهديدًا، قال مخلوف quot;أنا لم أقل حرباً. ما أقوله هو ألا تجعلونا نعاني، ولا تمارسوا قدراً كبيراً من الضغوط على الرئيس، ولا تدفعوا سوريا لفعل أي شيء لا تحب أن تفعلهquot;. ورأت الصحيفة أن تصريحات مخلوف هذه عكست المشاعر التي تحاول أن تعززها الحكومة السورية، بتخييرها الشعب بينهم وبين الفوضى، وأنها تبرز تكتيكات النخبة الحاكمة التي تتلاعب بموجة الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط لضمان بقاء وجودها على الساحة.

كما أشار مخلوف، الذي تربطه صداقة منذ نعومة أظفاره مع الرئيس بشار الأسد، إلى أن النخبة الحاكمة ndash; التي يعمل فيها أقارب الأسد وأشخاص معاصرون ndash; قد توثقت العلاقات بينها خلال الأزمة. وأضاف quot;رغم أن الرئيس بشار هو من يمتلك القول الفصل، فإن السياسات تُصاغ على أنها قرار مشترك. نعرف أنه لن تكون هناك استمرارية من دون وحدة وطنية. وكشخص، كلنا يعرف أن الوحدة هي سبيلنا للاستمرارquot;.

وأكد مخلوف، مستعيناً بمثل عربي، quot;أن النظام لن يسقط وحدهquot;. هذا وقد تم ترديد اسم مخلوف خلال التظاهرات التي شهدتها البلاد، وتم حرق مكاتب شركته quot;سيرياتلquot; ndash; التي تعتبر أكبر شركات الهواتف المحمولة في البلاد ndash; في درعا، تلك المدينة الفقيرة التي تقع على مقربة من الحدود الأردنية، والتي بدأت فيها الانتفاضة في منتصف آذار/مارس الماضي.

وسبق أن اتهمته الحكومة الأميركية، التي فرضت عليه عقوبات في عام 2008، بالتلاعب في النظام القضائي واستخدام الاستخبارات السورية لترهيب منافسيه. وقال الاتحاد الأوروبي يوم أمس الثلاثاء إن مخلوف من بين عدد يزيد عن عشرة مسؤولين سوريين يحتمل فرض عقوبات عليهم.

وبسؤاله عن سر استهدافه بالعقوبات، قال مخلوف quot;لأن هناك ثمة صلة قرابة بيني وبين الرئيس. وهذا هو السبب فحسب. وأرى أن الغضب الموجه إليّ ناجم من الغيرة والشكوك القائمة منذ فترة طويلة بأنه يعمل باعتباري المصرفي الخاص بالأسرة الحاكمة. قد يكونوا قلقين من استخدامي تلك الأموال في دعم النظام. أنا لا أعرف. قد يكون ذلك هو السبب. لكن النظام يمتلك الحكومة بأسرها، وهم ليسوا في حاجة إليّquot;.

على صعيد آخر، قال مخلوف إن الإصلاح الاقتصادي سيظل أمراً أساسياً. وتابع quot;فهو أولوية بالنسبة إلى السوريين. وعلينا أن نطالب به قبل أن نتحدث عن الإصلاح السياسي. وأعترف بأن التغيير جاء متأخراً ومحدوداً. لكن إن كان هناك بعض التأخير، فإنها ليست نهاية العالمquot;.

وحذر مخلوف في نهاية حديثه مع الصحيفة الأميركية من أن البديل للنظام الحالي ndash; وهو التيار الذي يقوده السلفيون ndash; سوف يعني حرباً في الداخل، وربما في الخارج. وقال quot;لن نقبل بذلك. وسيحاربهم الشعب. فهل لك أن تعرف ماذا تعني مسألة كهذه؟، إنها كارثة. ونحن لدينا العديد من المقاتلينquot;.