رأى مشاركون في المؤتمر السوري في أنطاليا أنهم لم يتخيلوا قط أن يكونلديهم قذافي آخر يكاد يبدو الأول رجلاً مسالماً أمام ما قد يفعله للحفاظ على الحكم الذي يستمد قوّته من خوف المواطنين. ونفى الشباب أن تكون ثورتهم مهددة، وهي ليست لإسقاط النظام أو لرفع حالة الطوارئ بقدر ما هي لإسقاط الخوف الجماعي.
جانب من أحداث درعا |
أنطاليا: وصل الى المؤتمر السوري للتغيير في أنطاليا بعض شباب تنسيقيات الثورة السورية في الداخل ليشاركوا في فعالياته وأنشطته .
وقال محمد (24 عاما ) لـquot;ايلافquot; أنا متفائل جدا بالوضع في الداخل رغم الدماء والاعتقالات ورغم التعذيب ولكن مرحلة العقود الاربعة ستزول عمّا قريب .
وأضاف quot;إن الشعب السوري أرهق جداً. ولكن تتزايد أحلام الشباب، بوطن حر ديمقراطي لا يكون فيه سائدا سوى القانون الذي يسري على كل المواطنين دون تفرقة ودون وجود مواطن درجة ثانية.
وتابع: quot;اعتبر أن حجم الارهاب الذي رأيناه منذ الثورة هو مرهق نفسيا، وأصابنا بنوع من الصدمة باعتبار أننا كنا نرى القذافي واعتقدنا ان القذافي بسبب كاريزمته المضحكة وشخصيته الجدلية وجنونه اتخذ هكذا مواقف وسلك طريق الاجرام وقتل شعبه، الا أننا لم نتخيل للحظة أنه من الممكن أن يكون لدينا في سوريا قذافي آخر ولا أكاد أبالغ إن قلت إن بشار الأسد مستعد لأن يجعل من القذافي رجلا مسالما وحملا وديعا أمام ما فعله وأمام ما يمكن أن يفعله لضمان حكمه الجائر وغير الشرعي.quot;
ورأى محمد أنّquot; الجميل في الموضوع أنّ معظم الشباب السوري لديه أفكار تحريرية، وبغض النظر عن الانتماءات السياسية والتوجهات الفكرية هناك ارتباط وتجمع حول هدف واحد، وهو الوصول الى سوريا الحرية والديمقراطية بمعنى أننا كنا نجتمع في مجموعات لبحث شؤون التظاهرات وتنسيق جهودنا وهذه المجموعات من أقصى اليمين الى أقصى الشمال وكلنا كقلب رجل واحدquot; .
وحسب ما يتردد بأن الثورة مهددة قال quot;حسب خبرتي الشخصية على الارض منذ بدء الثورة هناك شعب في سوريا تعرض للتهديد بأكمله وتعرّض للقسوة ولأبشع انتهاك الكرامة البشرية لذلك حدثت حالة من الصهر لجميع شرائح المجتمع بطبقاته الاقتصادية والفكرية وهذه الحالة من الصهر ولّدت روابط قوية جدا بين الشباب أي أنا في دمشق وأعمل على الأرض في دمشق في التظاهرات، وأنا على ثقة ان ذهبت الى حمص أو بانياس أو دير الزور أو درعا ...سأكون واحدا من الكل، وأتكلم بلسانهم كما هم يتكلمون بلساني رغم كل الفوارق السياسية لأن هدفنا واحد ومعاناتنا واحدةquot; .
وقال quot; في رأيي الشخصي إنّ ثورتنا ليست لإسقاط النظام وليست لرفع حالة الطوارئ انما نحن خرجنا في 15 آذار لاسقاط حالة الخوف التي تعتري نفوسنا، وبعد إسقاط هذه الحالة من الخوف الجماعي فمطالبنا سواء من رفع حالة الطوارئ الى اسقاط النظام هي تحصيل حاصلquot; .
وأشار الى quot;أنّ هذا النظام سبب استقراره هو ليس القتل والعنف والديكتاتورية فقط انما يستمد استقراره من خوف المواطن السوري وعدم جرأته على المطالبة بحقوقه، وبانعدام حالة الخوف يزول جميع أسباب سلب الحقوق والحريات ويسقط الديكتاتورquot;.
وحول تشابه الثورات من عدمه أفادquot; الحقيقة أنّ الثورة في تونس ومصر لاتحمل أجندات سياسية بمعنى لنأخذ مصر مثالا فقد حاول النظام السوري والاعلام السوري القول إنّ الشعب المصري انتفض على نظامه بسبب اتفاقية كامب ديفيد، وهو أراد من خلال ذلك أن ينفي الحاجة الى ثورة في سوريا باعتبارها لم تعقد سلاما حتى الآن، وحاول القول إنّ الشعب المصري صنع ثورته ليلتحق بركب النظام السوري المقاوم،وأقول بغض النظر إنّ الشعب السوري هو منبع المقاومة والوطنية مثل الشعب المصري، ولا يختلف اثنان على معاداة اسرائيل التي اغتصبت فلسطين الحبيبة الا أن الثورة في مصر لم تقم أبدا بهدف الاطاحة بكامب ديفيد كما الشعب السوري يقوم الآن لاسترداد حقوقه المدنية المهدورة وليقول لا للتوريث الذي حدث بالفعل للأسف في سورياquot;.
وأضاف quot;لذلك فإن الثورة التونسية والليبية واليمنية وانتهاء بالسورية هي ثورة واحدة قامت للأسباب والأهداف ذاتها، وهو ما شكل الربيع العربي الذي سنفخر به، وسيكون العام 2011 نقطة مضيئة في التاريخ العربي بعد أن تنتقل هذه البلدان الى بر الديمقراطية والحريات وننتهي من عهد الظلام والاستبدادquot; .
تشابه الثورات العربية مصيريّ
من جانبه وحول الوضع في الداخل السوري قال شاب سوري آخر ( 26 عاما ) لـquot;ايلافquot; quot;بدأت التظاهرات مقتصرة على يوم الجمعة وكانت أول تظاهرة عملية أمام وزارة الداخلية ثم انتقلت في ريف دمشق الى أيام الجمعة والآن أصبحت التظاهرات يومية مسائية وصباحية طبعا القمع قمع شديد يعني أنّ السلطات الأمنية لاتوفر الصبايا من الضرب في الشوارع والسحل، كما أنّ القتل في ريف دمشق بالجملة أذكر في ضيعة العبّادة سقط 8 شهداء في يوم واحد وقد سمعت هذا الكلام من اصدقاء لي عندما دخلنا السجنquot;.
وأضاف (وقد وضعنا اسما حركيّا له لسبب أمني) quot; أنّ الملفت أن الشباب تتداعى من مختلف التيارات والأطياف للتظاهرquot; .
وحول عودة المتظاهرين الى منازلهم أفاد quot;بقناعتي الشخصية لايمكن للقرار الذي اتخذه الشعب السوري بالتراجع عنه صحيح أن الشعب السوري كان يعيش في حالة قمع الا أنه يوما بعد يوم يتكشف له مدى القمع ومدى الظلم من قبل العصابة التي تحكمه لذلك لا يمكن للثورة أن تقف قبل تحقيق جميع أهدافها وهذا ما أثبتته سوريا بمختلف محافظاتها من حمص وبانياس ودرعا وريف دمشق ودوما وبعد حصار واعتقالات مازالت تخرج تظاهرات بالمئاتquot; .
وحول لماذا ثار الشعب السوري أجابquot; أتت الثورة السورية في سياق الثورات العربية التي أوصلت الشعب العربي الى قناعة بأنه قادر على التغيير quot;، وقال إنها ثورة الشعب السوري ضد القمع وضد القهر وضد احتكار السلطة وهدر الكرامة، عمليّا الشعب السوري يشعر بأنه ليس مواطنا او صاحب بلد بل هو عبارة عن شيء في هذا البلد ووظيفة النظام هي قمع هذا الشعب دون اعطائه أية حقوق أو أن يكفل له أبسط مقومات الحياةquot;.
واعتبر quot;أن سوريا دمرت على يد هذا النظام كما لم يستطع أن يدمرها أي عدو بجامعاتها بمدارسها ومستشفياتها والاهم ما ُدمر فيها هو الانسان quot;.
وعن التنسيق بين لجان الثورة وشبابها أكد أنه كان هناك تنسيق مع بداية التظاهرات كنا نتداول الامكانية وكيف ومتى ؟، لكن ان كنا نريد أن نكون واقعيين فعلا نقول لقد كان هناك شفرات تتداولها عقول الشباب السوري بأننا سننزل الى الشوارع وذلك دون كلام، والدليل على هذا أنه بمجرد ما حدث أول تحرك كان ناقوس بدء العد العكسي للنظام بثورة شعبية على امتداد مساحة الوطنquot;.
وحول التشابه في الثورات العربية قال quot;هناك تشابه مصيري بين الثورات العربية هي القناعة بأنه نحن قادرون على التغيير وبأنه لايمكن العودة على ما بدأه الشعب الا أن التفاصيل تختلف نتيجة اختلاف دموية الانظمة وتركيبتها، كما أن هناك اختلافا في الضريبة التي يدفعها كل شعب من ضرائب، ولكن مهما كان ما سوف يدفعه الشعب ضريبة من دم فهي ترخص أمام الحرية والكرامة.
وحول جوهر المبادرة التي سيتقدم بها الشباب للمؤتمر قال أتيت الى هنا لانه هناك حاجة حقيقية ومتطلبات آنية أهمها مادية تحتاجها الثورة على سبيل المثال انا عندما اعتقلت دفعت كفالات في المرة الاولى 7000 ثم 10 آلاف في المرة الثانية، ولكني لست وأمثالي المشكلة بل المشكلة فيمن لا يعرف أهلهم طريقهم لدفع الكفالة كما تبدو الحاجة المادية ملّحة بالنسبة للذين يهربون ويتخفون عن أعين النظام من المتظاهرين المطلوبين.
وحول التعذيب في السجون أجاب quot;تعرضت للتعذيب في الاعتقال الأول وهناك تمييز في التعذيب فمن ليس له quot;ظهرquot;يربو الناس به ويعذبوه بشدة، ويبدأ التعذيب بالكهرباء والكابلات والشبح (يعلقونه مربوطا على رؤوس اصابعه لأيام) وخلال هذا الوقت يرشون عليه الماء البارد كل فترة بعد أن يخلعوا له ملابسه .
وأضاف quot;هناك شخص عمره 70 عاما دخل السجن وعيونه مورمة من quot;البوكساتquot; ورجله من الفلقة متضخمة ومتورمة لقد أثّر بي هذا المشهد كثيرا.وكان يمارس التعذيب عليه وهو مغلق العينين والتعذيب حوالى كل ثلاث ساعات، ومرة أخرجوه من الزنزانة وادخلوه الى زنزانة اخرى ولأول مرة يخلعون quot;الطمشاتquot; عن عينيه ليرى ابنه يتعذب في الزنزانة .
وقال الجناح الأول في سجن عدرا فرزوه للمتظاهرين والغرفة التي كنا فيها القدرة الاستيعابية القصوى لها60 شخصا ولكن كان متواجدا فيها 110 ينام بعضهم في الحمام او المطبخ .
التعليقات