جدة: يعرب محللون عن اعتقادهم بان محاكمة عشرات الاشخاص في قضايا ارهاب في السعودية خلال جلسات علنية واتباع اجراءات قانونية بحق المتهمين تسلط الضوء على الدور المتنامي للجهاز القضائي في المملكة.

وقال المحلل يحيى الامير لوكالة الأنباء الفرنسية إن quot;المحاكمات توضح ان النظام القضائي يعيش اكثر مراحله ازدهارا وانعتاقا في الوقت ذاته من سيطرة الرؤية الفقهية الضيقةquot;. واضاف quot;انه حضور الرؤية القانونية الواعية التي تتخذ من الفقه احد دعائمهاquot;، مشددا على ان هذا الامر يشكل quot;جزءا من التحولات الكبرى التي يعيشها القضاء والعدل في المملكةquot;.

وبدات اواخر الشهر الماضي في جدة محاكمة 85 متهما في قضية تفجير ثلاثة مجمعات سكنية في احياء غرناطة واشبيلية وفينيل في الرياض في ايار/مايو 2003 ادت الى مقتل 35 شخصا بينهم تسعة اميركيين، واصابة العشرات بينهم اطفال ونساء.

وهؤلاء متهمون بالتخطيط لتفجير quot;قاعدتين لسلاح الجو ومجمعات سكن وشركة ارامكوquot;. كما بدأت المحكمة امس الاحد النظر في قضية quot;سيدة القاعدةquot; وهي اول سعودية تحاكم في قضية ارهاب بتهم quot;ايواء مطلوبينquot; وquot;الخروح لمواطن الفتن والقتال دون اذن ولي الامرquot;.

وكان الرجل الثاني في quot;قاعدة الجهاد في جزيرة العربquot; سعيد الشهري دعا مطلع حزيران/يونيو 2010 الى خطف الامراء والوزراء والمسيحيين في السعودية ردا على اعتقال هيلة القصير في بريدة، كبرى مدن منطقة القصيم شمال الرياض.

بدوره، قال عبدالعزيز الصقر رئيس مركز الخليج للابحاث quot;هناك تأييد شعبي للمحاكمات مع مراعاة جميع الاجراءات القانونية واستيفاء متطلبات الشرع الاسلامي (...) فهي ليست ذات طابع سياسي بل تقوم بمحاسبة المتهم على جرائمهquot;.

واضاف لوكالة فرانس برس quot;انها ليست محاكم عسكرية او عرفية تعمل خارج الاطار القانونيquot;. وتابع ان quot;الدولة لا تجد مبررا للمحاكمات السرية كما انها ترغب في نشر الوعي الشعبي بوجوب مكافحة نشاطات الارهابيين عبر محاكمات علنية تكشف تفاصيل وبشاعة جرائمهمquot;.

من جهته، قال المستشار القانوني عمر الخولي لفرانس برس ان quot;تمكين المتهمين من تعيين محامين او قيام الدولة بتوفير ذلك لهم ظاهرة ايجابية نامل ان تستمر، كما ان علانية الجلسات خطوة جيده ونقطة مضيئة نرجو ان تعمم على كافة المحاكمات الجنائيةquot;.

وخلافا للسابق بشان محاكمات الارهابيين في السعودية، فقد سمحت السلطات لوسائل الاعلام حضور الجلسات العلنية ضد المتهمين الذين طلب بعضهم بمنع علانية الجلسات والاعلاميين. وبين المتهمين اعضاء في هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، واربعة رجال امن فضلا عن موظفين حكوميين في التربية والتعليم.

وكانت هيئة التحقيق والادعاء العام اعلنت مطلع نيسان/ابريل الماضي ان 5080 شخصا صدرت احكام بحقهم او تتم محاكمتهم او التحقيق معهم حاليا بتهم تتعلق بالارهاب. واكدت ان quot;اجمالي الذين تم احالتهم الى المحكمة المختصة حتى تاريخه بلغ 2215 متهماquot;، موضحا انه quot;صدرت احكام بحق 1612 منهم في حين تنظر المحكمة الجزائية المتخصصة حاليا قضايا تشمل 603 متهمينquot;.

واكد الصقر ان quot;الارهاب لم يعد يتمتع باي تأييد او تبرير مقبول في المجتمع السعودي وامسى من الاعمال المنبوذة بشكل قطعي. لذا نجد المتهم يحاول انكار تهمة الارهاب وتقديم تبريرات اخرى لنشاطاته غير القانونيةquot;.

وتابع ان quot;الحكومة تعاملت مع ظاهرة الجرائم الارهابية بوسائل ثلاث (...) اولها امنيا حيث حققت نجاحات كبيرة، وثانيها فتح ابواب التوبة والعفو وتأسيس برامج اعاده التأهيل ضمن برنامج المناصحة والاصلاح، وثالثها تاسيس المحكمة المتخصصةquot;.

واطلق برنامج المناصحة لاعادة التأهيل ودمج اصحاب الفكر المتطرف في المجتمع عبر التركيز على الجوانب الفقهية النافية لفكر القاعدة المتطرف. وهو يتضمن احاطة متابعيه بعناية اجتماعية مركزة تستمر بعد انتهائه فضلا عن تزويج المستفيدين منه.

واوضح الصقر ان السلطات قامت اواخر 2008 بتأسيس quot;المحكمة الجزائية المختصة بقضايا الارهاب وامن الدولة للتعامل مع العناصر التي ارتكبت جرائم ارهابية كبيرة ورفضت فرصة التوبة والاصلاحquot;. وتحاكم المحكمة المتخصصة ايضا quot;تنظيما سرياquot; يضم 16 شخصا بينهم اكاديميون سعوا للاستيلاء على السلطة في المملكة quot;عبر الاستعانة باطراف خارجية والتعاون مع اجهزة استخبارات اجنبية وتمويل الارهابquot;.