يتخوف الكثير من السوريين في الداخل أن تكون بوابة مؤتمر أنطاليا خطوة أولى تبرر تدخلاً خارجيًا، فيما اعتبره آخرون بأنه مؤامرة، وفسّره رأي ثالث بالخطأ الذي لن يغفره الشعب السوري للمعارضة، في حين نوّه صوت بأنه درء للحرب الأهلية.


يتخوف الكثير من السوريين في الداخل أن تكون بوابة quot;مؤتمر أنطالياquot;، الذي سيعقد غدا الأربعاء خطوة أولى تبرر تدخلاً خارجيًا، فيما يجري من أحداث أوصلت سورية إلى عنق الزجاجة، بحسب الكثير من المحللين السياسيين، في الوقت الذي لا يزال فيه آخرون يعوّلون على quot;مؤتمر حوار وطنيquot; يُخرج البلاد من سيناريوهات تسير بهم نحو المجهول.

غير أن ما زاد الأمر تعقيدًا هو بيان ما يسمّى بـquot;ربيع دمشقquot; الصادر الأحد عندما قال إن من حق الجاليات السورية في الخارج، أن تتحرك لدعم انتفاضة الشعب السوري في الداخل، بل إن من واجبها أن تشارك في صناعة مستقبل وطنها، الذي حرمت من العيش فيه، ما دامت عيون المؤتمرين على الداخل، وكسب تأييد الرأي العام العالمي، إلى جانب قضية الشعب السوري.

وأضاف البيان: quot;قيادة الإعلان في الداخل قررت المشاركة في هذا المؤتمر بصفة مراقبquot;، مشيرة إلى أنها أوفدت كلاً من أنس العبدة وكاميران حاجو بتمثيل أمانتي الداخل والخارج بهذه الصفة من التمثيل.

إلا أن البيان استدرك بالشرح حول أن صفة quot;مراقبquot; لا تعني ndash; والكلام للبيان - أن الإعلان لا يوجد عليه أي تحفظات كالتسرع في عقد هذا المؤتمر من دون أية استشارات مع الداخل بشكل مسبق.

وقال البيان: quot;والإعلان يتحفظ على نقطتين رئيستين في جدول أعمال المؤتمر، أولهما: البحث في تشكيل مجلس وطني انتقالي. ذلك أن الوضع في سوريا يختلف عنه في ليبيا، والقياس هنا غير مفيد. وثانيهما: البحث في وضع مسودة دستور جديد لسوريا المستقبلية، وهذه النقطة تحديداً، نرى أنها من حق الشعب السوري عندما تجتمع تمثيلاته المختلفة في الداخل والخارج في مؤتمر عام للحوار الوطني، يعقد داخل سورياquot;.

وأضاف: quot;وفي هذه المناسبة فإن الأمانة العامة لإعلان دمشق في الداخل، ترى أنه من المناسب، إبلاغ المؤتمرين وكل أعضاء الإعلان ومناصريه في الداخل والخارج، مع كامل التقدير والاحترام لشخص الدكتور عبد الرزاق عيد، فإنه لا يمثل إعلان دمشق، وكل ما يصدر منه، يمثل رأيه الشخصي، ولا يوجد بيننا وبينه أي تنسيقquot;.

ناشط مدني: إعلان دمشق مشارك في المؤامرة

بيان جاء تفسيره من الصحافي والناشط المدني بسام القاضي مختلف من الداخل السوري بالقول لـquot;إيلافquot;: quot;إن إعلان دمشق مشارك في المؤامرةquot;، مستعملاً لغة الذقون بالقول إن مشاركته هي quot;بصفته مراقبًاquot; لا تغير من هذه الحقيقة شيئًا. لأن صفة quot;مراقبquot; - والكلام للقاضي - تعني أنه موافق على المؤتمر، وعلى نقاشه القضايا التي يناقشها، ولكنه غير مسؤول عن النتائج. بهذا المعنى فهو يقطف العنب، ويتخلّى عن الناطور، وهذا معروف لكل من لديه أدنى فكرة عن تنظيم المؤتمرات.

واعتبر القاضي أن أبلغ دليل على ذلك هو أن الأحزابكلها لا تشارك بصفة quot;مراقبquot; إلا مع الأحزاب التي تسميها quot;صديقةquot; أو quot;شقيقةquot;.

واستغرب القاضي quot;لو أن إدعاء البيان أن مشاركته تلك لا تعني انضمامه إلى المؤتمر وموافقته عليه، لكان من الطبيعي أن يشارك في مؤتمر صهيوني بصفة مراقب! فما المشكلة ما دام هو فقط quot;مراقبquot;؟!.

عيسى: الشعب السوري لن يغفر للمعارضة

بدورها، رأت نائبة كلية الإعلام في جامعة دمشق الدكتور نهلة عيسى في تصريح خاص لـquot;إيلافquot; أن quot;المؤتمر محور من محاور المخطط الداخلي الخارجي الذي يستهدف إثارة مزيد من الاضطراب في الوضع السوري بهدف إيجاد ذريعة لتدخل دولي يعيد تشكيل منطقتنا وفقًا لمصالح جميع الأطراف المشتركة في هذا المخططquot;.

وأضافت الدكتور عيسى: quot;إلا إنني أعتقد أن المؤتمر هو أضعف حلقات المخطط، لأنه لا يحظى بتأييد مجموعات عدة ممن يعلنون معارضتهم النظام في سوريا، وذلك لاختلاف مرجعياتهم الفكرية والسياسيةquot;.

وأشارت الدكتورة عيسى إلى أن ما وصفتهم بـquot;الفرقاءquot; يفترقون إلى أجندة محددة، فكيف بعدم وجود أجندة quot;موحدةquot;، وذكرت أن ذلك جاء نتيجة quot;إدراك العديد من المعارضين في الداخل والخارج أن الشعب السوري لن يغفر للمعارضة استعداء الخارج على الوطنquot;.

وعادت الدكتورة عيسىلتذكر بسيناريو quot;ليبيا والعراقquot; الذي ما زال ماثلاً أمام أعين العالم كله، مضيفة: quot;وهي تجربة كارثية بكل المقاييسquot;.

ونوهت عيسى لـquot;إيلافquot; إلى أن المؤتمرين لن يصلوا إلى اتفاق أو برنامج موحد لاختلاف، بل تعارض المصالح والرؤى. لافتة إلى أن أقصى ما قد يحققه المؤتمر هو تشكيل حالة quot;ضغط إعلامية على سورياquot;.

صحافي سوري: المؤتمرخطوة لـquot;منع الحرب الأهليةquot;

في المقابل، قال الصحافي السوري جديع دوارة لـquot;إيلافquot; إن مؤتمر انطاليا، وإن كانت هناك اعتراضات محقة عليه لجهة عدم تمثيله لكامل الطيف السياسي والثقافي في سوريا، واعتراضات أخرى تتعلق بالمكان، إلا مما لا شك فيه أنه quot;خطوة في الاتجاه الصحيحquot;.

وأضاف: quot;فبعد مرور أكثر من شهرين على الأحداث، لم تتمكن القشرة السياسية المتحركة لا القديمة ولا الناشئة من إيجاد المؤطر الوطني الجامع، ولم تتمكنخاصة قوى المعارضة التاريخية أن تتجاوز خلافات ذواتها الحزبية الضيقة لمصلحة مؤطر وطني يرتقي إلى مستوى الحراك المتفجر على الأرض، بل كانت، وكل من موقعه، تحاول اللحاق به دون جدوىquot;.

وتابع الصحافي دوارة: quot;إن أحد أهم المخاطر التي تعيشها الساحة السورية اليوم، يتمثل في انفلاش الحراك وخروجه عن سيطرة الوعي، وانقلابه على كل عقلنة ممكنة بسبب وبفعل البطش الشديد، وبسبب عدم وجود وعي سياسي مؤسساتي جامعquot;.

واعتبر دوارة أن كل جهد في هذا الاتجاه، وبصرف النظر عن جدية السلطة في الحوار أو عدم جديتها، quot;هو في غاية الأهمية لحماية المجتمع من الانزلاق إلى سيناريو الفوضى والحرب الأهلية والانقسامات الدموية، ونتائج المؤتمر ستكون مهمة بمقدار اقترابها من تحقيق هذا الهدفquot;.

الحكومة السورية تعلن عن quot;حوار وطنيquot; خلال quot;48quot; ساعة

رسمياً، أعلن الأمين القطري المساعد لحزب البعث السوري محمد سعيد بخيتان أن مشروع وآليات الحوار الوطني laquo;ستعلن خلال 48 ساعة، وسيكون الحوار بمشاركة حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية والمستقلينraquo;، كاشفاً عن laquo;قُرب صدور عفو عامraquo; من دون أن يخوض في تفاصيله.

ولم يوضح بخيتان في خبر نشرته وسائل الإعلام السورية حول إذا ما كانت الحكومة السورية ستسمح للمعارضة بالمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، إلا أنه قال: quot;لجنة الحوار شُكّلت على أعلى المستويات، والحوار سيضم كل الفئات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وهو سيكون تحت سقف الوطنquot;.

ورأى بخيتان أن laquo;من يتظاهر في سوريا لا يتجاوز عددهم 100 ألف، هم أنفسهم يتظاهرون كل مرةraquo;، مضيفاً: quot;أصبحت موضة أن يقوم البعض بالتكبير ليلاً، وبالتظاهر يوم الجمعة، ويجب أن ننهي هذا الموضوع بسرعة، فعلينا ضغوط كبيرةquot;.

وعن الإخوان المسلمين، جدد بخيتان موقف الحكومة السورية الرافض لهم: quot;الإخوان المسلمون تنظيم محظور في سوريا، ونحن نرفض تاريخهم، ليس لهم رصيد كبير في الشارع السوري، ولا أتصور أنهم مقبولون في مجتمعناquot;.