بسبب سحب مفاجئ للخدمة منذ أوائل تموز/يوليو الجاري بسبب تبعات قانون جديد، بات الجزائريون محرومين من أي تأمين أثناء سفرياتهم، وهو وضع شاذ تتطرق إليه quot;إيلافquot; مع متعاملي سوق التأمينات في الجزائر.


الجزائر: نصّ القانون 04-06 التكميلي للأمر رقم 95-07، على قيام كل شركات التأمين بفصل نشاط التأمين على الأشخاص عن نشاط التأمين على الخسائر، وهو معطى دفع العديد من المؤمّنين إلى رمي المنشفة، عدا فريقا من متعاملي التأمينات التابعين للقطاع العام، الذين أنشأوا فروعا متخصصة ليست متداولة بكثرة في الجزائر.وتفيد مراجع على صلة بالملف، بأنّه عدا ثلاث شركات مملوكة للحكومة تأقلمت مع المتطلبات المستحدثة للقانون الساري المفعول، فإنّ البقية في حالة توقف تام، بعدما رفضت السلطات التجاوب مع مطالبات اتحاد شركات التأمين وإعادة التأمين بتمديد الآجال المذكورة آنفا. بهذا الشأن، يُبرز quot;عمارة العتروسquot; رئيس اتحاد شركات التأمين وإعادة التأمين، عجز متعاملي التأمينات عن الاستجابة إلى مقتضيات التشريع المعدّل والقاضي بإنشاء شعب متخصصة بالتأمين على الأشخاص في أجل انتهى بتاريخ 30 حزيران/ يونيو 2011، ما يتسبب بخسائر تزيد عن الستة مليارات دينار.


وخلافا لتأكيد الحكومة على أنّ القانون الجديد حول التأمينات سمح بفتح آفاق جديدة لتطوير وتوسيع القطاع، خلّف هذا التطور طوارئ في صفوف الجزائريين الذين هم بصدد السفر إلى خارج البلاد، أو يهتمون بالحصول على تأشيرات دخول، حيث صارت المهمة جد صعبة، في ظلّ اشتراط وكالات السفر إحضار الوثيقة الخاصة بالتأمين على المخاطر والحوادث الصحية، وهو ما يشكّل هاجسا للكثيرين. ويلفت quot;أنيس نواريquot; إلى أنّ مجموعات التأمين الناشطة محليا في حقل التأمين، بصنفيها العام والخاص تخلت عن خدمة التأمين على السفر منذ مطلع هذا الشهر وذلك إلى إشعار غير معلوم، وذلك بناءً على تشدّد وزارة المال الجزائرية حيال المسألة إياها وحتمية تنفيذها.ويقول quot;حسن خليفاتيquot; الرئيس المدير العام للمجموعة الخاصة quot;أليانس للتأميناتquot; إنّ شركته على منوال عديد متعاملي القطاع، وجدت نفسها مرغمة على عدم ضمان الخدمة، مقحما خلفية قانونية تربك شركات التأمين للعام الثالث على التوالي، وتتعلق بإلزام الحكومة للمتعاملين برفع المستويات الدنيا لرسامليهم إلى حدود المليار دينار جزائري بعدما كانت لا تزيد عن المئتي مليون دينار، وهو ما ضيّق الخناق على شركات التأمين.


ولدى تدخله في منتدى quot;ألجيريا إنفستquot;، أقرّ خليفاتي بأنّ القوانين المعمول بها حاليا تعرقل تطوير سوق التأمينات في الجزائر، مستهجنا إلزام الدولة لمستثمري القطاع بإيداع مليار دينار على مستوى الخزينة العمومية كل عام، في وقت كان يُفترض أن يتم تحفيز متعاملي التأمينات على تخصيص القيمة المذكورة لتوفير مناصب الشغل وتحقيق قيمة مضافة نوعية.من جهته، يذهب quot;شريف بن ناصرquot; إلى أنّ إسقاط خدمة التأمين على السفر سيلقي بظلاله على سوق التأمينات في الجزائر ككل، ويعزز من استنجاد مواطنيها بشركات التأمينات لما وراء البحار، وهو ما سيضرّ بتوازنات السوق المحلية، علما أنّ الجزائر شهدت خلال السنوات الأخيرة نموا مطردا في التأمين على الأشخاص وكذا ما يُعرف بالتأمين الزراعي بمعدل بلغ 22 و15 بالمائة على التوالي. ويطرح مراقبون تساؤلات بالجملة، عشية قدوم مجموعات أوروبية وعالمية كبيرة ستخوض في سوق التأمينات في الجزائر، على غرار العملاق الفرنسي quot;أكساquot;، خصوصا في ظلّ حالة الإرباك المسيطرة على القطاع الخاص، والخشية من كيل السلطات الجزائرية للأمور بمكيالين، طالما أنّ الجميع يدرك الليونة التي تعاطتها السلطات مع متعاملين فرنسيين.


ويقدر المجلس الوطني للتأمينات رقم أعمال القطاع بـ79 مليار دينار أي ما يمثل ارتفاعا بـ6 بالمئة مقارنة بالسنة المنقضية، علما أنّ سوق التأمينات في الجزائر تتكون من 16 شركة، أربع منها عمومية تمثل أكثر من 70 بالمئة، إضافة إلى سبع شركات تأمين خاصة أو ذات رأسمال مشترك.بيد أنّ خبراء يجزمون بمراوحة قطاع التأمينات في الجزائر لمكانه، حيث لا يتعدّى إجمالي رساميله 1.05 مليار دولار، وهو مصنف في المركز 70 عالميا، بنسبة التأمين على السكان لا تتجاوز 0.6 بالمائة وبمعدل 23 دولارا لكل ساكن، في وقت بلغ رقم سوق التأمينات في تونس 1.2 مليار دولار (10 ملايين نسمة) ، فيما يقدّر بـ3.6 مليارات دولار في المغرب (35 مليون نسمة).