خلافًا للصورة النمطية التي ظلت عالقة لسنوات طويلة في الجزائر، برع العنصر النسائيّ في سوق العمل خلال الفترة القليلة الماضية، واستنادًا إلى بيانات وإفادات توافرت لـquot;إيلافquot;، فلقد حضرت المرأة الجزائرية على نحو خاص في مجال الأنشطة المصغّرة وضمن ما يُعرف بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة،حيث باتت بنات حواء يشكّلن أكثر من نصف النسيج المؤسساتي المحلي.


الجزائر: تشير إحصائيات رسمية حديثة إلى أنّ النساء الجزائرية من مراحل عمرية مختلفة، استحدثن ما لا يقل عن 117.441 نشاط مصغر، ما أسهم في توفير 176.154 منصب شغل إلى غاية الشهر الأخير، وتشكّل هذه الأنشطة نسبة 60 في المئة من الاستثمارات الجارية في ميادين عديدة، وتخص قطاعات الصناعة التقليدية، الزراعة، الخدمات، البناء والأشغال العمومية.

ويقول quot;مراد أوبادquot; المتحدث باسم الوكالة الجزائرية لتسيير القروض المصغرة، إنّ الآلاف من مواطناته استطعنّ بفضل عزيمتهن واصرارهن وجديتهن أن يجتزن بنجاح المراحل العديدة التي تقتضيها عملية انشاء المؤسسات، وتجسيد مشاريعهنّ ضمن إحدى آليات التشغيل، ما مكّن quot;تسعديتquot;، quot;يمينةquot;، quot;نهادquot;، وغيرهنّ من التموقع كمستثمرات ماهرات، وهو ما تؤكده فلّة التي تدير ورشة كبرى للخياطة:quot;تسلحنا بالإرادة والتفاني سمح للكثير من العاطلات والماكثات في البيوت من افتكاك مكانة في عالم الشغل وتحقيق الاكتفاء الذاتيquot;.

من جهتها، تشكّل كل من سامية (44 عامًا) وخديجة (57 عامًا) نموذجًا لمؤسسة صغيرة تبنت صنع العجائن الغذائية التقليدية، وسرعان ما أدرك المشروع نجاحاته وهو لم يكد يجاوز عامه الثاني، وتختص سامية وخديجة بتحضير صنوف من الكسكسي والرشتة، إضافة إلى حلويات تقليدية أخرى تحظى برواج كبير في الأسواق المحلية، وهو ما دفع منظمة الزراعة العالمية (الفاو) لمنح السيدتين ميدالية فضية قبل أشهر.

وعلى الرّغم ممّا تقدّم، إلاّ أنّ الواقع الذي تحياه المرأة في سوق الاستثمار المحلي ليس بالجيد، طالما أنّ نسبة النساء المستثمرات في الجزائر لا تتجاوز 12.77 في المئة من مجموع المستثمرين في البلاد، وهي نسبة ما تزال ضئيلة مقارنة بعددهن في الجزائر وحجم ما يمتلكنه من مؤهلات علمية وقدرات تسييرية ومهارات يدوية تمكنهنّ من حجز مكانة أكثر قيمة.

وتشير بيانات رسمية أيضًا إلى أنّ عدد النساء اللواتي يملكن سجلات تجارية في الجزائر بلغ 114.947 في أواخر كانون الثاني/يناير الماضي، مقابل 113.543 قبل عام وهو ما يمثل 8.1 في المئة من إجمالي التجار، ومن أصل التاجرات المسجلات، 110.494 هن أشخاص ماديين (96.1 في المئة ) و4.453 أشخاص معنويين (3.9 في المئة).

وحول هذا المعطى، تشير quot;حميدة ناشquot; صاحبة مؤسسة محلية للنسيج، إلى أنّ الاستثمار النسوي في بلادها، لا يزال مُحتشما، على الرّغم من تواجد 40 امرأة من رئيسات المؤسسات، والتحفيزات الكثيرة والفضاءات المُستحدثة التي تتيحها مختلف الأجهزة العمومية الداعمة للاستثمار، إلاّ أنّ تهميش النساء في الوسط الريفي لا يزال محسوسًا، على الرغم من توسيع رقعة النساء المستفيدات من القروض لتطال اللواتي يتراوح سنهنّ ما بين 30 إلى 50 عامًا، بدلاً من سقف الـ35 سنة كحد أقصى كان ساريا في السابق.

وتلاحظ quot;عائشة فكيسquot; أنّ قطاع الصناعة التقليدية يمكن أن يغدو مجالا أكثر خصوبة بحكم المواهب العديدة لدى الجزائريات في مجال الخياطة، الطرز وصناعة الحلوى التقليدية، وتقول فكيس الناشطة ضمن جمعية quot;بهاءquot; للحرف والفنون بأنّ سلطات بلادها مدعوة لترقية الصناعة التقليدية وتشجيع الحرف الموروثة أبا عن جد، كصنع الستائر الفاخرة ولوازم الحمام والأثاث التقليدي، فضلا عن القطع الخزفية والزجاجية والمجوهرات المتلألئة بالأحجار الكريمة.

كما تؤيد quot;وردية سوكريquot; ما ذهبت إليه عائشة فكيس بقولها إنّ الصناعات التقليدية المتكيّفة مع الحياة العصرية تساهم في توفير مناصب الشغل، ويخلق ديناميكية اقتصادية وسياحية مثل ما هو ذائع الصيت في الجنوب كصناعة الفخار وحياكة وترصيع الزرابي وما إلى ذلك.

وأظهر تحقيق حديث أنّ إجمالي النساء غير النشيطات في الجزائر، واللواتي يتراوح سنهن ما بين 15 إلى 59 عامًا، يقدّر بـ6.5 ملايين إمرأة (المجتمع المحلي قوامه 36 مليون نسمة)، وبين الفئة المذكورة، 51.1 في المئة منهنّ يتواجدنّ في الوسط الحضري، و48.9 % في الوسط الريفي، وتمثلالنساء المتزوّجات 60.6% من هذا الوعاء، بينما 36.3 % منهن عازبات و3.1 % مطلقات وأرامل، علمًا أنّ 37.1% من هؤلاء النساء غير متعلمات، بينما 26 في المئة لديهن مستوى إبتدائي و14.3 % مستوى إكمالي أو أكثر.