انضم المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله السيد علي السيستاني، إلى الجدل الفقهي الدائر بين المراجع الدينية الإسلامية العليا بمختلف مذاهبها حول حرمة أو إجازة عرض مسلسل quot;الحسن والحسينquot; خلال شهر رمضان، مؤكداً معارضته للعرض، الذي قال إنه سيعمّق الخلافات بين المسلمين، ويثير فتنة وتناحرًا طائفيًا، مشددًا على أن المسلمين في أمسّ الحاجة في الوقت الحاضر إلى إرساء دعائم التآلف والتآخي ونبذ ما يفرّق في ما بينهم.
ممثلو مسلسل الحسن والحسين |
قال معتمد السيستاني، وممثل المرجعية الشيعية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم حول عرض مسلسل quot;الحسن والحسينquot; بما يتناوله من أحداث تاريخية يعبّر أصحابه عنها بأنها من quot;أحداث الفتنة الكبرىquot; وتظهر فيه صور بعض quot;المعصومينquot;، في إشارة إلى الإمامين الحسن والحسين بن علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين وبعض أصحاب النبي محمد .. قال إنه يعرض في فترة حساسة وموضع اختلاف وجدل ورؤى متعددة من قبل المسلمين، ولذلك فإن المرجعية تعارضه بشدة.
واوضح أن هذا الأعتراض يأتي نتيجة quot;تعرضه لفترة تاريخية حساسة وحرجة لدى المسلمين وما جرى فيها من أحداث هي موضع جدل واختلاف وتعدد رؤى حولها، ولذلك فإن عرضها سيؤدي إلى مزيد من الفرقة والتنافر والاختلاف بين المسلمينquot;.
وتساءل عما إذا كانت إن وجهة النظر التي ستعرض في هذه المسلسلات والتقويم لتلك الأحداث وجذورها ستكون وفق وجهة نظر تعبّر عن طوائف المسلمين ومذاهبهم ومشاربهم؟، فأجاب موضحًا أن مثل هذه الأحداث فيها وجهات نظر مختلفة بصورة كبيرة، وليس من سبيل إلى الوصول إلى وجهة نظر واحدة في شأنها، وبالتالي ستثير الأطراف الأخرى، وتعمل على المزيد من التفرقة والاختلاف بين المسلمين في وقت quot;نحن في أمسّ الحاجة في الوقت الحاضر إلى إرساء دعائم التآلف والتآخي، ونبذ ما يفرّق بين المسلمينquot;.
وأضاف أنه في ما يتعلق بأصل تمثيل شخصيات الأئمة المعصومين وأصحاب النبي، فإن هذا موضع خلاف بين فقهاء المسلمين، وهو محل إشكال كبير عند بعضهم، وليس من الصحيح أن يقوم البعض ممن لا ورع عنده ولا التزام ديني بتمثيل هذه الشخصيات، كما قال.
وشدد بالقول علىquot;أنذكر البعض أن هناك موافقة على هذا العمل التمثيلي من المرجعية الدينية العليا أمر لا صحة له إطلاقًا، وهو محض وهمquot;. واكد ان هناك تحفظات كثيرة على عرض مثل هذه المسلسلات، لانه ليس من المصلحة إطلاقًا عرضها، وانما هو خلاف المصلحة المطلوب تحقيقها للمسلمين حالياً، وهو العمل بجميع الأسباب والوسائل التي تؤدي إلى نبذ التفرقة والاختلاف والتناحر وإشاعة أجواء التآلف والتقارب بين المسلمين جميعًا.
واوضح أن عرض هذا المسلسل هو خلاف ما تقتضيه مصالح المسلمين العليا، فالظروف التي يمر بها المسلمون يحاول فيها أعداء الإسلام إثارة الاحتقان الطائفي، وذلك من خلال التركيز على عرض نقاط الاختلاف بين الطوائف الإسلامية التي لا سبيل إلى حلّها، وتوظيف هذه الاختلافات وعرضها بطريقة تثير حفيظة كل مذهب على أصحاب المذاهب الأخرى .. بعيداً عن الطرح العلمي والبرهاني الذي يراد منه الوصول إلى الحقيقة.
من جانبه دعا المرجع الشيعي آية الله الشيخ بشير النجفي إلى الوقوف بحزم بوجه المسلسلات التلفزيونية التي تجسد بعض الرموز والشخصيات الدينية. واشار إلى أن هناك بعض من المسلسلات المدبلجة والترفيهية وغيرهما فيه الكثير من المفاسد الخلقية والتي تهدد بناء المجتمع القويم وتزعزع الكيان الأسري.
وفي مصر، أعلن مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف أنه سيطالب الجهات المسؤولة بمنع عرض الأعمال الدينية التي يتم فيها تجسيد وعرض آل البيت أو الصحابة، في إشارة صريحة إلى مسلسل quot;الحسن والحسينquot;، الذي من المنتظر عرضه خلال شهر رمضان على أكثر من فضائية عربية..
وأكّد الشيخ على عبد الباقي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية quot;أن فتوى الأزهر الشهيرة التي أصدرها مجمع البحوث الإسلامية برفض تجسيد الرسل والأنبياء وآل البيت والعشرة المبشرين بالجنة في الأعمال الفنية لا تزال سارية المفعول، ولم ولن تتغيّرquot;. وأضاف: إنه إن صحّ الحديث عن عرض مسلسل للإمامين الحسن والحسين، فإن المجمع سيتقدم بطلب لوقف عرض المسلسل لدى الجهات المسؤولة، بل قد يتم مقاضاة تلك القنوات، مشيرًا إلى أن مجمع البحوث هو الهيئة الدينية العليا في العالم الإسلامي، ويجب أن تحترم آراؤه وتطبّق.
يشار إلى أن مسلسل quot;الحسن والحسينquot; هو إنتاج مشترك بين دول عربية عدة، تتقدمها سوريا، ويتم فيه تجسيد شخصيات عدد من الصحابة وآل البيت، وقد حصل على إجازة بالفتوى من كبار علماء العالم الإسلامي في عدد من الدول الإسلامية، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العام للعلماء المسلمين في العالم، والداعية الشهير الشيخ سلمان العودة.
وتدور أحداث المسلسل في فترة ما بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان مرورا بتولي الإمام علي ثم استشهاده وتولي الحسن واستشهاده وتولي معاوية وتولي ابنه يزيد وحتى استشهاد الحسين في كربلاء. كما يتناول المسلسل أحداث معركتي الجمل وصفين.
ويشارك في بطولة العمل عدد كبير من فناني الدول العربية منهم رشيد عساف الذي يقوم بدور معاوية بن أبي سفيان وعلاء القاسم في دور عبد الله بن الزبير ورامي وهبة في دور يزيد بن معاوية وتاج حيدر في دور زينب بنت علي بن أبي طالب وطلعت حمدي في دور الزبير بن العوام ومحمد آل رشي في دور قتيبة وعبد الله بهمش في دور زيد بن عمر بن الخطاب .. اضافة الى خالد مغويري في دور الحسن ومحمد المجالي في دور الحسين وزناتي قدسية في دور عدي بن حاتم الطائي وفتحي الهداوي في دور حرقوص بن زهير السعدي وعبدالرحمن أبو القاسم في دور أبو هريرة.
توسع الفساد وانحراف الشباب .. وحلول رمضان
في جانب اخ،ر اكد ممثل السيستاني الشيخ الكربلائي أن مشكلة الفساد في العراق أصبحت مشكلة محيّرة وعجيبة وغريبة، فمن جهة هناك مطالبات كثيرة بمعالجة الفساد، ولكن من جهة أخرى quot;فإن منافذ الفساد المالي تتسع يوماً بعد يوم، والمفسدون يكثرون يومًا بعد آخرquot;.
وشدد على ضرورة الحفاظ على حرمة رمضان ومنع الاجهار بالإفطار، خصوصاً في المدن المقدسة، فإنها أولى من غيرها بمراعاة هذه الحرمة .. وقال ان هذه التوصيات عامة إلى الجميع، وتشمل أصحاب محال الأطعمة والمشروبات وعموم المواطنين من المسافرين، ومن له العذر في الإفطار. يأتي ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن التجاهر بالإفطار من الأمور المنكرة والمحرمة.
وطالب الحكومات المحلية والمركزية والآباء والأمهات والمؤسسات التربوية بضرورة الانتباه إلى مخاطر انجرار الشباب إلى الفساد الأخلاقي . وقال quot;لقد كثرت في الفترة الأخيرة وتنوعت أساليب ووسائل جرِّ الشباب إلى الفساد، ومنه ما نراه من انتشار ظاهرة التدخين بالنارجيلة في الكثير من المقاهي واستغلال أصحاب النفوس الضعيفة الذين يريدون الإثراء على حساب صحة وأخلاق الشباب وذلك بوضع المخدرات في التبغ المستخدم فيها.
وشدد على ضرورة تكثيف الإجراءات لمنع انزلاق الشباب في مهاوي الفساد بقوله quot;حتى الدول الغربية وغيرها بدأت تضع تعليمات وضوابط مشددّة لمنع استعمال التبوغ والتدخين، بينما نرى في العراق أن هذه العادة بدأت تنتشر وتتسع وتتعدد أساليبها، وهي من اخطر أنواع التدخين ضرراً على الإنسان، لذلك نلفت نظر الجميع إلى الحذر واليقظة من مخاطر هذه الأساليب، وخصوصاً انتشار هذه الظاهرةquot;.
في جانب آخر، أكد الكربلائي أن من الأزمات الخطرة التي يمر بها العراق وتحتاج وضع خطط لمعالجتها أزمة السكن وظاهرة اتساع أحياء التجاوز وانتشار بيوت الطين والصفيح والتي تعكس حجم المعاناة لطبقات واسعة من أبناء الشعب العراقي.
وأوضح أن هناك الكثير من المواطنين ممن اضطرتهم ظروف عدم توافر السكن وصعوبة تحصيل مسكن حتى بالإيجار، بسبب ارتفاع بدلات الإيجار، التي وصلت إلى حدود من الاتساع لم تصل إليها حتى دول الجوار .. هؤلاء يشكون من حيرتهم وصعوبة حصولهم على سكن مناسب لهم في وقت تطالبهم الحكومات المحلية برفع تجاوزاتهم.
التعليقات