تحتل تطورات الأوضاع على الساحة الليبية ومستقبل العلاقة مع الجزائر ومواجهة التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية العربية صدارة المناقشات التي سيجريها اليوم في جدة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي مع نظيره المغربي الطيب الفاسي، المقرر وصوله إلى مطار جدة ظهر اليوم، في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، تدوم بضع ساعات، يتوقع أن يستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

وتقول مصادر quot;إيلافquot; إن الوزير الفاسي سيطلع المسؤولين السعوديين على موقف بلاده تجاه مستقبل العلاقة بين الرباط والجزائر، مشيرة إلى أنه سيؤكد إستعداد بلاده لتطبيع كامل للعلاقات المغربية الجزائرية، التي يحول فتورها إلى جمود العمل المغاربي المشترك واستعداد quot;المغرب لقبول كل مقترح عملي يخدم هذا التوجهquot;.

وأشارت المصادر إلى تجاوب المغرب quot;بشكل إيجابي مع المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة (كريستوفر روس) لوضع منهجية لتطبيع العلاقات بين البلدين، باعتبار ذلك عنصرًا مهمًا ومساعدًا لبلوغ الحل النهائي والتوافقي لنزاع الصحراء. مؤكدة تزايد قوة مشروعية الموقف المغربي الدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي وأسسها القانونية الصلبة وانسجام مبادئها مع الممارسة الأممية.

وذكرت بسحب 30 دولة، جلها إفريقية، اعترافها بالجمهورية الصحراوية التي تشكلها جبهة البوليزاريو خلال السنوات العشر الأخيرة، تجاوبًا مع المجهود الدبلوماسي المغربي، سواء على المستوى الحكومي أو في نطاقكل فعاليات الدبلوماسية الموازية، وخاصة البرلمانية والنقابية.

كما يبحث رئيس الدبلوماسية المغربية مع الأمير سعود في تفاصيل الوضع على الساحة الليبية وتجديد الموقف المغربي الداعم للشعب الليبي ومشروعية مطالبه نحو الحرية والديمقراطية وتحقيق إصلاحات سياسية وتنمية اقتصادية واجتماعية.

ويواجه الزعيم الليبي معمّر القذافي انتفاضة هائلة ضد حكمه المستمر منذ أكثر من أربعة عقود، بعدما أطاحت الاحتجاجات في شمال أفريقيا بزعيمي تونس ومصر.

وأوضحت المصادر أن الفاسي سيجدد موقف بلاده المؤيد لموقف دول مجلس التعاون الخليجي تجاه التصدي لأية محاولة إيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المجلس الست أو أية دولة عربية أخرى أو المساس بأمنها واستقرارها من خلال بث روح التفرقة الطائفية بين الشعب الخليجي الواحد.

يشار إلى أن المغرب بادر إلى قطع علاقته مع إيران منذ مارس / آذار 2009 بعد كشف محاولات قامت بها الأخيرة للتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب.

وصرح الوزير الفاسي آنذاك بالقول: quot;قطعنا العلاقات مع إيران بعد محاولاتها للتدخل في شؤوننا، فالمغرب بلد موحد دينياً وشعبياً، وليس لدينا شيعةquot;. ورداً على سؤال عما إذا كانت إيران تشكل quot;عبئاًquot;على أمن المنطقة، أجاب الفهري quot;لاشك في ذلك، لا نؤيد الحوار مع أي جار، مهما كانت أهميته، إذا لم يكن مشروطاً ومسبوقاً بعدم التدخل في ‬الشؤون الداخليةquot;.

وأعربت الحكومة المغربية عن قلقها إزاء quot;تنامي النشاط الشيعيquot;في البلاد، منددة بـ quot;قلة احترامquot;إيران التي حمّلها وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري المسؤولية الكاملة عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

وندد الوزير المغربي بالنشاطات الدعوية لبعض الجمعيات المغربية الساعية إلى نشر المذهب الشيعي في المغرب بدعم من إيران.

وقال quot;إن المغرب لا يمكنه أن يقبل القيام بمثل هذه النشاطات على أراضيه، وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عبر ما يسمى بمنظمات غير حكوميةquot;.

وانتقد quot;المساس بأسسquot;المملكة الشريفية المغربية وبالـ quot;الرابطquot; المالكي، وهو المذهب الإسلامي السنّي المعتدل السائد في المغرب. وأضاف الوزير أن quot;المغرب ليس الوحيد الذي يشهدquot; هذا النشاط الشيعي quot;الذي اكتشف وجوده أيضًا في أفريقيا جنوب الصحراء وفي بلدان إسلامية أخرىquot; وحتى في أوروبا.

وكان خالد الناصري المتحدث باسم الحكومة قال في الآونة الأخيرة إن قسمًا من الجالية المغربية في بلجيكا كان تعرض quot;لممارساتquot;إيرانية من النوع عينه.

ونددت الخارجية المغربية بـ quot;نشاطات ثابتة للسلطات الإيرانية، وبخاصة من طرف البعثة الدبلوماسية بالرباط، تستهدف الإساءة للمقومات الدينية الجوهرية للمملكة، والمسّ بالهوية الراسخة للشعب المغربي ووحدة عقيدته ومذهبه السني المالكيquot;، مضيفة أن quot;هذه الأعمال تعد تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية للمملكة، وتعارض قواعد وأخلاقيات العمل الدبلوماسيquot;.

ولم تكن العلاقات بين المغرب وإيران صافية على الدوام في الماضي، فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية بينهما في 1979 اثر الإطاحة بالشاه وتولي آية الله الخميني السلطة.

يشار الى ان آخر زيارة لوزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي الطيب الفاسي إلى الرياض تعود إلى منتصف مايو/ أيار الماضي في أعقاب دعوة مجلس التعاون الخليجي الرباط إلى الانضمام إلى صفوفه إثر قمة تشاورية في العاصمة السعودية، حيث أشار قادة المجلس إلى quot;سمات مشتركة وعلاقات خاصة وأنظمة متشابهة أساسها العقيدة الإسلاميةquot;.

وقد رحّب المغرب باهتمام كبير بدعوة الانضمام، لكنه quot;كرر تمسكه الطبيعي ببناء اتحاد المغرب العربي، الذي هو خيار استراتيجي أساسي للأمّة المغاربيةquot;.

وجاء في بيان لوزارة الخارجية المغربية أن السلطات المغربية quot;مستعدة لإجراء مشاورات من أجل تحديد إطار تعاون أمثلquot; مع دول مجلس التعاون الخليجي.