عبدربه هادي.. اسم بات يشغل اليمنيين حالياً والمهتمين في العالم بالشأن اليمني، خصوصًا بعد تسلّمه مهام الرئيس اليمني المصاب، والذي يرقد حاليًا في مشافٍ عسكرية في الرياض.


عبد ربه منصور هادي نائب الرئيس اليمني

عبد ربه منصور هادي يعمل نائبًا للرئيس اليمني وأمينًا عاماً للحزب الحاكم، لكنه اليوم بات بمثابة رئيس لليمن. فللمرة الأولى يسند الرئيس اليمني مهامه لنائبه، حتى في فترات غيابه التي تطول، كان يعمد في السابق لإسناد تلك المهمة إلى رئيس الحكومة السابق عبدالقادر باجمال، ثم لم يعلن بعد ذلك عن قيامه بالعملية نفسها تجاه أي شخص آخر.

اليوم يحاول الجنرال العسكري والقارئ المثقف الذي يحمل رتبة فريق أن يمسك بزمام الأمور بأكبر قدر من الوسطية خشية الميل إلى طرف فتنقلب عليه الأمور.

هادي يبلغ من العمر 56 عامًا، وهو ينتمي إلى المحافظة التي سقطت في أيدي المسلحين قبل أكثر من أسبوع (أبين)، ويقف الآن حائراً بين انتظار عودة الرئيس، وهو ما ترغب فيه عائلة الرئيس وأنصاره، وبين إدخال اليمن في مرحلة انتقالية يديرها هو، وهذا ما ترغب فيه المعارضة.

درس هادي العلوم العسكرية في بريطانيا، ثم في القاهرة في سبعينات القرن الماضي، وبعدها إلى توجه نحو روسيا لدراسة القيادة والأركان، وعمل قائداً لفصيلة مدرعات، ثم قائداً لسرية مدرعات في قاعدة (العند) الشهيرة، ثم مديراً لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، وبعدها أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديراً لدائرة تدريب القوات المسلحة.

عُيّن قائدًا لمحور quot;كرشquot;، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار بين الشمال والجنوب في أواخر السبعينات، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال، ثم استقر في مدينة عدن مديراً لإدارة التدريب في الجيش، ومساعد لرئيس الأركان العامة، ثم رئيساً لدائرة الإمداد والتموين العسكري، بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبد الفتاح إسماعيل الرئاسة.

قبل أحداث يناير بقرابة عامين ونصف عام،عيّن نائبًا لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنياً بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفيتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة.

عرف الرجل بولائه لصالح منذ العام 1986 حين وقع الاقتتال بين أطراف الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب حينها، وكان ضمن الفريق التابع للرئيس علي ناصر محمد، الذي خرج مهزومًا ليلجأ إلى الشمال.

حينها أتاح صالح لعبد ربه تشكيل ألوية عسكرية على الأراضي الشمالية، كان قوامها من العسكريين الذين نزحوا إلى الشمال، عقب مجزرة 13 يناير في عدن، وسميت تلك المعسكرات بـquot;ألوية الوحدةquot; ثم جاء موعد رد الجميل عقب ثمان سنوات.

تمت الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب في 1990، وتم تعيين هادي قائدًا لمحور البيضاء الحدودي بين شطري اليمن في مرحلة ما قبل 1990، وفي العام 1994 وقعت ماسميت بحرب الانفصال بين قوات الشمال بقيادة صالح والجنوب بقيادة علي سالم البيض.

في مايو/ايار 1994عيّن هادي وزيرًا للدفاع أثناء الحرب، وقاد محور عدن ليستعيد ماضي 1986 حين خرج مهزومًا فقرر هذه المرة الانتقام من شركاء وأعداء الأمس، وبفعل معلوماته العسكرية ساهم في إنجاح المهام العسكرية، وتم طرد القيادات الجنوبية، وإعادة الأمور إلى نصابها في يوليو/تموز 1994.

عقب انتصار الرئيس صالح في حرب صيف 1994، تم تعيين عبدربه نائبًا للرئيس، وركد منصور في ذلك المنصب حتى العامين الأخيرين حين تم انتخابه أمينًا عامًا للحزب الحاكم إلى جانب منصبه كنائب للرئيس.

ويؤخذ في الجانب الدستوري على صالح وعبدربه أن الأخير ليس معيناً كما في الدستور، بحيث يتم تعيينه عقب فوز الرئيس في كل انتخابات تتم، وهو الأمر الذي لم يتم، حيث بقي الرجل نائبًا بقرار واحد منذ 17 عاماًquot;.

شهدت علاقة عبدربه والرئيس هدوءاً تامًا حتى الأعوام الأربعةالأخيرة مع اشتداد الأزمة في الجنوب، حيث ظهر ما يسمى بملتقى أبناء الجنوب، واتهم هو بتشكيله، وظهرت في واجهة الملتقى شخصيات محسوبة على عبدربه، وهي شخصيات وزارية جنوبية في حكومات متعددة.

تسربت أنباء حينها أن صالح أقال عبدربه، لكن الأمر تم نفيه، وعلى ما يبدو جرت تسوية للأمر. وحمل الرجل ملفات كثيرة، وحاول وضع حد لتدهور الوضع السياسي في الجنوب، لكن دائرة الاحتجاجات كانت أوسع من قدرات الرجل التفاوضية.

رجل المرحلة

يقول الكاتب السياسي محمد العلائي لـ إيلاف إن quot;هناك اعتبارات كثيرة تجعل من عبدربه منصور الأنسب لإدارة المرحلة الانتقالية، منها كونه شخصية إجماع هادئة، لا يرتبط بإرث صراعي مع الأطراف الفاعلة الآن،خاصة اللقاء المشترك وحتى الساحات، ورجل ليست عليه انطباعات لا سلبية ولا إيجابية، ويكاد يكون بلا لونquot;.

ويشير العلائي إلى أن علاقة عبدربه بكل الأطراف وكونه أمينًا عامًا للحزب الحاكم وكان محتكًا بالتحولات السياسية الأخيرة وعلاقته بالمؤسسة العسكرية، إضافة إلى علاقته بعائلة الرئيس، وعلاقته بالقيادي العسكري علي محسن الأحمر، وأبناء الشيخ الأحمر، كلها علاقات متوازنة مع الأطراف كافة، فالرجل يمكن أن يكون رجل مرحلة، ويمكن أن يكون شوكة الميزان إذا تم تمكينه من ذلك، لأن هناك فوضى كثيرة تعترضه، وهو أيضًا يحاول أن لا يتخطى الواقع، فهو يعرف مراكز القوة أين تتركز، وكل حركاته محسوبة، حتى إنه لم يقبل التكليف من الرئيس، إلا بعد الجلوس مع الرئيس، وطرح بعض الأمور معه، وهو يحاول أن يبدي نوعًا من الوفاء للرئيسquot;.

وتابع: quot;هو أكثر من يعرف نفسية الرئيس ويراعيها، وفي الجانب الآخر هو جنوبي، ومن الصعب على الرئيس أن يقرر عزله أو استبداله خصوصًا في هذه المرحلةquot;.

ويعتقد العلائي بإمكانية وقوف عبدربه على أرضية مشتركة مع عائلة الرئيس، إضافة إلى الطرف الآخر من علي محسن والمعارضة، مشيرًا إلى أنه وبروتوكوليًا يستطيع اتخاذ قرارات، لكنه لا يريد أن يقوم بخطوات تتصادم مع رغبات أو مصالح مصادر القوة الموجودة الآن،تحديدًا عائلة الرئيس وأركان حكمه المقربين.

حول المرحلة الراهنة، يقول العلائي إن اليمن حاليًا بحاجة إلى أن يقوم نائب الرئيس في إدخال البلاد في مرحلة انتقالية، ويتم الجلوس مع الشركاء السياسيين، معتبرًا أن عبدربه قد يستطيع فعل ذلك، لكن الأمر مرتبط بعدد من التطورات، خصوصًا إذا عاد الرئيس، أو عكس ذلك، وتوصل الرئيس إلى قناعة أو حدوث متغيرات على أرض الواقع، في النهاية سيكون عبدربه الشريك الأمثل للمشترك.

وقال إن المعارضة تحمل انطباعًا جيدًا عن عبدربه، خصوصًا جراء جلسات الحوار مع الحزب الحاكم، وكانوا يصلون إلى اتفاقات، لكن الرئيس هو الذي أجهضها.

أخيرًا، ستبقى أي مستجدات أو انتهاكات فيمقبل الأيام معلّقة برقبة عبدربه، وليس برقبة الرئيس صالح، كما تقول الحقوقية أمل الباشا رئيس منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، في حين ما زالت صورته لطيفة حتى اللحظة أمام الجميع.