تمر جماعة العدل والإحسان في فترة إستثنائية، خاصة مع ظهور quot;حركة 20 فبرايرquot; في المغرب، التي كانت وراء تسجيل حراك اجتماعي، وسياسي، وثقافي، غير مسبوق.


رغم أن البعض يؤكد أن جماعة العدل والإحسان تواجه أزمة داخلية بسبب خلافات حول مجموعة من النقاط، خاصة تلك المتعلقة بدورها على الساحة حاليا، إلا أن سعيد لكحل، المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، يؤكد أن quot;الجماعة لا تعيش أزمة داخلية، سواء تنظيمية أو إيديولوجية، فهي تحافظ على تماسكهاquot;، مشيرا إلى أن quot;ما تعيشه الجماعة اليوم، خاصة مع تأسيس حركة 20 فبراير، هو لحظة مفصلية في تاريخ المغرب، حيث قدمت حركة 20 فبراير حشودا من المتظاهرين والمطالبين بإسقاط الفساد والاستبداد على طبق من ذهب، أي وضعت الجماعة في لحظة لم تكن على استعداد تام لها، وهي لحظة الزحف بما يعنيه بداية انتفاضة شعبية كمقدمة لانتفاضة عامة وعصيان مدنيquot;.

وأوضح سعيد لكحل، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;هذه المرحلة، مرحلة الزحف، تشكل ثالث مرحلة من المراحل التي حددها مرشد الجماعة للوصول إلى الحكم بعد مرحلتي التربية والتنظيمquot;، مضيفا بأن quot;الجماعة باتت مدركة أن تغيير النظام لا تستطيعه ان تحققه قوة أو جهة واحدة، لهذا وجب التعاون بين قوى التغييرquot;.

وذكر المحلل المغربي أن من أبرز الخطط التي اتبعتها الجماعة quot;الدعوة إلى ميثاق إسلامي يضم كل القوى السياسية التي تنشد تغيير النظام، وعلى رأسها المعارضة الديمقراطية التي كانت تضم الأحزاب الاشتراكية والوطنية التي شكلت، خلال تسعينيات القرن الماضي، الكتلة الديمقراطية. إلا أن دعوة الجماعة لم تلق استجابة لسببين رئيسيين، الأول يتمثل في كون أن الجماعة تحدد مسبقا أرضية الميثاق وشروطه، فجعلته (ميثاقا إسلاميا) بما يعنيه من إقصاء متعمد لباقي المرجعيات (ديمقراطية، علمانية، اشتراكية الخ). وهذا واضح من قول الشيخ ياسن quot;مشروعنا أيها الأعزاء أن تدخلوا الميدانَ على شرطنا.quot; (العدل، ص628). وقوله كذلك (ندعوكم أن تدخلوا معنا الميدان على شرطنا وهو شرط الإسلام. هذه هي الوسيلة الوحيدة للتفاهم، حتى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدين كلـه لله. حتى لا يزورَ هاجسُ العنفِ رُبوعَنا)quot;.

أما السبب الثاني، يوضح سعيد لكحل، فيتجلى في كون أن quot;الجماعة حددت مسبقا سقف هذا الميثاق، وهو إسقاط النظام الملكي، وإقامة نظام بديل. ولم تأخذ الجماعة في الاعتبار أن الأحزاب الديمقراطية والوطنية مقتنعة بأهمية النظام الملكي وتجدره في الوجدان الشعبي، فضلا عن دوره التاريخي في توحيد الشعب المغربي وضمان استقرارهquot;.

وتتمثل الخطط الأخرى في quot;الدعوة إلى ميثاق وطني، إذ بعد اليقين بعدم الاستجابة لدعوة الجماعة إلى الميثاق الإسلامي، تمت الدعوة إلى ميثاق جامع، أو ميثاق وطني لا يتقيد بمرجعية، بل يعترف للأطراف الأخرى بمرجعياتها الإيديولوجية والفكرية. وهذا تكتيك من الجماعة لتجاوز حالة الجمود التي وجدت نفسها محجوزة داخلها جراء اشتراط الأرضية الإسلامية لكل تحالف لمواجهة الواقع العنيد. ويقول عبد العالي مجدوب مقرا بهذا التراجع التكتيكي (أما اليوم، فالضرورة السياسية قد فرضت على الجماعة أن تتجاوز هذا الاجتهاد، وتدعوَ إلى (ميثاق جامع) أو (ميثاق وطني)، لا يشترط على المتواثقين الخضوعَ لوحدة المرجعية الإسلامية، وإنما يعتبر مرجعيةَ الإسلاميين واحدةً من بين مرجعيات أخرى، منها، مثلا، مرجعيةُ العلمانيين، ومرجعيةُ الماركسيين اللينينيين، ومرجعيةُ اللادينيين)quot;.

فلم تعد المرجعية غير الإسلامية، يشرح المختص في شؤون الجماعات الإسلامية، quot;عائقا كما كان يطرحه مرشد الجماعة، بل الظروف السياسية التي أنتجها (الربيع العربي) حركت أطماع الجماعة في استغلالها عبر دعوة الأطراف الأخرى إلى (ميثاق وطني)quot;.

كذلك، إستشهد سعيد لكحل بما قاله الأستاذ فتح الله أرسلان، الناطقُ الرسمي باسم الجماعة، في حوار سابق مع موقع quot;إيلافquot;، والذي أكد فيه أنه quot;ما يجمعنا أكثرُ مما يفرقنا، وما نختلف فيه يمكنُ تخفيف حدته إن توفرت بيئة صحية للحوار الذي يُنتج ضوابط الاختلاف لتحصين التعايش بين جميع أبناء الوطن الواحد، وضمان الاحترام لجميع المرجعيات، وتسييج كل ذلك بضمانة أساسية وهي التداول على السلطة بناء على الإرادة الشعبية لتجنب أسلوب الإكراه من أي طرف كان. ولهذا فإننا نلح دائما على ضرورة ائتلافنا على ميثاق وطني يكون أرضية ننطلق منها لإنقاذ بلدناquot;.

وأضاف المحلل المغربي quot;الجماعة لا تريد تضييع هذه الفرصة التاريخية وتعمل ما في وسعها لتحويلها إلى لحظة زحف على الحكم وإنهاء مرحلة الحكم (العاض)quot;.