عبّر سياسيون وحقوقيون جزائريّون عن ارتياحهم لتصريح وزير الداخلية، الذي أنهى من خلاله جدلاً يتعلّق بعدم إلزام المرأة بنزع خمارها أو الرجل بحلق لحيته من أجل استخراج جوازات السّفر ووثائق الهوية. ويرى نشطاء تحدّثوا لـ quot;إيلافquot; من الجزائر أنّ تصريحات الوزير quot;احترمت الحريات الفردية للمواطن الجزائريّ وهوية الشعبquot;.


وزير الداخلية الجزائريّ دحو ولد قابلية

الجزائر: عبّرت أوساط سياسية وقانونية جزائريّة عن ارتياحها الكبير لتصريح وزير الداخلية دحو ولد قابلية، خلال إحدى جلسات البرلمان والمتعلق بعدم إلزام المرأة بنزع خمارها أو الرجل بحلق لحيته من أجل استخراج جواز السفر البيومتري.

وكان هذا الموضوع محل نقاش وجدال واسع بين سياسيين ورجال قانون وعلماء دين منذ أكثر من سنة، ففي الوقت الذي اعتبره البعض quot; إجراء ضروريًا والتزامًا بقوانين المنظمة العالمية للطيران المدنيquot;، وصفه البعض الآخر بأنه quot; تعدٍّ واضح على الحريات الفردية، ولا يراعي خصوصيات المجتمع الجزائريquot;.

وكان وزير الداخلية صرح أنه quot;بالإمكان للنساء الاحتفاظ بالخمار على الصور التي تقدم لاستخراج وثائق الهوية وبشكل خاص جوازات السفرquot;، وذلك ردًا على سؤال لنائب عن حركة مجتمع السلم حول quot;إلزام بعض الدوائر (هيئات إدارية محلية) النساء بإزالة الحجاب لالتقاط الصور التي ترافق وثائق الهويةquot;.

هذا الموضوع أثار جدلاً واسعًا وانتقادات حادة في وقت سابق من طرف الأحزاب الإسلامية وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين وحتى عبر شبكة الانترنت،حيث تم تأسيس تجمعات وإعلان حملات للوقوف دون تطبيق هذا القرار.

ورغم عدم وجود قانون ملزم فان العديد من الولاة (المحافظين) ورؤساء الدوائر في مختلف مناطق الجزائر ألزمت المواطنين بهذا القرار بناء على تصريحات من وزارةالداخلية فقط، الأمر الذي تسبب في حدوث احتجاجات في مناطق عدة في الجزائر، وقد عبّر سياسيون ورجال قانون عن ارتياحهم لتصريح وزير الداخلية الذي أنهى هذا الجدل الدائر منذ أكثر من عام.

وفي حديثه لـ(إيلاف)، اعتبر البرلماني والناطق باسم حركة مجتمع السلم محمد جمعة أن إقدام نائب عن الحركة في ولاية المسيلة على تقديم سؤال شفوي لوزير الداخلية دحو ولد قابلية حول quot;إقدام بعض الولاة ورؤساء الدوائر على إلزام المواطنين بحلق لحاهم أو إجبار نسائهم على نزع خمارهن من دون وجود نص قانوني يلزم بذلكquot;.

وأضاف جمعة في هذا الصدد أن quot;الكثير من رؤساء الدوائر يجبرون المواطنين على تقديم صور مندون لحية أو إجبار نسائهم على نزع الخمار من أجل استخراج جواز السفر البيومتري، وهو الأمر الذي أدى إلى حدوث احتجاجات كبيرة في مناطق عدةمن الوطنquot;.

وعبّر عن quot;ارتياحه الكبير لتصريح وزير الداخلية ليضع حدًا للجدال الدائرquot;، ووصف القرار السابق بأنه quot;تعدّ على الحريات الفردية، ولا يحترم خصوصيات المجتمع الجزائريquot;.

الناطق باسم حركة مجتمع السلم محمد جمعة

من جانبه عبّر القيادي البارز في حزب جبهة التحرير الوطني لعياشي دعدوعة عن ارتياحه لتصريح ولد قابلية. واعتبر أن حديث وزير الداخلية يأتي في إطار quot;احترام خصوصيات المجتمع الجزائري لأنه من غير المعقول و من غير المقبولأن يتم إلزام النساء بنزع الخمار والرجال بحلق لحاه،م لأن هذا يتنافى مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسانquot;، على حدّ تعبيره.

كما استغرب من quot;إجبار بعض المسؤولين على تطبيق إجراءات من دون وجود نص قانوني ملزم بذلكquot;.

أما المحامية فاطمة الزهراء بن براهم، فقد وصفت في حديثها لـ(إيلاف) إجبار المرأة المسلمة على نزع خمارها بـ quot;الأمر الخطر جدًاquot;.

وأضافت في هذا الشأن quot;كنا سنتفهم هذا القرار لو صدر في بلد أجنبي علماني، لأننا سنكون في هذه الحالة مجبرين على احترام قوانين وخصوصيات هذا البلد. أما أن يصدر في بلد مسلم والإسلام يفرض على المرأة الحجاب، ورغم كوني لا اتفق مع النظرة التي يؤمن بها البعض في ما يتعلق بالحجاب، لأن نظرتي للحجاب هي نظرة علمية، وهو التزام وسلوك، قبل أن يكون مجرد قطعة قماش، إلا أنني لا أقبل بأي حال إجبار المرأة على نزع خمارها، والقيام بذلك هو أمر خطر جدًاquot;.

وتستدرك قائلة: لكن الحمد لله الحكومة تراجعت عن قرارها، وأنا اعتبر أن وزير الداخلية يثبت أنّ موقفه شرف له ولكل الجزائريينquot;.

وتضيف بن براهم: quot;كيف يمكن تقبل مثل هذا القرار المفروض من الغرب، في حين نجد أن المرأة المسيحية التي تشتغل في الكنسية تقوم باستخراج جواز سفرها وهي مغطاة الرأس، وكيف يمكن تفهم ذلك والمرأة اليهودية المتدينة تقوم باستخراج الوثيقة نفسهاوهي تضع منديلاً على رأسها، لماذا ينظر إلى هؤلاء نظرة طبيعية، ويعاملون بشكل طبيعي ولا يتهمون بالتطرف، في حين يتم التضييق على المرأة المسلمة التي تضع على رأسها الخمار،ويتم منعها من ذلك بحجة تطبيق قوانين غربية، لماذا نحن ضعفاء إلى هذه الدرجة، لماذا لا نستطيع مواجهة الغرب بأفكارنا؟ هل هذا نقص إيمان أم عقيدة ؟quot;، تتساءل بن براهم،التي تختم حديثها بالقول quot;عيب وعار أن يتم استعباد الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا، أنا لست محجبة ولا أضع خمارًا، لكنني لو قررت ذلك مستقبلاً، من المستحيل أن اسمح لأي كان أن يفرض علي نزعهquot;.

المحامية فاطمة الزهراء بن براهم

إلى ذلك، عبّر نواب حركة النهضة في المجلس الشعبي الوطني في تصريح مكتوب عن quot;ترحيبهم بقراروزير الداخلية والجماعات المحلية القاضي بوقف تعسف مصالح الدوائر التي تجبر النساء الجزائريات على نزع الخمار في صور الوثائق الهوية الوطنية، المتمثلة في جواز السفر وبطاقة التعريف الوطنيةquot;، واعتبر نواب النهضة هذا الأمر quot;مطلبًا شعبيًا للجزائريين، لما يسبب حرجًا كبيرا للقيم الإسلامية ومعتقدات الأمة ومساسًا بالحريات الشخصية للمواطن المنصوص عليها في الدستورquot;.

وحسب النائب حديبي، فإن quot;قرار وقف تعسف رؤساء الدوائر في نزع الخمار وحلق اللحى للرجال يندرج في إطار تكريس الحريات الفردية والشخصية وإعادة الاعتبار إلى كرامة المواطن الجزائري التي مسّت بفعل سلوكات ارتجالية لم تقدر المصلحة العامة للوطن وانعكاساتها في علاقة المواطن بمؤسساته والأضرار الناجمة من إصدار قرارات وقوانين لا تراعي هوية الأمة وقيمها، وهو مطلب الكتلة السياسية لنواب حركة النهضة منذ أن تم إصدار البطاقات البيومترية في مراسلاتها المتعددة كان آخرها يوم الخميس 09 حزيران/ يونيو 2011 لوزير الداخلية والجماعات المحلية حول تعسف إدارات في عدم منح بطاقات الهوية للموطنين بسبب اللحية والخمارquot;.