يمر الدفاع الاوروبي المشترك بفترة من الريبة لدرجة ان بولندا، الرئيسة الدورية للاتحاد، اضطرت الى خفض طموحاتها كثيرا في هذا المجال.


بروكسل: قبل ان تتولى بلادهم رئاسة الاتحاد الاوروبي لستة اشهر اعتبارا من الاول من تموز/يوليو، كان البولنديون يعربون صراحة عن نيتهم النهوض بسياسة الدفاع المشترك الاوروبية والتي كانت من اهم محاورهم.

وكانوا يريدون استغلال الامكانيات التي توفرها معاهدة لشبونة مثل تشكيل نواة دول متقدمة في التعاون العسكري مع امكانية التغيير.

لكن امام قلة حماسة الدول، وفي مقدمتها فرنسا، التي كانت وارسو تعول على دعمها، تراجعت بولندا واضطرت الى الموافقة على برنامج اكثر تواضعا، كما افاد دبلوماسي.

وسيقتصر الاجتماع المقرر لوزراء خارجية الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي في 18 تموز/يوليو، على دراسة تقرير حول ذلك الموضوع اعدته الممثلة العليا للشؤون الخارجية والامن في الاتحاد كاثرين آشتون.

واكد الدبلوماسي ان الاجتماع سيتناول الوسائل العسكرية والمدنية-العسكرية التي يمكن للاوروبيين تقاسمها والاشتراك فيها.

غير ان وارسو لم تستطع اخفاء استيائها مما تعتبره تراجع باريس عن مواقفها، كما قال مسؤول حكومي اوروبي طالبا عدم ذكر هويته.

ومما زاد الطين بلة الانقسامات الاوروبية حول الازمة الليبية، كما اقر المسؤول، موضحا ان هذا الانقسام الحاصل من جهة بين فرنسا وبريطانيا، اللتين تقدمتا صفوف الداعين الى التدخل العسكري في ليبيا، ومن جهة اخرى المانيا وبولندا، ابرز دول الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي التي رفضت ان تحذو حذوهما.

والنتيجة هي ان الاتحاد الاوروبي الذي اضحى ضحية جانبية، اقصي تماما من مسرح العمليات في ليبيا.

وبالطبع لا تتحمل فرنسا المسؤولية وحدها، كما قال مسؤول الماني كبير مؤخرا طالبا عدم ذكر هويته، متسائلا quot;على اي نهوض بالسياسة الاوروبية للدفاع المشترك تتحدثون؟ ان هذه السياسة المشتركة غير موجودة اليوم ولا يبدو ان ذلك سيتغيرquot; على المدى القصير.

وهناك عنصر آخر ساهم في تغيير الاجواء، كما قال مسؤول بولندي طالبا عدم كشف هويته، وهو ان فرنسا وبريطانيا بتوقيعهما على معاهدتي تعاون عسكري في تشرين الثاني/نوفمبر 2010 quot;فضلتا المضي قدما بشكل احادي الجانبquot;.

واعتبر ان quot;الاشارة واضحة بالنسبة لنا: اذا لم تكن اكبر دولتين عسكريتين في الاتحاد الاوروبي الى جانبك فمن الصعب انشاء دفاع اوروبي مشتركquot;.

واثار تقارب فرنسا، التي كانت حتى حينها في طليعة السياسة الاوروبية للامن والدفاع، وبريطانيا، اكبر خصومها في هذا المجال، الكثير من الاستغراب في الاوساط الاوروبية.

وفي بروكسل قال مسؤول عسكري اوروبي انه يخشى quot;الى اقصى حد ان تكون العزيمة قد تراجعت في باريسquot;.

ويبدو ان نظريات الذين، في القيادة العسكرية الفرنسية، يفضلون التعاون مع الولايات المتحدة بدلا من دفاع اوروبي خيالي، هي الرائجة حاليا.

واوضح المسؤول الكبير ان عودة فرنسا الى الهيئة العسكرية في الحلف الاطلسي سنة 2009 اتت بثمارها وتلتها العملية في ليبيا التي تثبت ان الاوروبيين وخصوصا الثنائي الفرنسي-البريطاني، يمكن ان يلعبوا دورا بارزا في عملية تحت قيادة الحلف الاطلسي.

ومما زاد في تعزيز الشكوك في وجود دفاع اوروبي مشترك، على الاقل على المدى القصير، خفض موازنة الدفاع في الدول الاوربية، الامر الذي انتقده بشدة وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس.

وقال مسؤول عسكري في الحلف الاطلسي لوكالة فرانس برس انه في هذا السياق quot;يمكن ان نتساءل اذا كنا سنعود الى الترويج لركيزة دفاع اوروبية داخل الحلف الاطلسيquot;، وقد كانت تلك هي النظرية الرائجة في الثمانينيات والتسعينيات.