رغم أن إنتشار التعذيب في مقار الشرطة كان أحد أخطر أسباب إندلاع ثورة 25 يناير، إلا أن المصريين لم يتوقعوا وبعد إنتصارهم على القمع، أن ينتقل إلى أطفالهم في مرحلة رياض الأطفال، حيث يعيشون حالة من السخط بسبب نشر مقطع فيديو التقط بوساطة موبايل لمدرّس وهو يمارس التعذيب ضد أطفال في مرحلة الحضانة، تتراوح أعمارهم ما بين 3 وخمس سنوات.
تعنيف أطفال المدارس ظاهرة لا تزال منتشرة في مصر |
القاهرة: كان المدرِّس يضرب الأطفال بقسوة على أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم وظهورهم، بينما تجلس إلى جواره سيدة منقبة، وأطلق على الفيديو اسم quot;المدرِّس الشرسquot;. وبسبب قسوة المشاهد، إضطر موقع يوتيوب إلى حذفه، بينما تلقفته العشرات من المواقع الإخبارية المصرية، ونشرته على صفحاتها، فيما أذاعته قنوات مرات عدة، مطالبة بالتحقيق في ما ورد به، والبحث عن المدرِّس الشرس.
وبعد يومين من الرعب، توصلت وزارة التضامن الإجتماعي إلى هوية ذلك المدرّس، الذي مارس الضرب بقسوة على نحو 25 طفلاً وطفلة، لدرجة إن بعضهم لم يقو على حمل الكرّاسة بيديه من شدة الألم.
بعد ثلاثة أيام من البحث والتحريات، التي قامت بها وزارتا الداخلية والتضامن الإجتماعي، تم التوصل إلى هوية المدرس، ويُدعى مجدي الشاعر، وكانت المفاجأة أنه ليس معلّماً، بل موظف في مركز للشباب في قرية تابعة لمدينة زفتى في محافظة الغربية، ويمتلك حضانة للأطفال ممن هم في سنّ أقل من ست سنوات، وهي السنّ القانونية للإلتحاق بالمدرسة في مصر.
وقررت وزارة التضامن الإجتماعي إغلاق الحضانة، فيما قرر النائب العام المستشار عبد المجيد محمود التحقيق مع المدرّس، بتهمة تعذيب 25 طفلاً وطفلة، بناء على بلاغات تقدّم بها أولياء الأمور، ومنظمات الدفاع عن حقوق الطفل في مصر، وعلى رأسها المجلس القومي للطفولة والأمومة.
فيما نفى المدرّس عن نفسه تهمة ممارسة التعذيب في حق الأطفال في محضر الشرطة الذي حررته ضده مديرية التضامن الإجتماعي في الغريبة، وقال إن الضرب هو أفضل وسيلة للتعليم، وأضاف أنه وجميع أبناء جيله وجميع الأجيال اللاحقة تلقوا تعليمهم بتلك الطريقة.
وأدان حقوقيون مدافعون عن حقوق الطفل الواقعة، مشددين على ضرورة محاكمة المدرس بتهمة التعذيب، وقال محمد نور الدين رئيس مركز المستقبل للطفل، إن تلك الواقعة تؤكد أن هناك من يعتقدون أن الضرب بقسوة واحد من أهم الأدوات نفعاً في تلقين الأطفال العلم.
وأضاف لـquot;إيلافquot; أن هذا الأسلوب لم يعد مقبولاً بعد الثورة، مشيراً إلى أنه يغرس في نفوس الأطفال الشعور بالقهر، ويعلمهم الجبن، وطالب نورالدين بالتحقيق مع هذا الشخص، بتهمة ممارسة التعذيب في حق الأطفال، وممارسة مهنة التعليم، رغم أنه ليس عضواً في نقابة المعلمين، وليس متخرجاً في إحدى الكليات التربوية.
فيما ألقت سهام جاد الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل باللوم في تلك الواقعة على وزارة التضامن الإجتماعي، وقالت لـquot;إيلافquot;، إن الوزارة لا تراقب حضانات الأطفال، التي تخضع لإشرافها مباشرة، مكتفية بمنحها التراخيص فقط.
وأضافت جاد أن الحضانات التابعة للوزارة لا تتوافر فيها أدنى درجات الأمان، ولا يمارس فيها مهنة الرعاية بالأطفال أشخاص مؤهلون تربوياً.
حيث إن أي شخص بامكانه إفتتاح حضانة في شقة أو قبو تحت السلم في مدخل بناية سكنية. ودعت جاد إلى ضرورة تشديد العقوبات على من يرتكبون جرائم في حق الأطفال، بما يشكل رادعاً لكل من تسوّل له نفسه الإعتداء عليهم، أو إنتهاك حقوقهم.
وتنتشر في مصر ثقافة التعليم بالضرب المبرح، ورغم أن وزارة التربية والتعليم قد أصدرت قرارات عدة بمنع إستخدام العنف في المدارس، إلا أن تلك الظاهرة مازالت شائعة على نطاق واسع.
إذ تشير الإحصائيات إلى وفاة وإصابة نحو 177 طفل سنوياً في المدارس جراء إستخدام العنف ضدهم. ووفقاً لتقرير صادر من المركز المصري لحقوق الإنسان، فإن الشهر الأول من العام الدراسي شهد 100 حالة عنف، منها وفاة 14 طالب، وإنتحار 6 حالات آخرين، وإصابة 13 بسبب الطعن بالمطواة (السلاح الأبيض)من زملائهم، و33 حالة إعتداء بالضرب على الطلاب من جانب المدرّسين.
التعليقات