مذهل هو المدى الذي وصل إليه نظام أدولف هتلر النازي في سعيه إلى السيطرة على العالم. فقد كشف كتاب جديد أن علماءه حاولوا توليد سلاسة من الكلاب الذكية، التي تأتي بما لا يُتاح للحيوان طبيعياً، مثل النطق، ومناقشة المسائل الفلسفية وكتابة الشعر.


هتلر يخطب.. ومع كلبته بلوندي

صلاح أحمد من لندن: حاول علماء النازي توليد سلاسلة من الكلاب التي يبلغ حد ذكائها أنها تستطيع الكلام والقراءة والكتابة وتوظيفها لمختلف الأغراض مثل الإنسان تمامًا.

يرد هذا في كتاب جديد بعنوان laquo;كلاب مذهلة: خزانة من العجائبraquo; ألّفه د. جان بونديسون، المحاضر في جامعة كارديف البريطانية، ويشمل أيضًا فصولاً عن محاولة أولئك العلماء توليد كلاب قادرة على التمثيل الدرامي، وأخرى تستطيع السفر، إضافة إلى فصيلة laquo;مقدسةraquo;، وأخرى قادرة على شواء اللحوم.

أتى كل هذا الطموح الجامح في بحث علماء النازي عن مختلف الوسائل - بغضّ النظر عن غرابتها وشطحها - التي تمكّن ألمانيا من الحصول على سلاح سرّي يتيح لها النصر الشامل في الحرب الثانية، والسيطرة بالتالي على العالم بكامله.

وقد جمع أولئك العلماء مختلف فصائل الكلاب المعروفة بذكائها من سائر مناحي ألمانيا وأتوا بها إلى ما أسموه laquo;مدرسة تعليم الحيوان النطقraquo; بالقرب من هانوفر. وكان بين هذه الكلاب واحد اسمه رولف، قيل إنه كان قادرًا على تهجئة حروف الكلمات عبر الطرْق بقدمه على لوح يوضع أمامه. فيختار الحرف الذي يريده بالطرق عددًا من المرّات مساويًا لترتيبه في الأبجدية. وطارت شهرة هذا الكلب الى الآفاق عندما أشيع أنه تعلم لغات أجنبية، وناقش المسائل الدينية، ونظم الشعر، وسأل نبيلاً زائرًا ذات مرة: laquo;هل بوسعك ترقيص ذيلك؟raquo;.

وقيل أيضًا إن كلبًا آخر يسمّى دون نبح أمام مدربه ذات مرة مقلّدًا الصوت البشري، وقال له بوضوح لا تخطئه الأذن: laquo;جائع أنا.. أعطني قطعة من الكعكraquo;. ولكن ربما كان الكلب laquo;النازيraquo; بطبعه هو ذلك الذي سُئل: laquo;من هو أدولف هتلرraquo;؟ فأجاب قائلاً: laquo;قائد بلاديraquo;!.

ونقلت صحيفتا laquo;تايمزraquo; وlaquo;تليغرافraquo; البريطانيتين عن بونديسون، وهو من أصل سويدي ألّف العديد من الكتب في تاريخ أوروبا، قوله إن النازيين كانوا يسبغون على الكلاب ذكاء يكاد يعدل ما يتمتع به البشر، ويعتقدون أنها قادرة على التفير المجرّد والتفاهم.
كما كانوا يؤمنون بأن المحدودية الجسدية فقط هي التي تمنعها من أن تصبح مساوية للناس. ولهذا فقد كانت تُدرّب لتتولّى حراسة معسكرات الاعتقال برتب عسكرية مساوية للحراس البشر من laquo;الوحدة الوقائيةraquo; SS الشهيرة بجرائم الحرب والقتل الجماعي.
يذكر أن امرأة تدعى مارغريتا سميت هي التي أسست مدرسة الكلاب الناطقة في الثلاثينات، وظلت تديرها طوال سنوات الحرب العالمية.

وكان بين الكلاب التي دربتها واحد يسمى كورفينال، بلغت شرارة ذكائه درجة أن 28 عضوًا في جماعة نازية لحماية الحيوان قاموا بزيارته وهم بالزيّ العسكري احتفالاً بأحد أعياد ميلاده. وقيل إنه كان يتفاهم بالنباح مرات، تساوي ترتيب الحرف في الأبجدية، فأعلن ذات مرة إنه ينوي التصويت في الانتخابات لمصلحة بول فون هيندنبرغ (ثاني رئيس ألماني من 1925 إلى 1934).

مع شريكته إيفا برون وكلبتيه بلوندي وييلا

ويقول بونديسون إن الاعتقاد بذكاء الكلاب المساوي تقريبًا لذكاء البشر ساد في ألمانيا منذ العشرينات، فتكاثر عدد المتخصصين في علم النفس الخاص بها. ويضيف قوله: laquo;قد يظن المرء أنه بعد تولي الحزب النازي السلطة، فسيقيم قادته مراكز اعتقال لهؤلاء المعتوهين. لكن العكس هو ما حدث إذ تبنّوا آراءهم الشاطحة. وربما كان مرد ذلك إلى إيمان النازي بالرابط الوثيق بين البشر الطبيعة، وأن الإنسان يجب أن يكون صديقًا للحيوانraquo;.

ويمضي قائلاً: laquo;بل إن الأمر وصل إلى حدّ تفضيل الحيوان على البشر. وأسطع مثال لهذا هو أنه عندما بدأ النازي تصيّد اليهود، عجّت الصحف بالخطابات النارية الغاضبة التي تتساءل عن مصير الحيوانات الأليفة التي تركها هؤلاء الأخيرون وراءهم بعد اعتقالهمraquo;.

وقد عُرف عن هتلر أنه كان محبًّا للكلاب ومهتمًا بتوظيف الكلاب الذكية في الحرب. وكانت له شخصيًا كلبتان من فصيلة laquo;الراعي الألمانيraquo; (وولف)، إحداهما تسمى بلوندي، والأخرى بيلا. وتقول كتب التاريخ إنه اصطحب بلوندي معه إلى مخبئه الأخير بعد خسارته الحرب، وأطلق عليها النار قبل أن ينتحر هو نفسه في إبريل/ نيسان 1945.

ويقول بونديسون إن بحوثه لم تعثر على ما يشير إلى أن الألمان وظّفوا الكلاب الذكية laquo;الناطقةraquo; لأي أغراض خلال الحرب، وأن هذا الجانب من الماكينة الحربية الألمانية لم يثر اهتمام أحد بعدما وضعت الحرب أوزارها.