اسطنبول: بدأ صبر تركيا، حليفة دمشق في المنطقة، ينفد حيال القمع الذي يمارسه النظام السوري والذي يمكن ان يجعلها تتخلى عن دعم الرئيس بشار الاسد رغم وعوده الاصلاحية كما يرى عدد من المحللين.

وحتى اليوم جهد وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو في الدفاع عن السياسة التي تتبعها تركيا منذ عقد حيال جارها السوري: اقامة علاقات طيبة لكن مع تشجيع النظام على اجراء الاصلاحات التي يطالب بها شعبه.

وقال داود اوغلو بحسب ما نقلت عنه وكالة انباء الاناضول ان الخطاب الاخير للرئيس السوري بشار الاسد quot;تضمن عناصر ايجابية في ما يتعلق بالاصلاحات. لكن من الاهمية بمكان القيام بخطوات عملية ملموسة. اتصالاتنا مستمرة في هذا الاطارquot;.

الا ان مشاعر القلق تتزايد في تركيا التي نزح اليها نحو 12 الف لاجىء سوري في الوقت الذي يواصل فيه نظام بشار الاسد نشر قواته البرية ودباباته لقمع حركة الاحتجاج.

وتخشى انقرة من تاثير الاضطرابات في سوريا عليها مع وجود متمردين اكراد على جانبي الحدود. اذ ان حركة نزوح كثيفة للسوريين يمكن ان تشجع على تسلل عدد من المتمردين الاكراد الى الاراضي التركية لتعزيز حركة التمرد المسلح التي يشنها حزب العمال الكردستاني في جنوب شرق الاناضول.

ويقول عثمان بهادر دينتشر الباحث في مركز الابحاث الاستراتيجية (اوساك) quot;وصلنا تقريبا الى النقطة التي ستقول فيها الحكومة التركية للحكومة السورية: الوقت مضى، لقد اعطيناكم الوقت الكافي ولم تفعلوا شيئا. والان اذا ما قررت اطراف فاعلة دولية شيئا فاننا سنكون معهاquot;.

واعتبر بهادر دينتشر ان حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان المحافظة المنبثقة عن التيار الاسلامي شجعت منذ توليها الحكم العام 2002، تاريخ تحسن العلاقات السورية التركية، دمشق على اجراء اصلاحات لكن بلا جدوى.

واوضح المحلل ان quot;تركيا سعت الى استباق مخاطر الانفجار في المنطقة وارادت تجنبه لكن النظام السوري لم يفهم ذلكquot; مضيفا quot;الان اصبح من المؤكد ان الاصلاحات لن تحل المشكلة. وحتى اذا وضعت موضع التنفيذ فان ذلك لن يغير شيئاquot;.

ومن هنا على ما يبدو ياتي التشدد الواضح في لهجة انقرة في 10 حزيران/يونيو الحالي حين اتهم اردوغان النظام السوري بارتكاب quot;فظاعاتquot; ووصف سياسة القمع التي يتبعها بانها quot;غير مقبولة على الاطلاقquot; بينما دعا الرئيس التركي عبد الله غول صراحة الاثنين بشار الاسد الى الالتزام بصورة quot;اكثر وضوحا وصراحةquot; باجراء تغيير ديموقراطي.

وقال جنكيز اكتار استاذ العلاقات الدولية في جامعة بهتشيسهير في اسطنبول ان quot;سقوط النظام السوري اصبح لا مفر منه. واعتقد ان الحكومة التركية فهمت ذلكquot;. واضاف quot;يجب التفكير في شيء اخر غير السعي الى انقاذ هذا النظام. يجب ان تكون هناك ادارة للازمة على الصعيد الاقليميquot;.

من جانبه راى جنكيز كندار المحلل السياسي في صحيفة ملييت في تغير لهجة انقرة انقشاعا لوهم صورة رجل الانفتاح التي حاول الرئيس بشار الاسد الظهور بها في الوقت الذي يقبض فيه باقي افراد اسرته على سوريا بيد من حديد.

وكتب كندار quot;انه الوجه المحبب للديكتاتورية. وبهذه الطريقة تمكن من خداع تركيا وكسب صداقة القادة الاتراك. لكن فتى الاسرة الطيب هذا لا يمكنه ان يصبح زعيما قويا وعلى الاكثر يمكن ان يدير شبكة اتصالات الطغاةquot;.

واعتبر كندار ان تركيا لم تعد مخدوعة وقال quot;لم تعد تركيا تتعامل مع الامر الواقع في المنطقة فهي تراهن على التغييرquot;.